م.م سرى عمران نوح
قسم الجغرافية التطبيقية
    “المظاهر الحضارية في العصر الحجري الشبيه بالكتابي في تاريخ العراق القديم “
المظاهر الحضارية ظهرت بداية الامر مظاهر بسيطة عبارة عن اعمال تجريبية تعبر عن بساطة الحياة بذلك الوقت لكن متطلبات الحياة والفكر العراقي القديم دفع  سكان بلاد الرافدين الى ان يحققوا منجزات حضارية في غاية الاهمية في حياة الانسان قديماَ وحديثاً ،هذه المظاهر ظهرت في العصر الشبيه بالكتابي لمتطلبات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والدينية ،فظهرت الكتابة بأبسط صورها ، وهي الكتابة الصورية .
فظهرت اول العلامات الصورية التي استخدمت للتدوين بـ اواسط الالف الرابع ق.م تنحصر هذه الفترة بالمدة ما بين (3000ـ 2800) اطلقوا عليها الباحثون العصر الشبيه بالكتابي ، لأنه على الرغم من ظهور الكتابة الا انها كانت بطورها البدائي قاصرة على واردات المعابد ، شهد هذه الفترة طلائع الحضارة الناضجة التي ازدهرت في القسم الجنوبي من العراق اذ كان هناك تطور واضح في كافة الجوانب الحضارية وبمقدمتها اختراع الكتابة .
الكتابة في هذه الفترة كانت عبارة عن رموز او رسوم الغاية منها اخبارية او تذكارية في القسم الجنوبي من العراق الذي يعرف ببلاد سومر حيث شهد اختراع اول انواع الكتابة المعروفة بالعالم التي تطورت وعرفت بعدها باسم الكتابة المسمارية بـ اواسط الالف الرابع ق.م .فكانت حضارة الوركاء تتميز بضهور الكتابة الصورية ً. فكانت المرحلة الصورية هي اقدم المراحل بتاريخ الكتابة اذ عثروا على نماذج من الكتابة الصورية في الوركاء  في حرم معبد أي انا كما عثر على مجموعة منها في تل العقير وجمدة نصر واور ، فكانت مقتصرة على تدوين اشياء بسيطة مثل واردات المعبد واملاكه، ونصوص اقتصادية وجداول بأسماء المواد التي  كانت تؤدي الغرض المطلوب.
وسميت هذه الكتابة بالصورية لا نها تعتمد على رسم صورة المواد والاشياء المراد تدوينها ، فكانت كل صورة تعبر عن كلمة، فكان يعبر كن كلمة سمكة برسم صورتها ويعبر عن كلمة قدم برسم صورتها وعن كلمة الطائر بر سم صورته وهكذا مع بقية الكلمات .
وفي الفترة الاخيرة من الاستيطان الانسان الاول صارت المعابد هي صاحبة الملك وبدأت تجني المحاصيل الزراعية وتربية الماشية ومنذ ذلك الوقت بدت الحاجة لتوثيق وضمان هذه الموارد ومن بين العديد من الحرف اليدوية كان فن الحفر على الحجر ومن هنا بدأت صناعة الاختام ، فكان الغرض الرئيسي منها هو التعرف وتوثيق الممتلكات الشخصية من خلال ختمها بختم خاص فكان بمثابة توقيع الملك. وضهر خلال تلك الفترة اكثر من نوع من الاختام منها الختم الاسطواني اذ ضهر هذا الختم الاول مرة خلال العصر الشبيه بالكتابي ، واختص كل دور حضاري بطراز وخصائص معينة بالنسبة للأختام الاسطوانية ، واستخدم الختم الاسطواني على نطاق واسع بعد اختراع الكتابة لتوثيق العقود والمعاملات التي كانت تدون على الواح الطين ،واستخدم الختم كعلامة دالة على اداة تعريف بملكية الشخص صاحب الختم . ويعد الختم الاسطواني من سمات الحضارة العراقية القديمة.
كما تميز العصر الشبيه بالكتابي بضهور عدد من المعابد المهمة التي تميزت مجموعة منها مشيدة على المصاطب الاصطناعية مثل معبد ( أي ـ انا) التي شكلت اساساً لظهور المعابد العالية الزقورات التي اختصت بها حضارة بلاد الرافدين ،حيث امتازت معابد هذا العصر بفخامتها واناقتها وطرازها المعماري الجديد الذي اقيم على مصاطب اصطناعية ،كما نشا في هذا العصر دولاب الفخار الذي هو عبارة عن لوح خشبي مسطح ، ومن اهم الفنون التي مارسها العراقيون القدماء  في هذا العصر هو فن النحت وكات تعبر عن الاحاسيس الفنية والافكار والمعتقدات الدينية ، اذ ضهر بهذا الدور فن النحت بنوعين البارز والمجسم ضهر لأول مرة بحضارة وادي الرافدين .
 ومن النماذج المهمة التي خلفها السومريون مسلة صيد الاسود وهي قطع فنية من حجر البازلت الاسود منقوش عليها شخصين يهجمان اسوداً بالنبال والرماح ، ومن انواع النحت البارز الاناء النذري الذي وجد بمدينة الوركاء محفوظ حالياً بالمتحف العراقي ، ويعتبر ذو اهمية لأنه يمثل صورة المدرسة السومرية الاولى بفن النحت . 

شارك هذا الموضوع: