السيميائية السردية في ظل سيمياء العواطف
م.د زهراء عبد الحميد غالي
تدرس السيميائية السردية النص الأدبي على أنه علامة؛ لأنها تنظر إلى النصوص الأدبية بعدّها نسقاً من العلامات منغلقاً على نفسه، ولا يشير إلى الواقع الذي ولد فيه، سواء أكان هذا الواقع اجتماعيا أم كان وجوداً إنسانيا، وتفسير هذه النظرة يعود إلى أن السيميائية تنظر إلى النصوص الأدبية على أنها تجربة واحدة، مفصولة عن المحيط الذي تظهر فيه، فتفترض شبكة من الأنساق المتداخلة، المتألفة من ظواهر مجموعة في كلية الأنساق، التي تتداخل وتتعارض وتتعاضد في موضع، وتتباعد في موضع آخر، لذا تعتمد السيميائية السردية على مبدأ الاختلاف والتقابل، القائم بين الدوال، فالوحدات الدالة لمضمون النص لا تتحدد بماهيتها إنما بعلاقاتها التقابلية التي تنتظم معها في النص، والتي تصنف وترتب على وفق مستويات ومتواليات تمكّن المتلقي من تتبع مراحل أنتاج الملفوظ على وفق نسق متكامل في المعنى، فانطلقت النظرية السيميائية السردية من الأسئلة الموضوعة حول المعنى، وكيف يمكن وصفه، وهل يمكن الإمساك به؟ لو افترضنا أن المعنى عنصر مشترك بين الألسن، وهو افتراض مردود، لأن كل لسان يتخذ هيكلاً خاصا به، فالمعنى من وجهة نظر هيمسليف هو وجود مبدأ كلي للتشابه، أما عنصر المعنى، فلا هيكل له ؛ لذلك يصعب معرفته، لأن شرط المعرفة هو تحليلها مهما كانت طبيعتها، فلا يمكن التعرف على المعنى إلا من خلال تشكيله في النص الذي من دونه لا يكون له وجود فعلي، ولهذا نجد أن غريماس(( راح يوسع النطاق في العمل من أجل الوصول إلى معرفة كلية شاملة للتصرف البشري ))، فتعددت المفاهيم داخل النظرية، وتوسعت ما بين السيميائية، ودراسة المعنى، والبحث عن الانفعالات داخل العواطف الإنسانية، واستخراج الدلالات التي توحي بها.
وعمل غريماس لم ينحصر في البحث عن المعنى فحسب، إنما تعداه إلى تجاوز المتن المستهدف في التحليل، حيث لم ينحصر في الخطابات اللفظية، وإنما امتد ليشمل الوقائع والأنساق الدالة التي تنتجها الممارسة الإنسانية، وهذا تطلب الانفتاح على الدراسات اللسانية وغير اللسانية، فانطوت تحته الصيغة، القيمة، العامل، الكفاءة، الأداء، البنية، الحالة، الملفوظ، التشاكل، المحور الدلالي، الخطاطة السردية، البرنامج السردي، المسار الملفوظ، المسار الصوري، مفهومي: التفضية والتزمين، المربع السيميائي، تصييغ العواطف، وغيرها من المفاهيم.