وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
جامعة كربلاء كلية التربية للعلوم الإنسانية  
        ماجستير تاريخ إسلامي





مقالة
الفيء
إعداد الطالب
علاء محمد غانم







1446 هـ                                                                                                                                                      2025 
الفيء لغة واصطلاحاً : والفيء: الغنيمة، والفعل منه أفاء، قال عز وجل : ﴿ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ﴾(). والفيء: الرّجوع، تقول: إنّ فلاناً لسريعُ الفيء عن غضبه. وإذا آلى الرُّجل من امرأته ثمّ كفّر يمينه ورجع إليها قيل: فاء يفيء فيئاً. والمَفْيُوءةُ هي المقنوءة، من الفيء().
  والفَيْءُ: الغَنِيمةُ، والخَراجُ. تَقُولُ مِنْهُ: أَفاءَ اللهُ عَلَى المُسْلِمينَ مالَ الكُفَّارِ يُفِيءُ إِفاءَةً. وَقَدْ تكرَّر فِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ الفَيْءِ عَلَى اخْتِلاف تَصرُّفِه، وَهُوَ مَا حَصل لِلمُسلِمينَ مِنْ أَموالِ الكُفَّار مِنْ غَيْرِ حَرْب وَلَا جِهادٍ. وأَصْلُ الفَيْءِ: الرُجوعُ، كأَنه كانَ فِي الأَصْل لَهُمْ فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ، وَمِنْهُ قِيل للظِّلِّ الَّذِي يَكُونُ بعدَ الزوالِ فَيْءٌ لأَنه يَرْجِعُ مِنْ جانِب الغَرْب إِلَى جَانِبِ الشَّرْق()
    الفيئ مأخوذ من فاء يفي. إذا رجع ، وهو كل مال وصل من المشركين للمسلمين عفواً من غير قتال ، ولا بإيجاف()خيل ولا ركاب ؛ فهو كمال الهدنة والجزية والخراج ()
   أقسام الفيء: ويقسم أيضاً خمسة أخماس، ويكون خمسها الأول مقسوماً إلى خمسة أسهم كالغنيمة ، فالسهم الأول منها لرسول الله ، والأسهم الأربعة الباقية لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل عملاً() بقوله تعالى : ﴿ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله والرسول ولذي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل، وكانت أربعة أخماس الفيء الباقية تقسم في صدر الإسلام بين الجند في الأعمال الحربية لشراء الأسلحة وغيرها من معدات الحرب حتى دون عمر الدواوين ، وقدر أرزاق الجند() .
    أحكام الفيء: وعن فرض الأعطية من الفيء ورد في كتاب الأموال قال : أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَطَبَ النَّاسَ بِالْجَابِيَةِ، فَقَالَ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْقُرْآنِ، فَلْيَأْتِ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ ‌الْفَرَائِضِ فَلْيَأتِ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسَأَلَ عَنِ الْفِقْهِ، فَلْيَأْتِ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ عَنِ الْمَالِ فَلْيَأْتِنِي؛ فَإِنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى جَعَلَنِي لَهُ خَازِنًا وَقَاسِمًا: إِنِّي بَادٍ بِأَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمُعْطِيهُنَّ، ثُمَّ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ، ثُمَّ أَنَا بَادٍ بِأَصْحَابِي، أُخْرِجْنَا مِنْ مَكَّةَ مِنْ دِيَارِنَا وَأَمْوَالِنَا، ثُمَّ بِالْأَنْصَارِ الَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ ثُمَّ، قَالَ: فَمَنْ أَسْرَعَ إِلَى الْهِجْرَةِ أَسْرَعَ بِهِ الْعَطَاءُ، وَمَنْ أَبْطَأَ عَنِ الْهِجْرَةِ أَبْطَأَ عَنْهُ الْعَطَاءُ، فَلَا يَلُومَنَّ رَجُلٌ إِلَّا مُنَاخَ رَاحِلَتِهِ().
   فالذين لم يهاجروا لا يحق لهم نصيب من مال الفيء . قال : فأما السنة وليس لهم في الغنيمة والفيء شيء » (). وأما التنزيل فقوله تعالى : ﴿والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا ﴾()
     فالفيء مصداق من مصاديق الأنفال يعود البحث فيه ضمن تنمية قطاع ولي الأمر، والفيء جعله الله للمحرومين في مجتمعهم ليرفع من شأنهم ويبلغ بهم مستوى الميسورين وقد جعلها الله بمصاف رسوله وحرم الأغنياء منها ، واختص بهذا السهم اليتامى والمساكين وابن السبيل حتى بلغ بهم رسوله معظماً إياهم رافعاً من شأنهم. وكل ذلك تعويض لهم عما لحق بهم من حرمان ، فمن أعطاه فقد أعطى الله ومن منعه فقد منع الله ، ولا ترتفع مكانتهم إلا بارتفاع مسكنتهم والرسول ممثل للمساكين واليتامى وابن السبيل وبه أحسوا بوجودهم الفاعل في مجتمعهم وحازوا رفعة وفخاراً . لذلك نالوا سهمه ورفعهم الله الى صفه ﷺ إن الاسلام العادل سوى بين الطبقات فلا أغنياء يملكون الضياع ويحفظون المال الوفير ولا فقراء ليس لديهم الكفاية لقضاء حوائجهم الضرورية لحياتهم. والمال ابتلاء وامتحان للانسان وكذلك الحرمان والفقر. فالأول ابتلاء الاداء والشكر ) وبالشكر تدوم النعم ، والثاني ابتلاء التحمل والصبر() .
 الفرق بين الفيء والغنائم والصدقات : وَأَمْوَالُ الْفَيْءِ وَالْغَنَائِمِ مَا وَصَلَتْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَوْ كَانُوا سَبَبَ وُصُولِهَا.وَيَخْتَلِفُ الْمَالَانِ فِي حُكْمِهِمَا، وَهُمَا مُخَالِفَانِ لِأَمْوَالِ الصَّدَقَاتِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
  أَحَدُهَا: إنَّ الصَّدَقَاتِ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ تَطْهِيرًا لَهُمْ، وَالْفَيْءَ وَالْغَنِيمَةَ مَأْخُوذَانِ مِنَ الْكُفَّارِ انْتِقَامًا مِنْهُمْ.
  وَالثَّانِي: إنَّ مَصْرِفَ الصَّدَقَاتِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، لَيْسَ لِلْأَئِمَّةِ اجْتِهَادٌ فِيهِ، وَفِي أَمْوَالِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ مَا يَقِفُ مَصْرِفُهُ عَلَى اجْتِهَادِ الْأَئِمَّةِ.
     وَالثَّالِثُ: إنَّ أَمْوَالَ الصَّدَقَاتِ يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ أَرْبَابُهَا بِقِسْمَتِهَا فِي أَهْلِهَا، وَلَا يَجُوزُ لِأَهْلِ الْفَيْءِ وَالْغَنِيمَةِ أَنْ يَنْفَرِدُوا بِوَضْعِهِ فِي مُسْتَحِقِّهِ حَتَّى يَتَوَلَّاهُ أَهْلُ الِاجْتِهَادِ مِنَ الْوُلَاةِ.
وَالرَّابِعُ: اخْتِلَافُ الْمَصْرِفَيْنِ().
     والفيء والغنيمة متفقان من وجهين، مختلفان من وجهين، أما وجها اتفاقهما: فَأَحَدُهُمَا: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالَيْنِ وَاصِلٌ بِالْكُفْرِ. وَالثَّانِي: أَنَّ مَصْرِفَ خُمُسِهِمَا وَاحِدٌ().
      وَأَمَّا وَجْهَا افْتِرَاقِهِمَا فَأَحَدُهُمَا: إنَّ مَالَ الْفَيْءِ مَأْخُوذٌ عَفْوًا، وَمَالَ الْغَنِيمَةِ مَأْخُوذٌ قَهْرًا، وَالثَّانِي: إنَّ مَصْرِفَ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْفَيْءِ مُخَالِفٌ الْغَنِيمَةَ لِمَصْرِفِ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ، وَسَنَبْدَأُ بِمَالِ الْفَيْءِ فَنَقُولُ: إنَّ كُلَّ مَالٍ وَصَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ عَفْوًا مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، وَلَا بِإِيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، فَهُوَ كَمَالِ الْهُدْنَةِ وَالْجِزْيَةِ وَأَعْشَارِ مَتَاجِرِهِمْ، أَوْ كَانَ وَاصِلًا بِسَبَبٍ مِنْ جِهَتِهِمْ كَمَالِ الْخَرَاجِ، فَفِيهِ إذَا أُخِذَ مِنْهُمْ أَدَاءَ الْخُمُسِ لِأَهْلِ الْخُمُسِ مَقْسُومًا عَلَى خَمْسَةٍ().
  عمال الفيء : وَيَجُوزُ أَنْ يَفْرِضَ لِنُقَبَاءِ أَهْلِ الْفَيْءِ فِي عَطَايَاهُمْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَفْرِضَ لِعُمَّالِهِمْ، لِأَنَّ النُّقَبَاءَ مِنْهُمْ وَالْعُمَّالَ يَأْخُذُونَ أَجْرًا عَلَى عَمَلِهِمْ. وقد نقل المروزي عن أحمد في العاملين على الصدقة يكون الكتبة معهم قال: ما سمعت الكتبة”. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَامِلُ الْفَيْءِ مِنْ ذَوِي القربى من بني هاشم وبني المطلب. وكذلك العامل في الصدقات إذا أراد سهمه منها وقد ذكرنا فيما تقدم. وَلَا يَجُوزُ لِعَامِلِ الْفَيْءِ أَنْ يَقْسِمَ مَا جَبَاهُ إلَّا بِإِذْنِ. وَيَجُوزُ لِعَامِلِ الصَّدَقَاتِ أَنْ يقسم ما جباه بغير إذن مالم ينه عنه، لأن مصرف مَالِ الْفَيْءِ عَنْ اجْتِهَادِ الْإِمَامِ، وَمَصْرِفِ الصَّدَقَةِ بنص الكتاب().
       وَصِفَةُ عَامِلِ ‌الْفَيْءِ مَعَ وُجُودِ أَمَانَتِهِ وَشَهَامَتِهِ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِ وِلَايَتِهِ فِيهِ: هِيَ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
   الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَحَدُهَا: أَنْ يَتَوَلَّى تَقْدِيرَ أَمْوَالِ ‌الْفَيْءِ، وَتَقْدِيرَ وَضْعِهَا فِي الْجِهَاتِ الْمُسْتَحَقَّةِ مِنْهَا؛ كَوَضْعِ الْخَرَاجِ وَالْجِزْيَةِ، فَمِنْ شُرُوطِ وِلَايَةِ هَذَا الْعَامِلِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا مُسْلِمًا مُجْتَهِدًا فِي أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ مُضْطَلِعًا بِالْحِسَابِ وَالْمِسَاحَةِ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَامَّ الْوِلَايَةِ عَلَى جِبَايَةِ مَا اسْتَقَرَّ مِنْ أَمْوَالِ ‌الْفَيْءِ كُلِّهَا، فَالْمُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ شُرُوطُ الْإِسْلَامِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالِاضْطِلَاعِ بِالْحِسَابِ وَالْمِسَاحَةِ، وَلَا يُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا مُجْتَهِدًا؛ لِأَنَّهُ يَتَوَلَّى قَبْضَ مَا اسْتَقَرَّ بِوَضْعِ غَيْرِهِ، وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ خَاصَّ الْوِلَايَةِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ أَمْوَالِ ‌الْفَيْءِ خَاصٍّ فَيُعْتَبَرُ مَا وَلِيَهُ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ فِيهِ عَنِ اسْتِنَابَةٍ اُعْتُبِرَ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ، مَعَ اضْطِلَاعِهِ بِشُرُوطِ مَا وَلِيَ مِنْ مِسَاحَةٍ أَوْ حِسَابٍ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ذِمِّيًّا وَلَا عَبْدًا؛ لِأَنَّ فِيهَا وِلَايَةً، وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنِ الِاسْتِنَابَةِ جَازَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ كَالرَّسُولِ الْمَأْمُورِ، وَأَمَّا كَوْنُهُ ذِمِّيًّا فَيَنْظُرُ فِيمَا رَدَّ إلَيْهِ مِنْ مَالِ ‌الْفَيْءِ().
الفيء عند اهل البيت عليهم السلام :  الفيء والخمس والمغنم والغنيمة وهي ما أخذ من أهل الكفر عنوة والمراد بالفيء ما رجع إليه بغير قتال بانجلاء أهله أو بتسليمهم طوعاً أو بانقراضهم ويدخل فيه بطون الأودية ورؤوس الجبال والآجام وما لم يكن عليه يد أصلاً وبالخمس خمس ما أخذ عن القتال وما فيه الخمس مما عده الفقهاء ودلّت عليه الروايات وبالمغنم صفايا الملوك وما اصطفاه من الغنيمة من ثوب وفرس وجارية ونحوها، عن أبي حمزة قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) ما حقُّ الإمام على النّاس ؟ قال : حقّه عليهم أن يسمعوا له ويطيعوا ، قلت : فما حقّهم عليهم ؟ قال : يقسم بينهم بالسويَّة ويعدل في الرعيّة ، فإذا كان ذلك في الناس فلا يبالي من أخذ ههنا وههنا، «…قوله ( قال يقسم بينهم بالسوية ويعدل في الرعية ) أي حق الرعية على الإمام أن يقسم الفيء بينهم بالسوية لا يفرق بين الشريف والوضيع كما فعل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في خلافته على خلاف ما فعله الثلاثة حتى أنه أعطى عماراً وعتيقة وطلحة والزبير على السواء فغضب طلحة والزبير ونكثا البيعة ورجعا عن الحق…»().
        عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : سمعته يقول : « الفيء والأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة الدماء ، وقوم صولحوا وأعطوا بأيديهم ، وما كان من أرض خربة أو بطون أودية فهو كلّه من الفيء ، فهذا للّه ولرسوله ، فما كان للّه فهو لرسوله يضعه حيث شاء ، وهو للإمام بعد الرسول صلّى اللّه عليه وآله ().
          الْفَيْءُ لِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً غَيْرَ خَاصَّةٍ وَإِنْ كَانَ قِتَالٌ وَسَبْيٌ سِيرَ فِي ذَلِكَ بِسِيرَتِهِ وَعُمِلَ فِي ذَلِكَ بِسُنَّتِهِ مِنَ الدِّينِ ثُمَّ كَلَّفَ الْأَعْمَى وَالْأَعْرَجَ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ عَلَى الْجِهَادِ بَعْدَ عُذْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِيَّاهُمْ وَيُكَلِّفُ الَّذِينَ يُطِيقُونَ مَا لَا يُطِيقُونَ، الْفَيْءِ كُلُّ مَا صَارَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ رَجَعَ مِمَّا كَانَ قَدْ غُلِبَ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ فَمَا رَجَعَ إِلَى مَكَانِهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَقَدْ فَاءَ مِثْلُ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَيْ رَجَعُوا ()ثُمَّ قَالَ ﴿وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَقَالَ وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ() أَيْ تَرْجِعَ فَإِنْ فاءَتْ أَيْ رَجَعَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ يَعْنِي بِقَوْلِهِ تَفِيءَ تَرْجِعَ فَذَلِكَ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْفَيْءَ كُلُّ رَاجِعٍ إِلَى مَكَانٍ قَدْ كَانَ عَلَيْهِ أَوْ فِيهِ وَيُقَالُ لِلشَّمْسِ إِذَا زَالَتْ قَدْ فَاءَتِ الشَّمْسُ حِينَ يَفِيءُ الْفَيْءُ عِنْدَ رُجُوعِ الشَّمْسِ إِلَى زَوَالِهَا وَكَذَلِكَ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْكُفَّارِ فَإِنَّمَا هِيَ حُقُوقُ الْمُؤْمِنِينَ رَجَعَتْ إِلَيْهِمْ بَعْدَ ظُلْمِ الْكُفَّارِ إِيَّاهُمْ().
      فكانت الدنيا بأسرها لآدم وصارت بعده لأبرار ولده وخلفائه ، فما غلب عليه أعداؤهم ثم رجع إليهم بحرب أو غلبة سمّي فيئاً هو أن يفىء إليهم بغلبة وحرب وكان حكمه فيه ما قال الله تعالى : ﴿واعلموا أنّما غنمتم من شيء فأنّ لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ﴾() ، فهو لله وللرسول ولقرابة الرسول فهذا هو الفيء الراجع وإنّما يكون الراجع ما كان في يد غيرهم فاُخذ منهم بالسيف ، وأمّا ما رجع إليهم من غير أن يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهو الأنفال هو لله وللرسول خاصّة ، ليس لأحد فيه الشركة وإنّما جُعل الشركة في شيء قوتل عليه ، فجعل لمن قاتل من الغنائم أربعة أسهم وللرسول سهم والذي للرسول ( صلى الله عليه وآله ) يقسمه ستّة أسهم ثلاثة له وثلاثة لليتامى والمساكين وابن السبيل ، وأمّا الأنفال فليس هذه سبيلها كانت للرسول ( صلى الله عليه وآله ) خاصّة وكان فدك لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) خاصّة ، لأنّه فتحها وأمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، لم يكن معهما أحدٌ فزال عنها اسم الفىء ولزمها اسم الأنفال وكذلك الآجام والمعادن والبحار والمفاوز هي للإمام خاصّة . فان عمل فيها قوم بإذن الإمام فلهم أربعة أخماس وللإمام خمسٌ والذي للإمام يجري مجرى الخمس ومن عمل فيها بغير إذن الإمام فالإمام يأخذه كلّه ، ليس لأحد فيه شيء وكذلك من عمّر شيئاً أو أجرى قناة أو عمل في أرض خراب بغير إذن صاحب الأرض فليس له ذلك فإن شاء أخذها منه كلّها وإن شاء تركها في يده() .



شارك هذا الموضوع: