العبيد في الولايات المتحدة واوضاعهم الاجتماعية  خلال الفترة الاستعمارية .
اعداد طالبة الدكتوراه/ قسم التاريخ 
اسماء حسن حسين السعدي  
بدأت الدول الأوروبية تجارة العبيد في أعقاب حركة الكشوف الجغرافية مباشرة، وجاءت دولة البرتغال في مقدمة الدول التي بدأت هذه التجارة المقيتة، تلك التجارة التي أوقفت نمو قارة أفريقيا الحضاري، وأفسدت نسيجها الاجتماعي وخلقت لدى شعوبها عقدة التدني، وأصبحت تجارة العبيد الأفارقة أمرا ذا أهمية كبيرة في بناء امبراطوريات الدول الاستعمارية وإنتاج الثروات التي فجرت الثورة الصناعية بها فيما بعد، وقد ارتبطت تجارة العبيد بحركة التجارة الثلاثية للبضائع والبشر بين أوروبا وغرب أفريقيا والأمريكيتين. 
اولا : قدوم العبيد الافارقة  الى المستعمرات البريطانية – الامريكية  : بدأ قدوم العبيد الأفارقة إلى المستعمرات البريطانية الأمريكية في أمريكا الشمالية حوالي عام ١٦١٩ ؛ حيث بلغ عددهم حوالي عشرين عبدا على متن إحدى السفن الهولندية، والذين وصلوا إلى ميناء ” بوينت كمفورت”  القريب من جيمس تاون عاصمة فرجينيا ، ومع انتهاء القرن السابع عشر الميلادي لاقت تجارة العبيد الأفارقة رواجا كبيرا سواء داخل أوروبا نفسها أو داخل مستعمراتها في العالم الجديد ؛ ووكانت بريطانيا قد بدأت تدخل تجارة العبيد الأفارقة منذ النصف الثاني من القرن السادس عشر الميلادي وجلبت بعض الأفارقة من غرب أفريقيا إلى المستعمرات الأمريكية  وبدأ البريطانيون في استيراد العبيد وإرسالهم إلى مستعمراتهم الأمريكية فعليا منذ عام ١٦٤٠ ؛ كذلك تأسست شركة إنجليزية أخرى عام ١٦٧٢ ، تحت مسمى ” الشركة الملكية الأفريقية لإنكلترا “، وكان لها حق احتكار التجارة على طول ساحل أفريقيا الغربي حتى رأس الرجاء الصالح لمدة ألف عام، كما جاء في ميثاق تأسيسها، وكل تلك المحاولات من الجانب البريطاني لتحسين أحوال التجارة البريطانية الأفريقية ومنافسة الشركات الهولندية، وبرغم ذلك استطاع التجار.
وبلغ عدد العبيد الأفارقة الذين تم نقلهم للأمريكتين في الخمسين عاما الأولى من القرن الثامن عشر الميلادي حوالي مائة ألف عبد، وكان يتم جلب العبيد من أنحاء القارة الأفريقية، إلا أن جلب العدد الأكبر منهم كان من الساحل الغربي للقارة، وخاصة من دلتا النيجر، الذين كانوا ضحايا الصراعات المفتعلة بين القبائل تلك الصراعات التي غذاها المستع مر الأوروبي لضمان استمرار تدفق العبيد نحو مجتمعه ومستعمراته.
ثانيا :الأوضاع الاجتماعية للعبيد الأفارقة في المجتمع الأمريكي: كان العبيد يساقون كالماشية مقيدين من أعناقهم بالحبال، ويتم تقسيمهم إلى مجموعات على كل مجموعة حارس بيده السوط، ويتم وصمهم بعلامة على أجسادهم، وقلما يتم تقديم الطعام لهم، ومن يصل منهم إلى الشاطئ يمكث في الحظائر إلى أن تصل السفن التي تنقلهم إلى المستعمرات البريطانية في أمريكا الشمالية، ويتم تكديس أكبر عدد منهم على سطح السفن الناقلة في ظروف صعبة من الجوع والقسوة التي لا توصف وفى أماكن ضيقة ويظل العبد في مساحة لا تتجاوز الستة أقدام طولا بعرض قدمين، كذلك لا يوجد أماكن يقضون فيها حوائجهم، وينامون في صفوف ممددة مغلولي الأيادي وكانت رحلة العبيد عبر المحيط الأطلنطي للأمريكيتين تأخذ حوالي 3 شهور بمسافة 5 آلاف ميل؛ وبسبب العوامل المناخية السيئة كان يموت من هؤلاء العبيد ما بين ۱۰-۲۰ ٪ من جملة عددهم، ولقد تنافس المهندسون البحريون في أوروبا في تصميم سفن تتسع لأكبر عدد ممكن من العبيد، وذلك للعمل على زيادة الأرباح الأوروبية من هذه التجارة  التي أغنت كثيرا من الأوروبيين والمجتمعات الأوروبية، وتركت المجتمعات الأفريقية تعاني الفقر والبوار والعوز ؛ لقد عانى العبيد معاناة كبيرة داخل المجتمع الأمريكي، إذ نجد على سبيل المثال أن ولاية فرجينيا قد حرصت كل الحرص على منع اختلاطهم بأفراد الأجناس البيضاء بمجرد وصول أول فوج منهم إلى أراضيها، وتعرض العبيد السود حتى الأحرار منهم إلى عقوبات مختلفة ومتنوعة، كالجلد والوشم بالكي، بل وصل الأمر إلى بيع وشراء هؤلاء السود إذا أراد سيدهم التخلص منهم ، وكأنه يمتلك قطيعا من الحيوانات  وكان عمل العبيد يبدأ في الساعة السادسة صباحا، وكانوا يخرجون في أفواج تحت إشراف شخص ما، يمسك في يده سوطا لحث العبيد على العمل حتى الساعة الثانية عشر ظهرا ؛ ولم يسمح بتعليم العبيد الديانة المسيحية؛ حيث قاوم ملاكهم إحدى الجمعيات التبشيرية التي أرادت تعليمهم المسيحية في أواخر القرن الثامن عشر، واضطهدوا المبشرين؛ لأنهم رأوا في تعاليم المسيحية خطرا عليهم ؛ لما فيها من أفكار عن الحقوق والحريات وغيرها ؛ ورغم ذلك تم تخصيص بعض مدارس الأحد لتعليم العبيد الأفارقة النذر اليسير من الكتابة من قبل أحد أفراد أسرة السيد مالك العبيد، وتبدو معاناتهم في تعلمهم الكتابة في ما يرويه.
  وعندما اندلعت حرب الاستقلال الامريكية عام 1775، رجا الكثير من العبيد نيل حريتهم بما أن كلمات مثل “الحرية” و “العدالة” وعبارات متعلقة “بوضع نهاية للقمع” كانت تستخدم عادة من قبل الأسياد البيض. خدم بعض العبيد السود في الجيش القاري بدل أسيادهم في مقابل حريتهم ولكن بانتهاء الحرب، كانت العبودية مازالت قائمة في المستعمرات.

شارك هذا الموضوع: