الفيلسوف هيجل دراسة في سيرته 
أ.د. كوثر حسن هندي التميمي 
كلية التربية للعلوم الانسانية / قسم التاريخ
 
، ولد جورج فلهلم فريدريش هيجل-Georg Wilhelm Fried rich     Hegel ، في آب عام 1770م ، في مدينة شتوتجارت Stuttgart .  وكان والده . موظفاً حكومياً، كما كانت أمه ماريا المجدلية من أسرة تدعى “فروم” . 
 توفيت والدته وهو في سن الرابعة عشرة ، كما توفى أخوه لودفج Ludwig. الملازم في الجيش، أما شقيقته كريستيان Christiane فقد أمتد بها الأجل الى ما بعد مماته.  تعود  أسرة هيجل الى أصول نمسوية ممن  أخلصوا لمذهب ” لوثر” في الإصلاح الديني، فأضطر الى مغادرة مقاطعة استريا في النمسا في القرن السادس عشر ولجأ الى مقاطعة “فورتمبورج” وهنا احتلت الأسرة مراكز مدنية ودينية ، فكان منها القساوسة . أما ولده فقد أستقر في عاصمة الولاية ، شتوتجارت ، بحكم عمله في إدارة  الولاية . وأقام هيجل في هذه المدينة حتى سنة 1787م  وفي أثنائها تعلم في مدارسها الثانوية في المدة من سنة( 1777- 1787م). ويعلق إمام عبد الفتاح إمام في ترجمة كتاب العقل في التاريخ ، فيقول عندما كان في الثالثة من عمره أرسله والده الى المدرسة الألمانية ، ولما بلغ الخامسة بعث به الى المدرسة اللاتينية ، وكان يعرف قبل التحاقه بهذه المدرسة جانباً من اللغة اللاتينية ، وكان هيجل يحصل على جائزة كل عام في جميع مراحل الدراسة في هذه المدرسة ، لأنه كان دائماً من الطلبة الخمسة الأول ، ومنذ أن بلغ العاشرة حتى الثالثة عشرة كان ترتيبه الأول في المدرسة الثانوية . وكان هيجل تلميذاً لامعاً في ثانوية مسقط رأسه ، لأنه لم يكن يكتفي بالمعلومات المدرسية ، بل كان يغذيها بمطالعات وفيرة ، وكان اهتمامه بكتّاب الأغرين وبالتاريخ ، وقد تعرف على الفلسفة من خلال قراءته ل( فولف). Wolf ، و في سن الثانية عشرة ابتدأ بقراءة رسالته “في الأفكار الواضحة” وفي الرابعة عشرة كان مستوعباً لمنطقه .
بيد أن تطلعات والده في أن يجعل من أبنه قسيساً ، أدت إلى                                                                                                                                                                              إرساله للدراسة في معهد توينجن الديني في سنة 1788م، وقد استمرت دراسته فيه خمس سنوات  .
ومما تجدر الإشارة إليه أن هيجل جاء الى هذا المعهد وهو يحمل أساساً عميقاً في الدراسات الكلاسيكية ، متفوقاً في اللغتين اللاتينية واليونانية وعلى وعي بالأدب الألماني، فضلاً عن ثقافته العلمية فكانت جيدة بالنسبة لعصره ، كما كان اجتماعيا ، و كان صديقه المفضل هو “هلدرلين” الذي أشترك معه في حب اليونان والشعر والفلسفة ، كما كان أيضاً صديقاً “لشلنج” الذي كان يصغرهما بخمس سنوات . وكان معهم في المعهد زميل آخر هو “لوتفين” Leutwin. الذي نشر عام 1839م ، أي بعد وفاة هيجل بثمانية أعوام بعض ذكرياته عن هيجل أيام كان طالباً في هذا المعهد . كتب فيها يقول : لقد جعله المرح والسرور والتسلية ، وأن سلوكه في بعض الأحيان لا يتفق مع تقاليد المعهد الديني . فيُلاحظ أن الدراسة في هذا المعهد ، لم تنجح في اجتذابه الى سلك الكهنوت ، لأنه كان يعتقد أن رجال هذا السلك يتصفون بضيق الأفق والتعصب الشديد . كان مثله الأعلى ( روسو ) بمؤلفاته : ( أميل ) و( العقد الاجتماعي ) و(الاعترافات ) وهي من المؤلفات التي لم يملّ هيجل من قراءتها . وكان يقول إن كثرة المطالعة “تحررني من الأصفاد ولم يكن هنا قد أندمج مع كانت بصفة جدية . وكتب هيجل ينتقد معهد توينجن يقول : ((طالما أنه لم يشغل كرسي الفلسفة في معهد توبنجن شخص مثل راينهولد أو فشته فلن يخرج منه شيء طيب ، ولن يكون ثمة إخلاص للمذاهب القديمة ..)) وفي رسالة بعث بها الى شلنج. عام 1795م. ونجح في العثور على وظيفة مدرس خصوصي في بيت أحدى العائلات السويسرية في مدينة برن ، وقام بتعليم أبنائها ثلاث سنوات . وفي عام 1799م. توفي والده، فورث عنه ما يقرب من ثلاثمائة جنيه ، وكانت في ذلك الحين مبلغ لا بأس به ، فساعده ذلك على الانتقال الى مدينة يينا الجامعية التي وصل إليها عام 1801م . حين استطاع أن يعمل فيها محاضراً من دون أجر، كما أصدر هناك جريدة فلسفية بالتعاون مع صديقه شلنج الذي كان يعمل أستاذاً في جامعة يينا منذ عام 1798 م. . وقد نشر هيجل في هذه الجريدة خمس مقالات فلسفية . 
وفي تشرين الأول عام 1801م. ألقى أولى محاضراته بعد أن قبل أستاذاً مساعداً بجامعة يينا ، بيد أنه ما لبث أن عُين أستاذاً خارج الملاك أي من غير لقب ، براتب زهيد. حيث كان هيجل آنذاك يعد تلميذ شلنج . وفي محاضراته عام 1803م. بدا جلياً انفصاله عن صديقه ، أما الانشقاق التام ، فلم يحدث نهائياً إلا حينما ظهر أول مؤلف له ضخم الظواهرية phenomenology . الذي أتمه عام 1806م .
 وسبق هذا المؤلف الضخم أول كتاب نشر لهيجل والذي ساعده فيه نيتهامر، وهو كتاب عن الفرق بين فلسفة فشته وشلنج ، وفي عام 1805م .عُين أستاذاً بغير كرسي وأصبح يتقاضى مرتباً جيداً وثابتاً . وعندما احتلت الجيوش الفرنسية مدينة يينا سنة     1806.  ونهبتها أضطر هيجل الى اللجوء الى منزل أحد تلامذته (جبلر) وضاقت أموره المادية ، حتى لجأ الى صديقه نيتهامر، وكذلك تلقى المعونة من جيته . ومع ذلك عقد قرانه في هذه المدة وأنجب ولدين. هما (كارل 1813-1901م ) الذي لمع أستاذاً للتاريخ . وأمانويل (1814-1891م ) الذي حقق أمنية جده في أن يرى هيجل قسيساً، وأشتغل بالصحافة وأصبح رئيس تحرير جريدة بامبرج سنة 1807م. وظل في هذا المنصب حتى عام 1816م. وهي مدة أبدى فيها نشاطاً غزيراً 
عرض عليه “ألتنشتين” وزير التعليم منصب كرسي الفلسفة بجامعة برلين بعد وفاة فشته فقبله . وفي عام 1818م. بدأ بإلقاء محاضراته خصوصاً في فلسفة القانون ، لذلك فإن العمل الكبير له في هذه المدة (أصول فلسفة الحق أو القانون) وانتشرت الهيجلية حتى أوشكت أن تصبح العقيدة الرسمية للدولة . حتى أن أحد تلاميذه أندفع في حماس الى الزعم بأن (كل من ليس هيجلياً فهو أحمق وجاهل) من هنا وقعت العداوة بينه وبين بقية الفلاسفة في عصره ، فبعد أن كانت العلاقة قوية بينه وبين (شيلرماخر) فترت ثم انقلبت الى عداء وهجوم ، وفي عام 1829م. أصبح مديراً لجامعة برلين ، ثم زار دول ومدن كثيرة منها باريس وهولندا وفينا ، وكانت شهرته قد عمّت أرجاء ألمانيا . وفي صيف عام 1831م. أنتشر وباء الكوليرا أول مرة في برلين فإنتقل هيجل الى الريف ، ولما انحسر الوباء حتى كاد يختفي عاد ليستأنف دروسه في 10 نوفمبر .  لكنه مرض في 13 وتوفي. في 14 تشرين ثاني 1831م. وكان موته تظاهرة كبرى من الاحتفال مما يدل على المكانة العظمى التي تبوأها هيجل في هذا العهد. .











المصادر :
  1. بددوي، عبد الرحمن ، حياة هيجل ، المؤسسة العربية للنشر ، بيروت ، 1980.
  2. الديدي ، عبد الفتاح ، فاسفة هيجل ، مكتبة لانجلو المصرية ، مصر ،1970
  3. الشين ، يوسف احمد ،مبادىء فلسفة هيجل ،منشورات جامعة قابوس ،بنغازي ،1994.
 

شارك هذا الموضوع: