الكوارث الطبيعية والاوبئة وتأثيرها على ورادات بيت المال الاموي
ا. د عبير عبد الرسول محمد التميمي
كانت هناك اسباب عديدة أثرت سلبا على واردات الدولة الإسلامية في العهد الاموي ومنها مال الفيء , فان ارتباط انتاج الاراضي بكميات الامطار الساقطة وبمنسوب المياه في الأنهار وهذه الامطار ومناسيب المياه كانت تختلف من سنة لأخرى , كما إن الاوبئة والكوارث , الطبيعية مثل : الطواعين والآفات الزراعية ومواسم القحط وهجوم الجراد , كانت قد أثرت على مستوى الانتاج والايدي العاملة , وانعكس على واردات بيت المال , وسجلت كتب التراث بعضا من هذه الامور ففي عام ( 69هـ/688م ) حدث الطاعون الجارف الذي اكتسح البصرة , فقضى على كثير من اهلها مما ادى الى نقص شديد في الايدي العاملة , وكانت تصيب المحاصيل الزراعية احيانا بعض الآفات الزراعية او الفيضانات فقضت على محصول ذلك العام مما اضطرت الدولة الى اسقاط الخراج عن إصحابها .
وقد تم ذلك في زمن هشام بن عبد الملك اذ ورد في خطبه لابي حمزة الخارجي في اهل المدينة : (( يا اهل المدينة مرت زمان الحول هشام بن عبد الملك وقد أصاب ثماركم عاهة فكتبتم اليه تسالونه إن يضع عنكم خراجكم ففعل فزاد الغني غنى والفقير فقرا )) .
وكان القحط من العوامل التي استنزفت موارد الدولة المالية ففي عام الرمادة (17- 18هــ/ 638-639م ) احتاج المسلمون في الحجاز الى الطعام الذي حمل لهم من مصر, وقد تكرر القحط في زمن الحجاج ,وكذلك من الازمات التي ظهرت في العصر الاموي حيث ذكرت المصادر ظهور الطاعون وانتشارها في بلاد الشام خاصة والبلاد الاسلامية الاخرى , ففي عام 115هــ في خراسان فكتب الجنيد الى الكور بحمل الطعام الى مرو وكان الهجوم على المحاصيل من الاسباب التي كانت تؤدي الى القحط , فقد كتب قتيبة بن مسلم الى الحجاج كتابا يشكوا كثرة الجراد وذهاب الغلات وما حل بالناس من القحط , فما كان من الحجاج الا إن امره باستثناء الضعفاء من مسؤولية تراجع الخراج فقال: اذا ازف خراجك فانظر لرعيتك في مصالحها, فبيت المال اشد اطلاعا لذلك من الأرملة وذي العيلة .
ومن المشكلات التي كانت تثقل كاهل الدولة بين الحين والآخر ما يطلق عليها سنة الازدلاف , وأشار القلقشندي الى ماهية هذه السنة : (( كانوا في صدر الاسلام يسقطون عند راس كل ثلاث وثلاثين سنة عربية سنة يسمونها سنة الازلاف , لان كل ثلاث وثلاثين سنة عربية اثنتان وثلاثون سنه شمسيه تقريبا )) , لان السنة القمرية الهلالية تتداخل في السنة الشمسية للاختلاف بينهما في عدد الايام فكل ثلاث وثلاثين هلالية تعادل بالتقريب اثنتين وثلاثين سنة شمسية والفرق بينهما سنة , وهنا الدولة كل ثلاثة وثلاثين سنة , ستتحمل وتواجه عجز مقداره الاموال اللازمة لتغطيه نفقات سنة كاملة وسببها سنة الازدلاف , ونجد سني الازدلاف في عهود ثلاثة من خلفائها , وهي كما يلي عام ( 43 هــ – 663م ) ويقع في خلافه معاوية بن ابي سفيان , وعام (76هــ / 695م ) ويقع في خلافة عبد الملك بن مروان , وعام ( 109 هــ -727 م) ويقع في خلافة هشام بن عبد الملك , إن المتتبع للتأريخ المالي لعهود هؤلاء الخلفاء الثلاث يستنتج انهم قاموا بتدابير لشد الأزمة المالية وتقويه مواردهم مما يشعر بحاجه الدولة في زمنهم الى المال .