عنوان المقالة
(الطلاق وأثره في المجتمع )
م.د حيدر محمد زغير الكًريطي
يعد الطلاق ظاهرة اجتماعية تنبع من المجتمع، وتنجم عن هذه الظاهرة علاقات اجتماعية غير سليمة ويترتب عليها أمور عدة أهمها تحطيم الزواج والأسرة والروابط الأساسية للمجتمع وهو ثمن للزواج غير المرغوب فيه ويعتبر النقيض التعيس للزواج، وهو ظاهرة اجتماعية قديمة عرفت منذ القدم منذ قيام المجتمع الإنساني الذي عرف الزواج من حيث كونه بداية تكوين الأسرة وعرف الطلاق من حيث كونه نهاية للحياة الزوجية غير الناضجة إذ يعد ملازماً للزواج وقد عرف العالم و مختلف الحضارات القديمة في جميع أطوارها هذه الظاهرة الاجتماعية حتى قبل أن تنزل الشرائع السماوية.
وتختلف أسباب الطلاق عند الشعوب البدائية فقد تكون أساسية بسيطة جد\ا وقد تكون معقدة في بعض الأحيان أو لا يعني أن نسبة عالية جدا لأن هناك بعض القيود والعوائق التي تحد من حدوثه كصداق المرأة والرأي العام والنظرة الاجتماعية المشجعة للزواج.
ولعل من أهم أسباب الطلاق عامة عند\ أغلب المجتمعات عقم الزوجة والإهمال وعدم قيامها بواجباتها بما هو ملائم وسوء طباعها وغيرها في حين نرى أن بعض المجتمعات تنظر الى الزواج على أنه عقد لا يمكن حله مهما كانت الظروف أي لا تسمح بالطلاق نهائياً ويعتبر الموت هو السبب الوحيد لنهاية الحياة الزوجية.
والطلاق هو  انفصال الزوج عن زوجته أو فصم الرباط الذي جمع بينهما على سنة الله ورسوله وهو انفصال عن أسباب صلاحه ونظام الفته وسكنه وما لم يكن بين الزوجين من الدوافع الجادة والخطيرة الموجبة للافتراق فالإقدام على فصم العروة التي جمعتهما أقدام العين بنواميس الكون ينافي لسنن الله في هيبة وإمضاء . فأمر الطلاق ليس على ما يفهمه عوام الناس بالأمر الهين بل أمر خطير اباحه الإسلام على كرامة حتى لا يغشاه أحد إلا لضرورة تضطره اليه، وفي ذلك يقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: (ابغض الحلال الى الله عز وجل الطلاق)، إذ أباح الإسلام الطلاق فسمح به بعد أن جعله مكروها وأباحه ليكون وسطاً بين الإفراط والتفريط وقد شرعه الله سبحانه وتعالى ليكون مخرجاً من ضيق الحياة الزوجية المضطربة لم تحقق الغرض المقصود من الزواج  الى حياة تتسم بالرحمة والمودة وحسن المعاشرة وقد ضيق الاسلام على الطلاق ولم يجعله ميسوراً وجعل هذه  الاباحة مبغوضة لكي يذكر الزوجين بواجباتهما نحو أولادها  واشعارهما بالمسؤولية الاجتماعية.
في ضوء ما تقدم فإننا نجد إن ظاهرة الطلاق هي ظاهرة سكانية مهمة ومن الضروري جداً  دراستها ويرجع السبب في ذلك الى حجم تزايدها من جانب إذ لو أخذنا عينة معينة من المجتمع كأن تكون ناحية الخيرات مثلاً كمنطقة جغرافية من العراق ضمن قضاء الهندية في محافظة كربلاء نجد إن حجم هذه الظاهرة في عام 2023  بلغ 64 حالة طلاق في حين ارتفعت الى 84 حالة طلاق في عام 2024، وهذه الزيادة لها أسبابها أيضاً وأثرها على المجتمع التي نؤكد على ضرورة الشروع بدراستها بشكل مكثف من حيث أسبابها وأثارها كون هذه الظاهرة كما أسلفنا لها أثار مرعبة من جانب أخر وهي مدمرة للمجتمع ومن هذه الاثار ما متعلق بالأطفال وما يصيبهم من عامل نفسي مما يخلق فرد غير سوي للمجتمع كذلك الاثار الجمة المترتبة على المرأة المطلقة نفسها، فضلاً عن أثره النفسي والمادي على الزوج. وفي ضوء ما تقدم سلطنا الضوء على هذه الظاهرة في هذا المقال كونه ظاهرة سكانية اجتماعية مهمة.

شارك هذا الموضوع: