الشريف الرضي شاعر أهل البيت وسادن مكة
م .م محمد عاجل عطيه
كلية التربية للعوم الانسانية , جامعة كربلاء, العراق , كربلاء المقدسة
mohammed.ajel@uokerbala.edu.iq      07757044172
بين النسب والعبقرية  
الشريف الرضي (970–1015م)، واسمه الكامل محمد بن الحسين الموسوي ، هو أحد أعلام الأدب العربي والإسلامي في العصر العباسي. جمع بين نسبٍ شريفٍ ينتهي إلى الإمام موسى الكاظم (ع)، وموهبةٍ شعريةٍ فذةٍ جعلته من كبار شعراء العربية. لكنه لم يكن شاعرًا فحسب، بل كان أيضًا سادنًا لمكة (نقيب الأشراف)، مسؤولًا عن شؤون آل البيت وقضاياهم، مما جعله شخصيةً تجمع بين السلطة الروحية والأدبية.
النشأة والعلم في رحاب بيت العلم والسيادة  
وُلد الرضي في بغداد، ونشأ في بيتٍ عريقٍ من بيوت العلم والوجاهة. كان أبوه الشريف المرتضى عالمًا كبيرًا، وأمه من أسرةٍ علميةٍ معروفة. تلقى تعليمه على يد أبرز شيوخ عصره، فأتقن الفقه والأدب واللغة، وبرع في الشعر منذ صغره. تولى منصب نقيب الأشراف في بغداد وهو في العشرينيات من عمره، مما منحه مكانةً سياسيةً ودينيةً رفيعة.
شاعر أهل البيت صوتٌ يرفض الانكسار 
تميَّز شعر الرضي بالولاء العميق لآل البيت، حيث حوَّل قصائده إلى منابرَ للدفاع عن مظلوميتهم وإبراز فضائلهم. يقول في رثاء الإمام الحسين (ع):  
“أَبَكَتْكَ يَا حُسَيْنُ الْقُلُوبُ السَّوَالِفُ  وَبَكَاكَ الْحَزِينُ وَالْعَــيْــنُ الْعَــوَارِفُ”
كما نظم قصائدَ في مدح الإمام علي (ع)، مُستلهمًا خطبه في نهج البلاغة (الذي يُنسب جمعه لأخيه المرتضى)، مما جعل شعره مرآةً لعقيدة الشيعة وأحلامهم في زمنٍ كانت السلطة العباسية تحاول طمس صوت آل البيت عليهم السلام.
سادن مكة بين السياسة والرسالة 
إلى جانب شعره، تولى الرضي منصب نقيب الأشراف في مكة، الذي كان يُشرف على شؤون الحجيج وينظِّم أمور آل البيت. في هذا الدور، واجه تحدياتٍ كبيرةً، منها الصراعات بين الفرق الإسلامية على النفوذ في الحرم. ومحاولات بعض الحُكَّام تدنيس قدسية مكة لأغراض سياسية. وحماية حقوق السادة من آل البيت في ظل نظامٍ قبليٍّ معقد. كان يرى في منصبه رسالةً دينيةً، فلم يتردد في نقد انحرافات الحكام، كما في قصيدته التي هاجم فيها الوزير ابن الفرات:  
“وَزِيرٌ لَا يُــرَجَّــى لِلْــمَــعَــالِــي  وَلَــكِــنْ يُــرْتَجَــى لِــلْــمَــالِ”
إرثه جسر بين الأدب والعقيدة  
ترك الشريف الرضي إرثًا أدبيًّا ودينيًّا ضخمًا، منه:  
  1. ديوان شعر: يزيد على 10 آلاف بيت، يجمع بين البلاغة والعمق العقدي.  
  2. خصائص الأئمة: كتابٌ يُبرز فضائل أئمة أهل البيت.  
  3. مجازات القرآن: دراسةٌ بلاغيةٌ في إعجاز القرآن.  
كما يُنسب إليه جمع أجزاء من نهج البلاغة، الذي حفظ خطب الإمام علي (ع) وحكمه، مما جعله أحد أهم الكتب في التراث الإسلامي رغم مرور ألف عام على وفاته، بقي الشريف الرضي رمزًا للأدب الملتزم بقضايا المظلومين. لقد حوَّل الشعر من مديح الحُكَّام إلى سلاحٍ للدفاع عن العدالة، ومنبرًا لإحياء مبادئ آل البيت. وكما قال عنه المؤرخ ابن خلكان: «كان فريدًا في عصره، جمع بين شرف النسب وشرف الأدب».
المراجع  
  1. ديوان الشريف الرضي.  
  2. ابن خلكان، وفيات الأعيان.  
  3. أحمد أمين، ضحى الإسلام.  
  4. محسن الأمين، أعيان الشيعة.  
  5. خليل إبراهيم حسين، الشريف الرضي: حياته وشعره. 

شارك هذا الموضوع: