المدينة المنورة: 
التسمية:
مدينة قديمة كانت تسمى يثرب او اثرب وسميت كذلك نسبة الى يثرب بن قانيا بن مهلائيل بن سام بن نوح، وهو اول من نزلها عند تفرق ذريه نوح عليه السلام. وذكر البلاذري ان يثرب سميت باسم رئيس العماليق الذين نزلوها بعد ان اخرجوا منها بني عبيل بن عوض بن ارم بن سام من ولد نوح (ع). ورد اسم يثرب في القران الكريم في قوله تعالى:« وإِذْ قَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا ۚ ». وقد اختلف المؤرخون فيما اذا كان يثرب اسم للمدينة نفسها او لموضع مخصص من ارضها او انه اسم للناحية التي منها مدينة الرسول(ص).
اما اسم “المدينة” الذي اطلق على يثرب بعد الهجرة النبوية , فقد يكون مأخوذا من لفظة “مدينتا” الآرامية ومعناها الحمى او المدينة ، فقد اطلق عليها هذا الاسم بعد الهجرة النبوية، وذكر ان لفظة المدينة كانت تطلق قبل ظهور الاسلام على يثرب.
ان لفظة يثرب مأخوذة من التثريب اي المؤاخذة بالذنب او الثرب بمعنى الفساد، وذكر بان النبي(ص) نهى عن تسمية يثرب بهذا الاسم، فقال: «تسمونها يثرب الا وهي طيبة» فسماها طيبة وطابة كراهية للتثريب. 
وتذكر المصادر ان للمدينة تسعة وعشرين اسما منها: طيبة، طابة، الجابرة ، المحببة، المحبوبة، أكالة البلدان، القاصمة، طبايا… وجعلها السمهودي (٩٤) اسما، وكل هذه الاسماء عرفت بها المدينة بعد الهجرة، اي في العصر الاسلامي، باعتبارها دار الهجرة ومركز الدولة الاسلامية في عصر النبوة وعصر الخلفاء الراشدين.
الموقع:
ويترب هي اقل من نصف مكة، وهي في حرة سبخة الارض وتقع على بعد نحو ٣٠٠ ميلا الى الشمال من مكة وتقع في واحة خصيبة التربة غزيرة المياه بين لابتين بركانيتين تعرفان بالحرتين،  حرة واقم في الشرق وهي حره الوبرة في الغرب ويحدها من الشمال جبل احد ويحدها من الجنوب جبل عير، وتكتنف الوديان الحرتين من الشرق والغرب من حجرته من الجنوب والشرق محيطه بالمدينة من جهاتها الجنوبية والشمالية والغربية حتى تتجمع في شمالها الغربي.


المناخ :
اما مناخ المدينة فهو يشبه مناخ مكة في فالحرارة تشد في الصيف، والبرودة تشتد في الشتاء، وتسقط الامطار عادة في اوقات قصيرة ولكنها تهطل في عنف فتحدث سيولا جارفة كانت تسبب لها الكثير من الكوارث والخسائر، لكن مناخها معتدل بشكل عام. 
وتتخلف عن الامطار غدران ومستنقعات وبرك، ومن الغدران المشهورة غدير سدر وغدير خم وغدير المرسى، وكانت هذه الغدران والبرك سبب في كثير من الامراض والاوبئة , حيث اشتهرت المدينة بالحمى.
سكان يثرب:
 كان اول من سكن يثرب هم العماليق على شكل قبائل ثم سكنها بعدهم اليهود، وبعد السيل العرم وانهيار سد مارب قدمت الى يثرب قبائل الاوس والخزرج فانتشرت في جنوبها وشمالها. 
(١) اليهود: سكن يثرب اكبر القبائل اليهودية وهم (بنو قريظة- بنو النظير-بنو قينقاع) وهذه القبائل سكنت يثرب قبل قدوم العرب اليها فقام اليهود في يثرب الحصون (الآطام) على قمم الجبال ليتحصنوا بها في اوقات الحروب فكثيرا ما كان اليهود يتعرضون لغزو الطامعين في اموالهم وحاصلاتهم الزراعية من الاعراب او البطون اليهودية الاخرى، ومن اشهر حصونهم حصن السلالم والوطيح وناعم وغيرها.
(٢) العرب: نزحت قبائل الاوس والخزرج من اليمن على اثر انكسار سد مارب فنزلوا يثرب واقاموا فيها مع اليهود، فسكن الاوس في الجهات الجنوبية، والخزرج في الجهات الشمالية، ووجد الاوس والخزرج ان السيادة في يثرب اليهود والاموال والآطام بأيديهم والعدد والعدة معهم، فرغبوا في مسالمتهم وسألوهم ان يعقدوا معهم حلفا وجوارا يامن به بعضهم من بعض، فأجابهم اليهود الى ذلك لضمان سيادتهم وليستخدموهم كحلفاء في الدفاع عن يثرب وللاستفادة من خبراتهم في مجال الزراعة والتجارة .
الاحوال الاقتصادية في يثرب قبل الاسلام :
كانت يثرب ذات اقتصاد متعدد الجوانب، حيث انها منطقه خصيبة تسيل فيها الوديان بما يغديها بالمياه الكافية لقيام زراعه جيده فيها الى جانب الابار التي كثرت في منطقتها والتي حفرها السكان للانتفاع بمياهها لشرب والسقي, لذلك عمل اهلها بالزراعة واتخذوه منها حرفتهم الرئيسية.
 ونظر لما توفره الزراعة من مواد اولية فقد نشطت فيها الصناعة والتجارة, لوقوع يثرب على طريق القوافل التجارية بين اليمن والشام واهم مزروعات يثرب النخيل، وعرفت يثرب بجوده تمورها، وكان السكان يعتمدون عليه في طعامهم كما كان به التعامل بينهم، فتدفع منه الاجور وتسدد الديون , كما كان يقوم على النخيل صناعة محلية تسد كثيرا من اغراض السكان في بيوتهم واعمالهم. 
 ويأتي في المرتبة الثانية الشعير , وكان السكان يستوردون بعض الحنطة لسد حاجاتهم فضلا عن ذلك كان يزرع قليل من القمح والاكرام وبعض انواع الفاكهة الاخرى والخضروات والبقول, وكان مزارعو يثرب يعتمدون على نظام زراعي قائم على استخدام الوسائط في الري باستخدام المياه السطحية والجوفية بالواسطة . 
وفي مجال الصناعة فقد كانت يثرب اظهر من مكة في هذا المجال, حيث كانت الصناعة فيها معتمده على الانتاج الزراعي بالدرجة الاولى وخاصة الحرف المعتمدة على انتاج النخيل، ووجدت حرف قائمه على طرق واذابة المعادن لسبك الحلي وصنع الأسلحة مثل القسي والرماح والسيوف ونحوها.
واشتهر يهود يثرب بصناعتهم المعدنية كالحدادة والصياغة وصناعة الأسلحة من دروع وسيوف ونبال وغيرها ,والى جانب الزراعة والصناعة في المدينة كانت التجارة, فكان لموقع المدينة على طريق القوافل التجارية بين اليمن والشام أثره في نشاط الحركة التجارية, وان طبيعة كون بلدهم مدينة وحولها القرار والاعراب فكان لابد ان تجعل فيها حركة تجارية, فكانت تصل الى المدينة منتجات الشام واليمن سالكه طريق البري والطريق البحري عبر البحر الاحمر .
وكانت التجارة الداخلية في يثرب نشيطة, وكان الاخذ والعطاء والتعامل فيها كبيرا سواء بين اهلها انفسهم او بينهم وبين جيرانهم من الاعراب الذين كانوا يفدون على المدينة للامتياز منها ولتصريف منتجات البادية من ابل وغنم وخيل وصوف ووبر وغير ذلك.
وكان في يثرب عده اسواق للبيع والشراء في منتجات المدينة ومجلوبات اهل البادية منها سوق بني قين وقاع وسوق زباله وسوق الجسر وسوق الصفصاف وسوق البطحاء وغيرها.

شارك هذا الموضوع: