العتبات النصيّة
                     بقلم / م.د. أمينة ثعبان يوسف    
إن النص عملية بنائية متكاملة تترابط أجزاؤه بعضها مع بعضـها الآخر  ليعطي هذا الكل المتكامل،والعتبات جزء منه لها أهميتها، و وظائفها، ودلالاتها التي ترتبط مع دلالة النص.
     والعتبات ما هي إلا مداخل يســتطيع القارئ الإيـــجابي أن يـــتفـاعل معها في قراءته للبحث عن الغايات الجمالية والدلالية  التي تقدمها .
     ويقصد بالعتبات ” بنيات لغوية وأيقونية تتقدم المتون وتعقبها لتنتج خطابات واصفة لها تعرف بمضامينها وأشكالها وأجناسها،وتقنع القراء باقتنائها ” (1) فهي ” ملحقات وعناصر تحيط بالنص سواء من الداخل أم الخارج . وهي تتحدث مباشرة أو غير مباشرة عن النص،إذ تفسره وتضيء جوانبه الغامضة وتبعد التباساته وما أشكل على القارئ ”  (2)  من فهمه .
      وقد ذهب جينيت إلى تقسيم العتبات إلى :النص المحيط ويتضمن كل ما يتعلق بالمظهر الخارجي للكتاب من اسم الكاتب والعنوان والعنوان الفرعي والإهداء والاستهلال ، وصورة الغلاف وكلمة الناشر،والنص الفوقي وهو كل ما يتعلق بالكتاب وما اتصل به لكن من الخارج وهي الاستجوابات والمراسلات والتعليقات والمؤتمرات والندوات واللقاءات الصحفية (3).
والعتبات  لها  ” وظيفتان وظيفة جمالية تتمثل في تزيين الكتاب وتنميقه ووظيفة تداولية تكمن في استقطاب القارئ واستغوائه ” (4) .
وعلينا أن نبحث في العتبات عن البعد الوظيفي لأنها تقودنا ضمنيا إلى النص  فكل عتبة هي تتبع قصدية من ورائها وما هي إلا توابع للنص إذ تدعم وجوده سواء كان هذا الوجود جماليا أم إيديولوجيا  .
     و الاهتمام بالعتبات جاء عندما توسع مفهوم النص  بعد أن  ” تم الوعي والتقدم في التعرف على مختلف جزئياته وتفاصيله . ولقد أدّى  هذا إلى تبلور مفهوم التفاعل النصي وتحقق الإمساك  بمجمل  العلاقات  التي  تصل   النصوص بعضها ببعض ،التي صارت تحتل حيزا هاما في الفكر النقدي  المعاصر “(5) .
      إن العناية  بالعتبات ودراستها أخذ مكانته  في الدراسات الغربية الحديثة وقد أصبحت على يد جيرار جنيت أكثر منهجية وما وضعه تنظيرا وتطبيقا في  هذا المجال في كتاب عتبات إذ تناول أحد موضوعات الشعرية (المناص) إذ “انتقل من شعرية النص إلى شعرية المناص “(6) .
   و  أولت الدراسات فيما بعد الاهتمام بالعتبات وصار يعتنى ” بإبراز ما للعتبات من وظيفة في فهم خصوصية النص وتحديد جانب أساسي من مقاصده الدلالية، وهو اهتمام أضحى في الوقت الراهن،مصدرا لصياغة أسئلة دقيقة تعيد الاعتبار لهذه المحافل النصية المتنوعة الأنساق،وقوفا عند ما يميزها ويعين طرائق اشتغالها ” (7).
    وعليه فإن العتبات النصية أخذت مكانا مهما في قراءة النص وقد فتحت أفقا للقارئ للربط بينها وبين دلالة النص ومقاصد الكاتب .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عتبات النص في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر،يوسف الإدريسي،الدار العربية للعلوم ناشرون،لبنان،ط1،2015: 21.
(2) شعرية النص الموازي(عتبات النص الأدبي )،جميل حمداوي،دار نشر المعرفة ، المغرب، د.ط، 2014 : 11.
 (3) ينظر: عتبات (جيرار جينيت من النص إلى المناص )، عبد الحق بلعابد،الدار العربية للعلوم ناشرون،لبنان،ط1،2008: 49ـ 50 .
(4) شعرية النص الموازي (عتبات النص الأدبي): 14. 
(5) عتبات (جيرار جينيت من النص إلى المناص ): 14.
6) ) المصدر السابق: 28.
(7) عتبات النص البنية والدلالة،عبد الفتاح الحجمري،شركة الرابطة،الدار البيضاء،   ط1،1996 :7.
 

شارك هذا الموضوع: