(اللّغة العربية الفصحى جوهر الهوية)
الباحثة: زهراء جواد خضير سلمان
كلية التربية للعلوم الإنسانية / جامعة كربلاء
قسم اللغة العربية
المقدمة:
تلعب اللغة العربية الفصحى دورا محوريا في تاريخ العرب والمسلمين وثقافتهم، فهي ليست مجرد أداة للتواصل، بل هي وعاءٌ يحمل في طياته حضارة غنية وتراثًا ثقافيًا عريقًا. بفضلها تتحد الشعوب العربية تحت مظلة لغة واحدة تتخطى حدود التنوع في اللهجات، وتجمعهم على أرضية مشتركة. وقد استطاعت الفصحى أن تصمد عبر العصور بفضل مرونتها وقدرتها على التطور والاشتقاق، مما جعلها لغة حية تتكيف مع متطلبات العصر وتغيراته.
إلا أن الفصحى تواجه في العصر الحديث مجموعة من التحديات التي تهدد وجودها في الحياة اليومية، مما يتطلب جهودًا جماعية لحمايتها وتعزيز استخدامها. في هذا المقال، سنتناول أهمية اللغة الفصحى، التحديات التي تواجهها، والطرق الفعالة لتعزيز وجودها في مختلف جوانب حياتنا.
مفهوم اللغة العربية :
اللغة العربية هي إحدى اللغات السامية وأرقاها مبنى واشتقاقاً وتركيباً.(١)
نستنتج من خلال هذا التعريف أن أصل اللغة العربية من فصيلة اللغات السامية وهي من أخواتها إلا أنها أرقاها مبنى ومعنى من حيث دلالتها، إذ تحمل كل لفظة في ذاتها عديد الدلالات، كما أنها تتمتع بخاصية الاشتقاق والتي تمكنها من توليد عدد لامتناهي من الألفاظ والعبارات، فنقول إنها لغة مطواعة توالدية، وكل هذه الألفاظ والعبارات تؤدي دلالات عميقة مجتمعة داخل السياق.(٢)
أهمية اللغة العربية الفصحى:
اللغة العربية الفصحى لها أهمية كبيرة؛ لأنها لغة القرآن الكريم، وهذا يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الهوية الدينية والثقافية للعرب والمسلمين. فهي تساعد العرب على فهم بعضهم البعض، حتى مع اختلاف اللهجات. وتحفظ الفصحى التراث الثقافي والأدبي والديني، مما يجعل الناس يشعرون بالفخر والارتباط بثقافتهم ولغتهم. ونظرا لأهميتها تستخدم في التعليم والإعلام، حيث تُكتب بها النصوص الرسمية والمقالات الأكاديمية.
ببساطة، الفصحى تجمع العرب معًا وتحافظ على هويتهم وثقافتهم.
________________________________________
١-أساليب تدريس اللغة العربية، ص ٥٣
٢-واقع اللغة العربية في وسائل الإعلام المكتوبة الجزائرية، رسالة ماجستير، فيروز حياهم، ص ١٥
التحديات التي تواجه لغتنا الأم.
١- انتشار اللغات الأجنبية وخاصة اللغة الانجليزية فهي تؤثر تأثيرا كبيرا على استخدام اللغة الفصحى
٢- في مجال التعليم: فاستخدام اللغات الاجنبية في الميادين العلمية والتقنية سيقلل من استخدام اللغة العربية الفصحى.
٣- التواصل الرقمي: فإن استخدام اللغات الاجنبية أو اللهجات العامية وما هو معرّب سيؤثر على تداول اللغة العربية الفصحى.
٤- اندثار أو قلة البرامج التي تستخدم الفصحى وتعزز من استخدامها.
٥- وكذلك قلة المحتوى الرقمي المتاح باللغة الفصحى.
٦- في مجال الفن: قلة انتاج الأدب والفن باللغة العربية الفصحى وانتاجه لصالح اللهجات المحلية أو الأجنبية.
كيفيّة تعزيز استخدام اللغة الفصحى في الحياة اليومية.
لتعزيز استخدام اللغة الفصحى في الحياة اليومية والحد من اندثارها لابد من الالتفات لعدة أمو منها:
١- في مجال التعليم: من الضروري تعزيز استخدام اللغة العربية الفصحى، خاصة في المراحل الابتدائية. ولا يقتصر ذلك على المناهج الدراسية فقط، بل يشمل أيضًا استخدامها في التواصل اليومي، فعندما يعتاد الطفل على التحدث بالفصحى لنصف يوم على الأقل، يصبح استخدامها جزءًا طبيعيًا من لغته.
٢-في الجامعات: من الضروري تكثيف البحوث والدراسات التي تشجع على استخدام اللغة العربية الفصحى في الحياة اليومية.
٣- في التكنلوجيا: من المهم زيادة المحتوى الرقمي باللغة العربية الفصحى من خلال تطوير المزيد من التطبيقات والبرامج التي تدعم اللغة الأم.
٤- أما على مستوى المبادرات: فيجب تعزيز المبادرات المجتمعية التي تشجع على استخدام الفصحى، مثل تنظيم مسابقات في القراءة والكتابة.
الخاتمة:
تُعد اللغة العربية الفصحى أكثر من مجرد أداة للتواصل؛ فهي تراث حضاري يربط بين العرب ويعزز هويتهم الثقافية والدينية. رغم التحديات العديدة التي تواجهها اللغة الفصحى في العصر الحديث، مثل انتشار اللغات الأجنبية وقلة استخدامها في بعض المجالات، فإن هناك العديد من الوسائل التي يمكن أن تساهم في تعزيز مكانتها. من خلال تعزيز التعليم باللغة الفصحى، وتشجيع البحث العلمي والتكنولوجيا لاستخدامها، ودعم المبادرات المجتمعية التي تهدف إلى نشرها، يمكننا أن نحافظ على هذه اللغة القيمة.
الاهتمام باللغة الفصحى ليس مسؤولية فردية فحسب، بل هو واجب جماعي يتطلب تضافر الجهود بين الأفراد والمؤسسات. من خلال هذه الجهود المشتركة، يمكننا ضمان استمرارية اللغة العربية الفصحى ونقلها للأجيال القادمة، ليظل هذا الوعاء الحضاري حاملاً لثقافتنا وهويتنا.
المراجع:
١-أساليب تدريس اللغة العربية، أحمد إبراهيم صومان، ط١، ١٤٣١هـ – ٢٠١٠م، ص
٢-واقع اللغة العربية في وسائل الإعلام المكتوبة الجزائرية، رسالة ماجستير، فيروز حياهم،