المشكلات الحدودية بين دولتي السعودية واليمن
م.م. زينب محمد ياسين / قسم الجغرافية التطبيقية 
   في الجغرافية السياسية هناك عدة أنواع لنزاعات الحدود السياسية بين الدول منها النزاع على الموارد في المناطق الحدودية، النزاع حول موقع الحد، النزاع بسبب الحدود التي نشأت في ظروف اختلفت عن الواقع، النزاع على منطقة تحاول إحدى الدول أن تنتزعها من دولة أخرى سواء كانت في اليابس أو في الماء والنوع الأخير من هذه النزاعات ينطبق على مشكلة اليمن في حدودها مع السعودية، ومن خصائصها أنها بين دولتين متجاورتين والنزاع على الحدود البرية يطلق عليه البعض مصطلح الحدود في الرمال.
   يرجع جذور النزاع السعودي اليمني إلى الفترة 1921- 1934 عندما استولت السعودية على مساحة تقدر(336.000 كم2) أي ما نسبته 38% من مجموع المساحة الكلية للجمهورية اليمنية التي كانت تبلغ عام 1922 قبل الاستقطاع ( 876.000 كم2) وتشمل كل من عسير ونجران وجيزان ؛مما قلص مساحة اليمن الى (531.000 كم2) ، واعتبرت السعودية حينها ان قرار الضم أمر طبيعي وما هي الا استجابة لطلب حاكم عسير(الإدريسي) حسب اتفاقية عام 1926 التي أعطت للسعودية أمر الدفاع عن ممتلكات الحاكم الإدريسي الموالي  في الأصل لأمراء الدرعية في عسير ؛ بينما عد الإمام يحيى تلك الإمارة تابعة لليمن على اعتبارها تابعة للمخلاف السليماني التابع تاريخيا لحكام صنعاء.
  المخاليف اليوم هي بمثابة مناطق إدارية محصنة وعقب المواجهات العسكرية بين الطرفين وسقوط عدد كبير من القتلى والجرحى بحرب استباقية شنها الملك عبد العزيز آل سعود بعد إدراكه حقيقة إصرار اليمنيين استرداد أراضيهم ، أبرمت اتفاقية الطائف في 19/5/1934 تحت رعاية لجنة الصلح العربية وأعضاء المؤتمر الإسلامي أمثال أمين الحسيني مفتي عن دولة فلسطين وثلاثة آخرون من دول عربية أخرى ، للتوسط بين البلدين لإنهاء الخلاف ومن شروطه حددت المادة 22 من الاتفاقية (من حق اليمنيين بعد 20 عام إعلان المطالبة باسترجاع أراضي عسير ونجران واستعادتهما إلى حظيرته الطبيعية في اليمن كما كان شأنها منذ الأزل ،أي أن الاتفاقية تنقضي صلاحيتها عام 1954 ، ثم شكلت لجان خاصة قامت بوضع العلامات التي بلغ عددها 492 عمودا على امتداد الخط بين السعودية واليمن ، إلا أن الرغبة التوسعية للسجية السعودية قاده عام 1969م للسيطرة على منطقتي شروره والوديعة وكانت هناك محاولة للوصول الى حضرموت وإقامة منطقة عازلة فيها.
    ظلت المماطلة في موضوع الملف الحدودي تجر فصولا وعهدا وراء عهد في اليمن، إلى أن جاء مشروع التوحيد وبموقف واضح وجريء أعلن الرئيس اليمني السابق (علي عبد الله صالح) – قتل على يد حركة انصار الله ، أنه لن يتم حسم قضية الحدود ما لم تتحقق الوحدة، واطلع الملك فهد بن عبد العزيز في زيارة له إلى مدينة حفر الباطن السعودية 1990 ضرورة تأييد المملكة العربية السعودية لإعلان الوحدة اليمنية لما فيه حل الخلاف الحدودي وتقوية الصف العربي، فأيد الملك فهد الوحدة اليمنية مقابل إعلان الجمهورية اليمنية استعدادها لحل قضايا الحدود مع جيرانها، وفي عام 2000 جرى التوقيع على اتفاقية جدة التي وضعت الصورة النهائية للحدود الدولية بين البلدين في معسكر الخرخير كما أكدت على إلزامية وشرعية معاهدة الطائف ، وترسيم خط الفاصل بين البلدين بطريقة ودية وإخلاء المواقع العسكرية وترك منطقة حدودية مشتركة لمسافة 20 كم مخصصة للرعي وتمنع أي استحداثات من الجانبين.
 إلا أن المملكة عاودت الكرة واستحدثت نقاط أمنية وجدار مكهرب مرتبطة بمنظومة الكترونية مدعية القضاء على عمليات التهريب والتسلل متجاوزة اتفاقية جدة ، مما اثأر حفيظة القوى الوطنية في اليمن ومنها الحركة الحوثية الذي اعتبرها عنصرية أكثر مما هو أمنية والدليل بناء جسر يربط أراضيها بدولة البحرين، لتتفجر الحرب بين الطرفين على الشريط الحدودي خلال الحرب السادسة  المعروفة باسم (حروب صعدة)،وفي 11/5/  2015 تحديدا استهدف الحوثيون نجران وجيزان الحدودية 150 صاروخا من نوع الكاتيوشا وقذائف الهاون بعد تكثيف قوات التحالف غاراتها الجوية على صعدة .
  يبدو أن النهج التوسعي القديم لازال في حاضرة السعودية ، فحسب صحيفة الثورة اليمنية استولت السعودية (42000 كم2 ) أي بنسبة 8% من الأراضي اليمنية في حضرموت واقتلعت العلامات الحدودية ونقلتها لمسافة 700 كم أخرى إلى مثلث الشيبة على حدود عُمان ليكون له منفذ على بحر العرب ، بذلك اصبح مجموع الاستقطاعات السعودية من الجغرافية اليمنية خلال مرحلتين الأولى عام 1922 والمرحلة الثانية خلال عاصفة الحزم ما يعادل 46% من مساحة اليمن الكلية مما يدل ان الاطماع السعودية في اليمن ليست جديدة بل أن بلوغ أقصى جنوب الجزيرة العربية حلم سعودي منذ القدم تكللت مؤخرا بمشروع القرن الأمريكي السعودي والذي يتمثل بإنشاء خط أنبوب نفطي من الأراضي السعودية عبر محافظة المهرة وصولا إلى بحر العرب كبديل عن مضيق هرمز، وعززت تواجدها العسكري بالقرب من ميناء نشطون النفطية التابعة للمحافظة واستحدثت أخرى وأعلنتها منطقة عسكرية ، ويجسد ذلك إدخال محافظتي المهرة وحضرموت ضن إقليم واحد في التقسيم الفيدرالي لليمن. إلا أن قبائل المهرة شكلت حراكا شعبيا مناهضا للتواجد السعودي وقوات التحالف ووصفته بدولة (الاحتلال) ودعوا إلى السيادة اليمنية وعلى رأسهم (علي سالم الحريزي) وكيل محافظة المهرة السابق الذي أقاله الحكومة الشرعية في اليمن (عبد ربه منصور هادي) ويدعمه الجانب السعودي.
 

شارك هذا الموضوع: