دراسة في نشأته وروافد بنائه الفكري 

    جامعة كربلاء                                                                                     طالب ماجستير تاريخ حديث
    كلية التربية للعلوم الانسانية                                                                        منتظر احمد جاسم 
المؤرخ الشيخ محمد حسين الحائري الاعلمي 
دراسة في نشأته وروافد بنائه الفكري  
      شهد مطلع القرن العشرين ظهور نخبة من علماء الدين المجتهدين الذين اخذوا على عاتقهم النهوض بالمجتمع، من خلال ما تركه من أثار جليلة شكلت بمجملها حقلاً معرفياً، كان له دوراً في النشاط الفكري الذي اتسم به ذلك القرن، فكان لعلماء النجف الاشرف وكربلاء المقدسة دوراً واضحاً في ذلك النشاط، على الصعيدين الديني بالدرجة الأولى والسياسي بالدرجة الثانية، فكان من بين هؤلاء النخبة المؤرخ و “الشيخ محمد حسين الحائري الاعلمي “.
    ولد المؤرخ الشيخ محمد حسين بن ولي الله بن امر الله بن عبد الله سنة (1902م)، في بلاد فارس (ايران) وتحديداً في قرية مهرجان التابعة ادارياً الى محافظة أصفهان، اذ قرأ في العقد الأول من عمره الشريف القرآن الكريم على يد والده ، وحتى سنة 1912 تشرف بزيارة الامام الثامن “علي بن موسى الرضا ” عليه السلام ، واشتغل بأمر والده بتحصيل العلوم الدينية ، فشرع في دراسة المقدمات والسطوح في أرض خراسان (مشهد) ، ولم يمضِ وقتاً طويلاً حتى عاد الى القرية التي نشأ فيها ، ربما يُعزى السبب الى توتر الأوضاع السياسية التي رافقت البلاد في تلك السنوات .
     كانت الاسرة القاجارية هي الأسرة الحاكمة في بلاد فارس طوال المدة (1796-1925)، فكانت تمر تلك الاسرة بفوضى واضرابات سياسية ، ففي تلك الفوضى التي تمر بها الدولة بلغ مؤرخنا الاعلمي ، السن القانوني “للخدمة الإلزامية ” فباشر الأعلمي بالخدمة الإلزامية   في  سنة 1921  فأمضى ثمان اشهر بالعسكرية ، ولم يغفل الاعلمي على الرغم من الارتباطات القانونية عن محط اهتمامه الأول وهو طلب العلم “علوم آل البيت ” عليهم السلام .
      ففي عام 1921 عزم الانطلاق نحو العراق ، إذ فرّج الله همّه وتوجه نحو مقصده وموضع اهتمامه سيراُ على الاقدام ، فدخل النجف الاشرف واستقر الاعلمي في المدرسة القوام في حجر طلاب العلم ، وشرع في اكمال دراسته الدينية ، على يدِ نخبة من علماء الحوزة العلمية ومنهم ، محمد علي التفريشي ، والشيخ محمد الاصفهاني ، والشيخ ضياء الدين العراقي ، والميرزا حسن الرشتي وغيرهم ، واجازه في الرواية اغا بزرك الطهراني ، والسيد هبة الدين الشهرستاني ، والسيد شهاب الدين المرعشي النجفي .
     ثم انتقل في سنة 1942 الى كربلاء المقدسة وسكن قرب الحائر الشريف لذا اكتسب لقب (الحائري)، وعمل في كربلاء على تدريس المقدمات والسطوح لطلاب العلم في المدرسة الهندية، وفي نفس الوقت باشر في دراسته العليا في كربلاء في نفس المدرسة، اذ كانت له في تلك المدرسة مكتبة تحتوي على المخطوطات النفيسة، والكتب التي حرص على شرائها من ايران ومصر والهند، في شتى حقول المعرفة (تاريخ، ادب، لغة، تفاسير، احاديث، تراجم ، والفلسفة… وغيرها )  .
      وقد نال الاعلمي درجة الاجتهاد في كربلاء المقدسة ، والجدير بالذكر انه قد شكلت لجنة من العلماء بأمر زعيم الطائفة آنذاك “السيد أبو الحسن الاصفهاني”  لتصحيح وتحقيق كتاب وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي ، اذ كان الشيخ محمد حسين الاعلمي أحد أعضاء هذه اللجنة.
       كان للاعلمي نشاط فكري مميز ، فعند انتقاله الى كربلاء باشر في تأليف كتاب (علم الرجال) الذي سمي بـ (مقتبس الأثر ومجدد مادثر من تاريخ البشر) ، يقع هذا الكتاب في ثلاثين مجلد ، ثم عمل نجل الشيخ الاعلمي حسين على تحقيق الكتاب وتغير اسمه الى (دائرة المعارف الشيعية العامة ) واصبح الكتاب بعد التحقيق يقع في ثمانية عشر جزءاً ، وقد رتبه حسب حروف الهجاء (أ-ي) .
      لم يقتصر نشاطه الفكري على ذلك الكتاب بل تعداه الى تأليف العديد من الكتب وهي (تراجم اعلام النساء  ) يقع هذا الكتاب في جزئيين ، ومنار الهدى في الانساب ، واعلام الشعراء ، وكتاب احوال السادات ، وكتاب الشيوخ ، وكتاب الادعية ، كتاب الكشكول ، وتاريخ كربلاء
وعمل في تحقيق كتب تصب في فائدة طلاب العلم والحوزة العلمية وهي (ترتيب الفهرس لرجال النجاشي ) و (ترتيب خلاصة العلامة) و(اختيار رجال الطوسي من رجال الكشي) 
بعد ذلك انتقل الى ايران وراجع بعض المكتبات المهمة في طهران ، ومن ثم انتقل الى قم وسكن المدرسة الفيضية حتى وفاته 1974، اذ دفن حسب وصيته في باب الصحن الشريف للسيدة فاطمة المعصومة ابنة “الامام موسى الكاظم عليهما السلام” .
      بعد وفاته وتحديداً في سنة 1976 اصدر حزب البعث الحاكم في العراق آنذاك بمصادرة جميع المكتبات الخاصة بالعتبات المقدسة الى بغداد بحجة وجوب الاحتفاظ بها في المكتبة الوطنية ببغداد لانها من اهم الاثار العراقية .
 
المصادر التي اعتمد عليها الباحث :-
  1. محمد حسين الاعلمي ، دائرة المعارف الشيعية العامة ، (بيروت : مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ، 1993) ج1 .
  2.               ، منار العدى في الانساب ، (قم : مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي ، 2003 ) ، تحقيق : احمد الحائري .
  3.                ، تراجم اعلام النساء ،  (بيروت : مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ، 1987) ، ج1 .
  4. علي طاهر تركي الحلي ، محمد حسين الاعلمي ومنهجه في كتابة التاريخ (دائرة المعارف الشيعية العامة انموذجاً) ،  بحث منشور .
 

شارك هذا الموضوع: