مقالة بعنوان
(( العولمة والتنمية البشرية (مواصفات العولمة وتهديداتها)))
م.د حيدر محمد الكًريطي
 
إن العلومة ليست مجرد تدفق النقود والسلع بل هي تزايد الإعتماد المتبادل بين سكان العالم والعولمة هي عملية لا تدمج الاقتصاد فحسب بل تدمج أيضاً الثقافة والتكنلوجيا والحكم فالناس في كل مكان أصبحوا مرتبطين بعضهم البعض يتأثرون بأحداث تقع في أقصى أركان العالم.
والعولمة هذه تتيح فرصاً كثيرة لملايين من البشر في شتى أنحاء العالم وتزايد التجارة والتكنلوجيات الجديدة والاستثمارات الأجنبية وتوسع وسائط الإعلام وتزايد وصلات الأنترنيت وهي أمور تؤدي الى النمو الأقتصادي والتقدم البشري.
والأسواق العالمية والتكنلوجيا العالمية والأفكار العالمية والتضامن العالمي هي أمور يمكن أن تشتري حياة الناس في كل مكان موسعة اختياراتهم الى حد كبير ويشتري تزايد الاعتماد المتبادل بين حياة الناس وجود قيم مشتركة ووجود التزام مشترك بالتنمية البشرية كجميع الناس.
ولكن عولمة اليوم يدفعها توسع الأسواق – فتح الحدود الوطنية أمام التجارة ورأس المال فالمعلومات تفوق سرعتها سرعة حكم هذه الأسواق وعواقبها على الناس . فقد تحقق قدر من التقدم فيما يتعلق بقواعد ومعايير وسياسات ومؤسسات الأسواق العالمية المفتوحة أكبر مما تحقق من تقدم فيما يتعلق بالناس وحقوقهم ومن الضروري وجود التزام جديد بأخلاقيات (العالمية) الواردة في الأعلان العالمي لحقوق الإنسان. والأسواق التنافسية قد تكون أكبر ضمان لتحقيق الكفاءة ولكن ليس بضرورة تحقيق العدل والتحرير والخصخصة وقد يكونان في خطوة نحو الأسواق التنافسية ولكنهما ليش ضماناً لها. والأسواق ليست الكلمة الأولى ولا الكلمة الأخيرة فيما يتعلق بالتنمية البشرية  فثمة أنشطة وسلع كثيرة حيوية للتنمية البشرية يجري توفيرها خارج الأسواق لكن هذه الأنشطة والسلع تتقلص بفعل ضغوط المنافسة العالمية، وثمة ضغط مالي على السلع العامة وضغط زمني على أنشطة الرعاية وضغط حافزي على البيئة.
وعندما يصل السوق الى مدى بعيد للغاية في السيطرة على النتائج الاجتماعية والسياسية فإن فرص ومغانم العولمة تنتشر على نحو يفتقر الى المساواة والعدل بحيث تتركز القوة والثروة في مجموعة منتقاه من الناس والدول والشركات مع تهميش الأخرين. 
وفي ضوء ما تقدم فإن العولمة تخلق تهديدات جديدة للأمن البشري في البلدان الغنية والفقيرة على حدِ سواء. لقد كان من انجازات العقود الأخيرة زيادة أمن الناس في كثير من البلدان – مزيد من الحرية السياسية والأستقرار مثلاً في شيلي والسلم في أمريكا الوسطى وشوارع أكثر أماناً في الولايات المتحدة. لكن في عالم العولمة الذي يتسم بإنكماش الزمن وإنكماش المكان وإختفاء الحدود يواجه الناس تهديدات جديدة للأمن البشري.
تتمثل هذه التديدات في حدوث أضطرابات مفاجئة وضارة في نمط الحياة اليومية مومن أهمها:
  1. التقلب المالي وعدم الأمن الإقتصادي.
  2. إنعدام الأمن الوظيفي وإنعدام أمن الدخل.
  3. إنعدام الأمن الصحي.
  4. إنعدام الأمن الثقافي.
  5. إنعدام الأمن الشخصي.
  6. إنعدام الأمن البيئي.
  7. إنعدام الأمن السياسي والأمن المجتمعي.
وقد أضفت العولمة خصائص جديدة على الصراعات إذ يغذي هذه الصراعات الاتجار العالمي بالاسلحة الذي يشمل جهات فاعلة جديدة ويطمس المصالح السياسية ومصالح الأعمال ففي حالة فراغ القوة التي سادت في أعقاب الحرب الباردة بدأت شركات عسكرية وجيوش من المرتزقة تعرض على الحكومات والشركات خدماتها، وهذه الخدمات العسكرية المأجورة التي لا تخضع للمسائلة إلا عن جانب من يدفع إجورها تشكل تهديداً  خطيراً للأمن البشري.

شارك هذا الموضوع: