الصراع بين الفلسطينين والعبرانيين                             
م.م زينب حمود كزار
جامعة كربلاء-كلية التربية للعلوم الانسانية –قسم التاريخ
 
 عندما اسس داود مملكة اسرائيل في بداية القرن العاشر قبل الميلاد نقل العاصمة من ( اشكيم ) الى ( اورشليم ) التي استولى عليها اليبوسيين واعتمد جبل صهيون بدل جبل جرزيم , وهذا مخالف لتعاليم التوراة لانها تؤكد على قدسية جبل جرزيم , وبعد موته تولى ابنه رحب عام والذي رفض تخفيض الضرائب لبناء الهيكل لذا اعلن 10 من الاسباط انفصالهم وشكلوا اسرائيل الشمالية وعاصمتهم اشكيم والتي اصبحت السامرة , وبقي يهوذا وبنيامين في اورشليم .
   كما إن اتجاه القبلة كان سببا في الصراع ، إذ يرى السامريون أن التوجه يجيب أن يكون إلى جبل جرزيم في نابلس قبلة الإباء ومكان الخيمة والتابوت، إما اليهود فأنهم يرون أن التوجه إلى القبلة يكون على جبل عيبال في أورشاليم قبلة داود وسليمان عليهما السلام ويؤكد السامرة أن التوراة السامرية تدل على أن جبل جرزيم هو القبلة واخرج زور بابل مدرجاً وادعى انه مدرج داود وبذلك كان الخلاف بين أبناء إسرائيل من السامرة ويهوذا.
 وكان طلب الرعي والخصب وتوفير المياه من اهم اسباب الصراع بين الاسرائيليين من جهة والكنعانيين ( الفلسطينين ) من جهة اخرى .
   وعندما هجم الفلسطينين على الاسرائيليين ,اختبى هؤلاء في المغارات والابار والصروح ,وبدأت الاحتكاكات ما بين الفلسطينين والاتحاد الاسرائيلي بالقرب من منابع يرقون (Yargona)  فقام ملكهم شاؤول (الذي يعد اول ملك لبني اسرائيل من سبط بنيامين) باعلان العصيان على المحتل للاراضي البنيامينية وطرد الفلسطينيون من جبل افرايم وبدأ بالهجوم من سوكو وحاول الصعود في وادي البطمة, لكن عدة الفلسطينين وعددهم كان كبيرا جدا حيث يقدر ب (6000) فارس وحوالي (30000) مركبة حيث قضوا على شاؤول في احد المعارك في جبل جلبوع وسقط اولاده الثلاثة ( يونثان – ابيناداب- ملكيشوع) والكثير من رجاله في ذلك اليوم وحكم بعده داود سنة 1004 ق .م وواصل الحرب ضد الفلسطينين وتمكن من اخضاعهم سنة 990 ق.م واجبرهم على دفع الخراج.
   وقد اشتهر داود بالتقوى والعمل بسنن الشريعة وقام باجتياح الممالك واصبحت مملكته تشمل كافة الاقطار الواقعة بين النيل والفرات, حيث اطلق اليهود على عصره ب ( العهد الذهبي) , كما تحالف مع الامارات الارامية التي تطوق الجبال الفلسطينية من الشرق والشمال وكذلك مملكة صور والفلسطينين الذين يسيطرون على سواحل فلسطين الجنوبية.
  ان اصرار العبرانيين على الحرب نابعة من معتقد ديني يكلفهم في تللك الحروب ،ومنها الاله يهوة المقدس الذي يطالبهم من طرد الغرباء في ارضه.
   ومن اسباب التنافس بينهما هي علاقتهم المتباينة مع المصريين, فبعضهم يوالي الفراعنة والبعض الاخر كان خصما لهم, فكل طرف يحاول الحصول على مكاسب سياسية واقتصادية على حساب الطرف الاخر, ويلاحظ ان الكنعانيين خضعوا في نفوذهم الى فراعنة مصر بينما بعضهم تحالف مع الحثيين
   عاش بنو اسرائيل مع اليبوسيين لانهم لم يتمكنوا من طردهم وسكن الكنعانيون مع سبط افرايم في منطقة الجازر, وكما جاء في  سفر يشوع وسفر القضاة باحتلالهم اورشليم وبقيت تحت الحكم الكنعاني 200 عام حتى احراقها على يد يشوع.
   بعد موت موسى امر الرب يشوع بن نون ، يستلم زمام القيادة فخيم يشوع في موقع الجلجال في تخم مدينة اريحا الشرقي وخاطب الشعب قائلا:
غدا تعلمون بنيكم قائلين:
على اليابسة عبر اسرائيل هذا الاردن,لان الرب الهكم قد يبس مياه الاردن امامكم حتى عبرتم
كما فعل الرب الهكم ببحر سوف الذي يبس من امامه حتى عبرنا.
   وطبقا للتوراة فان الرب امر يشوع ان يدور بجنوده حول اسوار المدينة في كل يوم مرة وفي اليوم السابع لدى اتمامهم سبعة دورات قام حملة الابواق بالنفخ فيها بصوت عظيم, يتبعهم جميع الشعب بهتافات مدوية فيسقط سور المدينة من تلقاء ذاته وتكون المدينة وكل ما فيها محرما للرب والتحريم في المصطلح التوراتي هو تقديم سكان المدينة المغلوبة قربانا للرب من ممتلكاتهم وكل نفس حية يملكونها .
  ولما سمع سكان جبعون القريبة من اريحا خافوا من مواجهة اسرائيل وصعد وفد منهم بخدعة الى يشوع بملابس ممزقة وطلبوا الامان لمدينتهم لكنه طلب منهم الخدمة لاسرائيل .
     وحسب المؤرخ (Garstang) الذي ادعى انه وجد التخريب والحرق الذي خلفه هجوم يشوع على اريحا .
     وكانت حركة يشوع الثانية نحو مدينة العي (حسب ما ذكر في سفر التكوين) واصبح اليهود بعد يشوع قضاة وانخرطوا في سياسة البلاد مما جعلهم بلا حضارة.
      كما انهم وبحسب العهد القديم دخلوا ارض العمونيين (وهم نسل بن عمي، بدو رحَّل وقد عاشوا في نطاق ما يعرف اليوم بإسم الأردن) ودحروا سيحون (ملك الأموريين حاول أن يمنع العبرانيين من المرور في أرضه وهم في طريقهم إلى أرض كنعان) ثم كسروا عوج (OG) ملك باشان وعاصمته اداري وعشترات.
   وبقيت المعارك ما بين الفلسطينين والعبرانيين زمنا طويلا , مما ادى الى استنجاد العبرانيين بالفرعون المصري وطلبوا المساعدة منه حيث كتب ( عبدي ) ملك اورشليم رسالة الى الفرعون ( اخناتون ) وجاء فيها:
الى الملك مولاي
هكذا يقول خادمك عبدي هيبة
انظر الى ما فعله ملكيلو وشوارداتا ( من قادة العبيرو) باراضي الملك
لقد دفعوا بقوات من جازر ومن جن ومن كيله
اخذوا ارض روبوتو وارض الملك صارت بيد العابيرو,ولم يستجب الفرعون لرسائل الحكام الكنعانيين التي استنجدت به, وهذا يدل على فقدان الهيمنة المصرية على الاراضي الكنعانية , حيث ان امراء كنعان وقفوا بصف ملوك الحثيين والاموريين وبالاخص ملك صيدا ( زمريدا) ,وخلال هذه الفترة كان الاموريين هم من يسيطر على بلاد الشام مما ادى الى انحسار النفوذ المصري, كما ان هناك رسائل عثر عليها في تل العمارنة بعثها حاكم القدس ( عبد حيبا ) يستنجد بالفرعون المصري من هجمات العبيرو .
تمكن يرب عام (وهو أول ملوك مملكة إسرائيل الشمالية المنشقة عن مملكة إسرائيل الموحدة) من الوصول الى مصر واستنجد بهم من اجل الثورة على بني اسرائيل .
 واعقب يرب عام ابنه ناداب (910 ق.م – 909 ق.م) والذي حاصر مدينة جبثون في سهل سارون الفلسطينية الذي تمرد عليه ضابط في جيشه اسمه بعشا وقتله وهذا يدل على عدم الاستقرار الذي عاشته اسرائيل الشمالية.
   دامت حياة الاسرائيليين حوالي قرنين من الزمن حتى قام الاشوريين بمهاجمتهم ومحوهم من الخارطة السياسية سنة 720 ق.م , بينما بقيت يهوذا ثلاثة قرون وزالت على يد نبوخذنصر البابلي سنة 587 ق.م.
    وقد ادى سقوط اورشليم وتدمير الهيكل الى تحول في تاريخ اليهود والشعب العبري وادى بالكثير منهم الى الهجرة والذهاب الى بابل.
    وكانت الحملات الاشورية تهدف الى ضرب التجمعات اليهودية وخاصة يهوذا السامرة وتفريقهم وتوزيعهم بالشرق الادنى.
   وكان لمعاهدة السلام بين العبرانيين وجيبون التي اغضبت مدن القدس حيث اجتمع حبرون ويرموث ولاغيش لمعاقبة جيبون.
    ومن اكثر الملوك الذين حاربوا الفلسطينيين هو الملك شاؤول حيث كان يعتبرهم الد اعدائه, وخاض ضدهم 3 معارك كبرى وبعض المعارك الصغيرة التي لم يتطرق لها العهد القديم بالتفصيل , وكان هدف شاؤول التخلص من الجيش الفلسطيني المنظم ,وكان يتبع حربا ضدهم اشبه ما تكون بحرب الشوارع فيهاجم ابنه بقوات صغيرة وبعدها يلتحق الاب بقوات كبيرة تسبب ارباكا للعدو.
    ومن المعارك المهمة بينهم تلك المعركة التي انتصر فيها داود على جالوت , فبالإضافة الى الايمان الذي كان يتمتع به داود متفوقا على خصمه بذلك , الا ان القصة لم تخلوا من الاضافات اللاهوتية التي اضافتها التوراة لتصور تفوق داود على جالوت, ودارت هذه الحرب في وادي ايلاه وهذا ما يفسر قيامها في هذه المنطقة لما يتمتع به الوادي من موقع جغرافي وستراتيجي ممتاز.
   ذهب شاول إلى معركته الأخيرة ضد الفلسطينيين في جبل جلبوع وكان يعلم بحسب التوراة أنه سيموت , وكان موقع المعركة على جبل جلبوع ,وبحسب المختصين فان هذا لا معنى له تاريخيا فلماذا ذهب كلا الجيشين بعيدا للقتال , وبناءا على ذلك فإن وضع المعركة يبدو خياليًا, حيث استطاع الفلسطينيين من قتل شاؤول وابنائه والانتصار بالمعركة.
   وبخسارة شاؤول للمعركة استولى الفلسطينيين على يزرعيل في الوادي ،وقسموا القبائل المركزية بنيامين وأفرايم في منسى والاسباط في الجليل , كما قطعوا الطرق الرئيسية التي تربط قبائل بني إسرائيل على الجانب الشرقي والغربي من نهر الأردن, كما سيطروا على الطرق التجارية بين مصر ووادي الرافدين, وبالنسبة للفوائد التي تحصل عليها الفلسطينيين من هذه الحروب يتبين لنا العدد الكبير من المعارك التي خاضها شاؤول ضدهم ولنفس الاغراض تقريبا.

شارك هذا الموضوع: