كاتب المقال محمد يوسف محمد عباس / طالب دكتوراه تاريخ الاسلامي
قسم التاريخ/ كلية التربية للعلوم الانسانية / جامعة كربلاء
(الطب لدى الفرنجة الصليبيين – دراسة من خلال كتاب الاعتبار لأسامة ابن منقذ (584ه/ 1188م),
من خلال قرائتنا واطلاعنا على كتاب الاعتبار لصاحبه أسامة بن منقذ المتوفي ( 584ه/ 1188م), وجدنا العديد من النصوص التاريخية التي تثبت كيف كان الطب لدى الفرنجة الصليبيين متخلفاً جداً اذا ما قورن بالطب عند المسلمين , وكان السبب في ذلك تزمت رجال الدين, اذ اعتبروا المرض نوعا من الجزاء او العقاب الالهي فلا يصح للإنسان ان يعالجه او يبرء منه , حتى اذ انتاب احدهم المرض فزع الى اقرب دير او كنيسة منتظر حدوث معجزة تشفيه , ويلاحظ ان فكرة المعجزات الشفائية وجدت لدى اذهان رجال الكنيسة , وهم في ذلك يعتمدون على نصوص الانجيل متي بشأن دعوة السيد المسيح للحوار بين شفاء الامراض , وتطهير المبرصين , واخراج الشياطين , وبناء على ذلك كان الطب خلال تلك المرحلة يرتبط ارتباطاً قوياً بالقديسين حتى بلغ الامر بهم كان هناك قديسين لحماة اعضاء جسد الانسان المختلفة , فكان القديس بلازيوس حامياً للحلق والرئة ,والقديس ايراموس حامياً للبطن , وكذلك تردونا لحماية العين, حتى اذ بلغ الامر عند احدهم حرم العلاج على المريض ” كان احد معاصري ابن منقذ يؤمن كثيراً بالمعجزات الشفائية ,لذلك حرم على رهبانه الذين كثيراً ما داهمهم المرض لرداءة الطقس وتغيير المناخ تناول العقاقير او الاتصال بالاطباء ” وبعد هذه المقدمة البسيطة التي بينت سبب تاخر الطب لدى الصليبيين
نجد هناك العديد من الروايات التاريخية التي تثبت تخلف الطب لدى الفرنج يذكر ابن منقذ عندما استدعي احد الاطباء الافرنجيين لمعالجة احد الفرسان الجرحى وعندما رأى حالته ” قال للفارس ايما لك ان تعيش برجل واحدة أو تموت برجلين. قال أعيش برجل واحدة. قال أحضروا لي فارساً قوياً وفأساً قاطعاً, حضر الفارس والفأس وأنا حاضر، فحط ساقه على قرمة خشب وقال للفارس أضرب رجله بالفأس ضرباً واحداً واقطعها. فضربه وأنا أراه ضربة واحداً ما انقطعت، فضربه ضربة ثانية فسال مخ الساق، ومات من ساعته “
وهناك حادثة اخرى مع النساء الفرنجيات التي اصيبت بداء فاستدعى لها بطبيب افرنجي وعندما ابصر المرأة قال لذويها ان في رأسها شيطان قد عشقها، احلقوا شعرها، فحلقوه ” فأخذ الموس وشق الرأس صليب وسلخ وسطه حتى ظهر عظم الرأس وحكه بالملح، فماتت من وقتها “ 0 ومن الروايات الاخرى التي تشير الى تخلف الطب عند الصليبيين كثيرا وتوجههم نحو رجال الدين لشفاء مرضاهم , مانقله ابن منقذ عن وليم بور حاكم طبرية اثناء مرافقته الامير معين الدين انر نائب مجير الدين ابق حاكم دمشق (534-549 ه/ 1139-1154م) في زيارة من عكا الى طبرية فحدثنا في الطريق قائلا: ” كان عندنا في بلادنا فارس كبير القدر فمرض واشرف على الموت، فجئنا إلى قس من قسوسنا قلنا تجيء معنا حتى تبصر الفارس فلاناً؟ قال: نعم. فمشا معنا ونحن نتحقق انه إذا حط يده عليه عوفي فلما رآه قال اعطوني شمعاً. فاحضرنا له قليل شمع، فلينه وعمله مثل عقد الإصبع، وعمل كل واحدة في جانب أنفه، فمات الفارس فقلنا له قد مات قال: نعم كان يتعذب سددت أنفه حتى يموت ويستريح “0
المصادر
أبن منقذ , أبو المظفر مؤيد الدولة الكناني الشيزري ( ت: 584هـ/ 1188م), الاعتبار, تح: فيليب حتي، مكتبة الثقافة الدينية، مصر, ص 136 -137
عاشور , المدنية الاسلامية واثرها في الحضارة الاوربية , ط 1 , دار النهضة العربية , القاهرة , 1963 م , ص 146
عوض , الحروب الصليبية دراسات تاريخية ونقدية, ط1 , دار الشروق , عمان , الاردن , 1999م , ص 112-113