ضحى علي فاضل 
قسم العلوم التربوية والنفسية 
تخصص علم النفس التربوي      
Dhuha Ali Fadhil Sultan 
                                  الصدمة النفسية
 
كانت الصدمة النفسية أول مفهوم فرويدي. وقد بنيت انطلاقاً من دراسات حول الهستيريا ” على صعيد نظري أعطى فرويد للعامل الصدمي في نطاسة الهستيريا كتب” يقول : من الوجهة النظرية تدل عامل حاسم، أكثر مما كان يظن ، في نطاسة ( طبابة ) الهستيريا
عندما نتناول مسألة الصدمة يجب أن نحدد منهجاً للعمل. وعند قراءة الكتابات التي تعود إليها، قد نضيع في سعة حقلها النظري وفي تنوع مظاهرها العيادية إلى درجة التساؤل العبثي حول ما إذا كان يوجد بين كل هذه العوامل منطق ما أو انسجام ،علائقي أو على الأقل، خيط هادٍ يؤمن نوعاً من التماسك. لأول وهلة يبدو التساؤل ملتبساً، لا رأس له ولا ذَنَب، فهو يخلو من نقط الارتكاز النظرية في حين أن العيادة تبدو غالبا واثقة ومفصحة جداً. وتتداخل عدة عوامل نحاول أن ننسب إليها المسؤولية عن تكون العرض فنتّهم أحياناً العمر فالمفاعيل المولدة للصدمة، تتزايد خطورتها كلما كان العمر متدنياً مبكراً. ويشار أحياناً إلى طبيعة الصدمة : هل يتعلق الأمر بصدمة جنسية أم بصدمة لها تأثير على الوظيفة الحيوية لدى المريض أو لدى قريب له ؟ وللظروف وللأجواء دوراً أيضاً تلعبه : هل الحقبة حقبة سلام أم حقبة حرب لأن الإطار الذي يجري فيه الحدث الصدمي حاسم تماماً)؟ ويدخل في اللعبة أيضاً تكوين المريض : هل بنيته سبقت أن تزعزعت بفعل اضطرابات عصابية أم إنه شخص سليم سوي لم يسبق له أن
تعرض لعصاب؟
في كل الأحوال تولد الصدمة، حسب فرويد، حالة من الحرمان  ” وهكذا يصبح الحرمان ونقص الرضى الحقيقي، الشرط الأول في تولد العصاب، وإن لم يشكلا الأسباب الوحيدة ” (1). يموضع لاكان الأثر الصدمي عند مستوى الواقعي بفعل الحرمان الذي يعارض مبدأ اللذة. وعلى هذا فإن الرضيع الذي يفتقد النهد (البزّ) يهلوس. ولكن هذا الواقع لا يمكن أن يعادل تصوره. إن الواقع يبدو غير قابل للإحاطة، ويقف سداً في وجه مبدأ اللذة من هنا الحاجة إلى الوظيفة الرمزية – التي تستعمل لتعيين فقدان هذا الشيء – تتيح للمريض أن يعمل وأن يشتغل. وذلك تحت طائلة أن انتظار هذا الواقع – في بعض الحالات الخطيرة ـ انتظاراً لا نهاية له. ومع ذلك من الصعب التأكيد بأن الحرمان الذي تسببه الصدمة هو شرط كاف لإطلاق العصاب. إذ بالفعل إذا سنحت الفرصة فيما بعد تعويض الشيء الذي فات أو نقص، فإن المريض يبقى مع ذلك عصابياً. 
فالصدمة حين تفاجيء المريض في هوامه، تخلق توقفاً في التاريخ، توقفاً يؤمن حماية بآن واحدٍ ضد تآكل الزمن وضد الرضى يحدث، نوعاً ما، وفي اللحظة ذاتها اصطداماً (Collision) بين الواقع الصدمي وبين الأنا (الذات) الكامن في الهوام. ولكي يكون للحدث أثر صدمي دائم، لا بد من توفر شرطين ضروريين من جهة أن تكون الذات قد فوجئت في اللحظة التي تظن فيها أنها متحصنة داخل هوامها ؛ ومن جهة أخرى أن يكون الواقع الذي يتسلل (Intrusion) قد أحدث تغييراً في العالم الخارجي وفي الواقع النفسي للذات، بحيث يولد حرماناً لا يمكن تفاديه.
فمثلاً لكي يتعافى (Se Structurer الطفل يحتاج  ليس فقط إلى العناية وإلى محبة والديه، بل إلى إمكانية التعبير عن حقده، وعن عدائيته الملازمة لهذه التبعية الأصيلة المنشئية : لا يمكن لأي علاقة حتى ولو كانت كاملة، أن تقدم للطفل الرضى والاكتفاء المتوقع هذه الحالة الواقعية تتحول تدريجياً إلى مطلب ،يمكن بدون تدخل الرمزي أن يصبح مميتاً وكاسحاً. ولكي يتجاوز الطفل هواماته المميتة ولكي لا يحتفظ إلا بالحنان والمحبة، يحتاج إلى الاطمئنان ويحتاج إلى أن يبقى ،أهله وهما مكان الحماية، أقوياء متينين ومقاومين وسالمين كالصخرة التي تتكسر عليها الأمواج الأكثر عنواً. قد يكره [الولد] أباه أو أمه، ولكنه بالمقابل لا ينتظر منهما إلا المحبة. ويريد أن يبقيا صامدين تجاه عدائه المميت.
                 ============================





الكتاب : الصدمة النفسية (أشكالها العيادية وأبعادها الوجودية)
المؤلف : البروفسور عدنان حب الله .
المترجم: علي محمود مقلد
الغلاف فارس غصوب
الناشر : دار الفارابي – بيروت – لبنان
ت: 301461(01) – فاكس : 307775(01) ص.ب : 11/3181 – الرمز البريدي: 11072130
e-mail: farabi@inco.com.lb
منشورات آنیب ANEP
05 شارع خزناجي – الأبيار – الجزائر الهاتف : 920976 21 213
الفاكس: 920977 21 213
e-mail: editionanep@yahoo.fr
الطبعة الأولى 2006
9953-71-028-7 :ISBN: – لبنان
9947-21-081-2 :ISBN: – الجزائر
Dépôt – légal: 84-2004
Cجميع الحقوق محفوظة
حقوق الطبعة الفرنسية
© Hachette Litératures, paris 1998
ISBN: 2-0123-5465-3
Ouvrage publié avec le concours du Ministère français chargé de la culture – Centre National du Livre.
تباع النسخة الكترونياً على موقع
www.arabicebook.com

شارك هذا الموضوع: