قبل الخوض في شعر التفعيلة ومن هم رواده لا بد ان نجد اجابة للتساؤل التالي
ما الغرض الذي ساهم في نشوء شعر التفعيلة قبل نازل الملائكة والسياب ؟
للإجابة عن هذا السؤال
ان البند من ابداعات أبي معتوق الحويزي اذ يعد البنية الاولى للشعر الحر وذلك باعتراف غير مباشر من قبل نازك الملائكة في كتابها ” قضايا الشعر المعاصر ) وبذلك نستطيع القول بان محافظة خوزستنان هي مهد الشعر العربي الحر في العالم ()
اما عن علاقة البند بالشعر الحر يقول الاستاذ الدكتور محمد حسن علي في دراسة حول شعر البند وعلاقته مع الشعر الحر : ” فالشعر الحر الذي قيل انه اكتشف لأول مرة من الرواد الاوائل وهم نازك الملائكة أو السياب او غيرهما هو ( شعر البند نفسه ) تماما باعتماده التفعيلة بدل الشطرين وبقوافيه المتعددة غير الملتزمة للشاعر بحوره الصافية , عند مناقشتنا للسيدة نازك الملائكة وهي الرائدة في مجال حركة الشعر الحر تبين لنا انها لم تنبه الى صفاء البحور التي جاء على وزنها البند الكامل وهو الاساس في وزن البند , لان المبدع لهذا الفن جاء ببنوده على هذا الوزن وهو بحر ( الرمل ) فهي كانت تعتقد بالمزج بين هذين البحرين ومن خلال الدراسة حول العلاقة ما بين البند والشعر الحر في المواضيع التالية علي سبيل المثال :
اولا : عروض البند والشعر الحر : من خلال الدراسة التي طرقت اذ تم مناقشة اراء البعض من الباحثين في عروض البند العربي ومن لم شان في هذا النوع من الشعر كنازك الملائكة وعبدالكريم الدجيلي , ومصطفى جمال الدين والتقطيع الذي قمناه به لكافة بنود الشاعر ابي معتوق الحويزي وجدنا ان البند ياتي على هذه الاوزان الثلاثة وهي ( الرمل الصافي , الهزج الصافي , الهزج الصافي والممزوج من البحرين )
الرمل الصافي:
رمل الابحر ترويه الثقات فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
الهزج الصافي : يعتقد الكثير من اصحاب الراي في الشعر الحر وعلى راسهم السيدة نازك الملائكة والسيد احمد الهاشمي والاستاذ عبد الكريم الدجيلي الذي يعتقد بوجود اشارة الى السبب الزائد في اول كل بند بقوله : ” ومن خلال تتبعي وجدت في اول كل بند على الاكثر يأتي ناظمه ومنشئه بزيادة سبب او وتد ولا اعلم السبب في هذه الزيادة فهل هي من مستلزمات النغم والايقاع وكل ما اعرفه ان ارباب البنود جروا على هذه الزيادة ” الدجيلي 30
الممزوج من البحرين : انفردت بهذا الراي نازك الملائكة بقولها في الاندماج بين بحري الهزج والرمل في البند العربي ” وحقيقة الامر ابن البند خلافا للشعر العربي كله يستعمل بحرين اثنين من بحور الشعر يجمع بينهما ويكرر الانتقال من احدهما الى الاخر عبر القصيدة كلها والبحران الوحيدان المستعملان فيه هما الهزج والرمل ” نازك الملائكة 173
التقارب الشكلي بين البند والشعر الحر:
اضافة الى التقارب العروضي بين البند والشعر الحر هناك تقارب ملفت للنظر في الشكل الهيكل الذي يكتب فيه الشعر الحر وهو على شكل اشطر وسطور فلو كتبنا شعر البند على شكل قصيدة التفعيلة المتعارف عليها اليوم ومنذ ان كتبت اولى قصائدة على يد نازك الملائكة وبدر شاكر السياب لرينا مدى هذا التشابة القريب
ومن هنا يعرف صاحب ” المعجم المفصل في علم العروض والقافية ووزن الشعر البند بانه : ” فن شعري قائم بذاته واقرب الى الشعر من الشعر الحر او النثر الايقاعي والجامع بين الشعر الحر وشعر البند هو اقامتها على اساس التفعيلة دون الشطر ”
وهذا بند من بنود السيد ابي معتوق الحويزي نكتبه على شكل قصيدة التفعيلة :
أيها الراقد في الظلمة نبه طرف الكفرة
من رقدة ذي الغفلة
وانظر اثر القدرة
وأجل غسق الحيرة
في فجر سنا الخبرة
وان الفلك الأطلس والعرش
في ذا الصنع المتقن والسبع السماوات
ففي ذلك آيات هدي تكشف عن صحة اثبات
اله كشفت قدرته عن غرر الصبح
على نحر ضياه
وهذه قصيدة السياب
اتبعيني
اتبعيني
فالضحى رانت به الذكرى على شط بعيد
حالم الأغواء بالنجم الوحيد
وشراع يتوارى واتبعيني
همسة في الزرقة الوسني وظل
من جناح يضمحل
في بقايا من سكون
في سكون
ونخلص بالقول : لقد ذكر الباحثون بان ابن معتوق الحويزي هو اهوازي المولد والنشأة وان البند هو من ابداعاته وهو أول من كتب هذا النوع من الشعر ومن خلال مناقشتنا لاراء الباحثين في البند والشعر الحر توصلنا الى ان البند أساس الشعر الحر وذلك من خلال مناقشة الاراء المطروحة ومن خلال الدراسة الفنية لبنية البند العروضية من خلال التقطيع العروضي والمقارنة والتدقيق في بحور الشعر لهذا النوع بانه اللبنة الاولى للشعر الحر الذي ولد بعد ثلاثة قرون في المنطقة المحاذية لمهد هذا المولود الجديد في جنوب العراق .