عنوان المقال : المرأة في المجتمع الفاطمي
اعداد: سيمون شبيب كاظم 
قسم التاريخ
المرأة في المجتمع الفاطمي:
   المرأة جزء من اي مجتمع ونصفه الاول، لكن في المجتمع العربي لم تنل ما تستحقه وظلت حبيسة العادات والتقاليد المتشددة وغير الصحيحة، وعلى العكس تمادى البعض في تقديرهن وفسحوا المجال لهن اكثر من المقبول فكانت النتائج عكسية؛ لذلك نجد الدولة الفاطمية وهي دولة دينية ضيّقت عليهن؛ بسبب تفشي ظاهرة الاختلاط الزائد والخروج ليلاً ونزول النساء لميدان العمل، ولعل من اسباب التعامل السيء معهن الى عدم الاهتمام بالمرأة من الناحية التربوية فبقت عموماً تعاني من الجهل من جانب، الى طبيعة المجتمع العربي المحافظ الذي يضع بعض القيود على المرأة في حركتها من باب الحرص عليها من جانب آخر، ولأجل تسهيل ذلك سيكون الكلام على فقرتين :
الفقرة الاولى/ الاثر الاجتماعي لنساء القصر:
   كانت نساء البلاط الفاطمي كثيرات الى الحد الذي بلغ الاف، وتنوعت مكانتهن حسب نوع المهنة التي امتهنها او كنّ محظياتهم وجواريهم، بالإضافة الى الخادمات والنديمات اللائي يعملن في القصر، ويشرفن على تقديم الطعام على مائدة الخليفة، او اللائي يشرفن على سائر امور القصر ويطلق عليهم: (المستخدمات ارباب الصنائع) او مدى قربها من الخليفة الفاطمي مثل نساء الخلفاء وامهاتهم(واللائي يسمونهّن جهات الخلفاء).
  وترتب على وجودهن في القصر أن حصلن على القاب تشريفية مهمة مثل الجهة العالية، اذا كانت زوجة الخليفة الفاطمي، او الجهات العالية او الجهة المعظمة اذا كُنّ اكثر من واحدة، فحصلن على حظوة اجتماعية كبيرة؛ نتيجة قربهّن من الخلافة، اما ما دون زوجات الخلفاء من الاميرات وزوجات الامراء فيسمونهن بالجهة فقط ؛تميزاً عن صاحبات المقام العالي، وكانت احياناً تُنسب الزوجة الى زوجها فيقال : السيدة علم الآمرية نسبة الى زوجها الامر الفاطمي، وكذلك كانت تسمى الاميرات من بنات الخلفاء بالسيدة الشريفة.
  وبسبب المكانة الرفيعة التي حصلت عليها نساء القصر فقد تراكمت لدى بعضهن المال الوفير وصل الى اربعمائة الف دينار؛ نتيجة لأعمالهن التجارية والهدايا التي حصلن عليها فأشترين به الاقطاعات الكثيرة وأستثمرنها؛ فهي بتوظيف اموالها بمشاريع تكون قد قدمت فائدة اجتماعية؛ لأنها بذلك قد وفرت فرص عمل للفقراء والمحتاجين مما انعكس ايجابياً على حياتهم العامة، ومن بين تلك الجواري هي عائشة جارية الامير عبد الله بن المعز الفاطمي، وكان دليل ثراء بعضهن أن اصبحن على السنة الشعراء.
وبسبب الحظوة السياسية لأمهات الامراء الفاطميين فقد ترتب على ذلك اثراً اجتماعياً واضحاً، ولعبن دوراً مهماً في مسيرة ابنائهن، فمثلاً ادت ام الوزير الافضل دوراً معيناً في الكشف عن المحبين والمبغضين لابنها الوزير، فقد جعلت من نفسها جاسوساً فنزلت للشارع عند شروع ابنها في تعقبه لنزار، فكشفت عن ما يدور في خَلَد الناس من افكار ومشاعر تجاه ابنها الافضل، فكانوا بين القادح والمادح عن طريق استنطاق الناس بالسؤال عن مدى حبهم للأفضل، وعندما رجع من حملته زودته بالموقف، فعمل على معاقبة المبغضين له وأثاب المحبين له والموالين.
  كذلك شكّل تدخل امهات الخلفاء خرقاً خطيراً خصوصاً اذا ما قورن بقضية محاولات قتل الوزراء وبالذات محاولة قتل طلائع بن رزيك، بتدبير من عمة الخليفة الحافظ بأمر الله سنة(556هـ)؛ فكانت متذمرة من تفرده بشؤون القصر، خصوصاً بعد تزويج ابنته للخليفة، الامر الذي ساعده كثيراً في التسلط على شؤون القصر وسبب ازعاج الحريم، فأغرت السيدة عمة الخليفة بعض المصريين بالأموال فقاموا بقتله، كذلك كانت للآمر بأحكام الله الفاطمي جارية متعلمة ومثقفة بعلوم متعددة تحبه وتخاف عليه من خصومه وخصوصاً الافضل وزيره الذي حاول قتله والتخلص منه؛ لذا حمته بكل ما تملك من علم وحيلة ودهاء.
   ضم القصر بين اروقته العديد من النساء اللائي لا وظيفة لهن الا ادخال السرور على قلب الخليفة الفاطمي والامراء وارباب الحكم ألا وهنّ : الاماء والجواري من اللواتي يُجِدنَ الرقص والطرب والعزف على مختلف الآلات الموسيقية.
   وبالرغم من إن نساء القصر قد وصلن الى مراتب ومستويات عليا، الأ انهن لم يكن منأى عن عقوبة الدولة اذا لم يكن مرضي عنهن، فقد قيل بأن الحكام الفاطمي امر بوضع بعض من محظياته وامهات اولاده، ووضعهن في صناديق مقفلة والُقِيَن في النهر، كما سد الباب على بعض محظياته حتى توفاهن الله()، وقيل بأن العلّة في ذلك ان الحاكم الفاطمي كان من غيرته على نسائه يتجسس عليهن ويُضّيق عليهن، كما صادر املاك بعض نساء البيت الفاطمي فقد امر بأن تصادر املاك بعض خواص نساء القصر، وحرمهّن من امتيازاتهّن واقطاعاتهّن(7).
الفقرة الثانية / نساء العوام : 
   كانت من اولى الاعمال التي قامت بها النساء في العصر الفاطمي كما يتبادر الى الذهن هي الاعمال المنزلية، فلا وظائف ولا تعليم لهم ولا اعمال حرة الا ما ندر، فانعكس ذلك في البيت عملا جميلاً اتضح في نظافة البيت وتربية الاولاد وتهيئة الطعام وتلطيف الاجواء للزوج، كذلك كانت تقوم بأعمال خارج المنزل مثل:
1- الماشطة : وهي من تختص بتحضير العروس في يوم زفافها.
2- القابلة: هي التي تتولى توليد المرأة عند حلول وقت المخاض.
3- الصانعة: هي التي تقوم بإزالة الشعر من جسم المرأة، وكانت تحضر الى بيوت النساء، او الحمامات العامة ولاشك ان وظيفتها مرتبط بوجود العرائس.
4- الغاسلة : هن اللواتي يقمن بتغسيل الموتى من النساء ومنهن الروميات واليهوديات الى جانب المسلمات، وربما كانت كل منهن حسب طائفته.
5- النائحة: وهي من المهن المرتبطة بحياة المصريين بشكل كبير ويتجلى ذلك بخروج النساء بالطبل والنوح على الميت. لكن هذه العادة القديمة نهى عنها الحاكم وسجن المخالفات.
6- الدلالة : وهن النساء اللائي يأتين الى بيوت نساء الأشراف او مَنْ لا يسمح لها زوجها بالخروج من البيت، لأجل بيعها بضاعة قد تكون ملابس او عطور، ويبدو أن لهذه المهنة اثر كبير تمثل في اطلاعهن على ما موجود في بيوت الناس وعلى اسرارها ربما، فاستخدمهن الخليفة الحاكم لاستطلاع احوال الناس وكان اغلبهن من العجائز. 
7- المعلمة: وكان اغلبهن من الذميات وخصوصاً اليهوديات وكن يتعلمن فن التطريز وشغل الابرة، وفتحت مدارس لتعليم التوراة.
المصادر:
(1) سلطان، الحياة الاجتماعية في العصر الفاطمي، ص109.
(2) المقريزي، الخطط المقريزية، 1/410.
(3) احمد، المرأة في العصر الفاطمي، ص76.
(4) سلطان، الحياة الاجتماعية في العصر الفاطمي، ص112.
(5) المقريزي، اتعاظ الحنفا، 2/6.
(6)سلطان، الحياة الاجتماعية في العصر الفاطمي، ص110.(7) احمد ،المرأة في العصر الفاطمي،ص86 .
 

شارك هذا الموضوع: