إنَّ من الدلائل على المعاني متعلقات النص في الخارج، أي ما يحيط بالنص من ظروف، كأن يكون مقتضى الحال، و سياق الحال وهو الذي يحتوي على ما يشكل الدلالة في النصوص الأدبية لصلته الوثيقة بالكاتب وما يمكن أنْ يتفاعل معه ذلك الكاتب من اجواء موحية إلى مقاصد يود إنْ يقف عندها ويوصلها إلى المتلقين بطريقة كتابية معينة بمختلف أشكالها وصورها، كأن تكون قصيدة أو قصة أو رواية وما إلى ذلك، فضلا عن أنّ ما يتخيله الكاتب مضمنا إياه في نصه، وما يعتلج في داخله من ردود أفعال نفسية أيضا سوف تظهر في النص وهذا يعد ضمن العوامل الخارجية إلى حد ما .
وعلى هذا يكون من مستلزمات إظهار المعنى ما اسماه العالم ريفاتير في الأسلوبية البنيوية بالمحور الخارجي أي متعلقات النص في الخارج التي لها الأثر البالغ في الوقوف على المعنى المراد من النص وفق تدبرات القارئ لما يمكن إنتاجه من نص خاضع للإمكانية اللغوية والمعجمية للقارئ.
هنا يرد سؤال: هل يمكن سحب هذا المحور للوقوف على المعاني المرادة من الآيات الكريمات في النص القرآني بالاتكاء على ما يحيط بها من أسباب نزول وما إلى ذلك من متعلقات خارجية واحداث، حتى تكون دليلا على قصد الله تعالى؟ وللإجابة على هذا السؤال نقول: إنَّ مقاصد الله تعالى لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، ومن أراد أن يعرفوها، وهم محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام، وأن تكون حادثة معينة مقترنة بآية معينة ذلك فيه إيضاح لمعنى أو وجه من وجوه المعنى للآية، أمّا القصد الحقيقي لله فهو مكنون في صدور من كان علمهم لدنّيّا منه سبحانه وتعالى، أي إنّ الاحتكام إلى حادثة أو سبب نزول معين لا يبين القصد الكامل للآية إنّما يوضح وجهًا من وجوه المعنى، إذ إنّ المعاني تؤخذ من اللغة والمقاصد تؤخذ مما يريد الكاتب أو المؤلف إيصاله إلى المتلقي، وبما أن المؤلف هو الله تعالى فإن مقاصده لا يُتَوصّل إليها من سبيل اللغة فقط; لأنّ الله أكمل من أن يُتَوصّل إلى مقاصده عن طريق اللغة فقط، ولابد أن يكون هنالك موضح بين الله تعالى وبين من أراد أن تصل إليهم المقاصد وهم العباد، لذلك اصطفى لنفسه آل محمد صلى الله عليهم وسلم حتى يكونوا الوسيلة لهذه المهمة، ودليلنا إلى ذلك؛ إنَّ كثيرا من الآيات الكريمات اقترنتْ بأسباب لنزولها إلا أنّ الرجوع إلى آل محمد في الوقوف على معانيها مغاير تمام المغايرة لما اقترن بسبب النزول وهذا يعطي دلالة واضحة على أنّ متعلقات النص الخارجية لها أثر في بيان بعض المعاني، أو وجه من وجوه المعنى وليس لها الامكانية أو القدرة التي توقفنا على القصد الحقيقي لله تعالى.
هل المحور الخارجي عاجز عن كشف قصد المتكلم؟
النظريات في هذا الصدد
النظرية التقليدية: ترى أن المحور الخارجي ضروري لكشف المعنى الكامل للنص القرآني. يعتمد المفسرون التقليديون بشكل كبير على أسباب النزول لفهم السياق.
النظرية الحديثة: بعض المفكرين يرون أن المحور الخارجي ليس أساسيًا، إذ إن النص القرآني يمتلك طاقة ذاتية تكفي لتفسيره دون الاعتماد على ظروف نزوله.
النظرية التوفيقية: تجمع هذه النظرية بين الرأيين، إذ تعترف بأهمية المحور الخارجي، لكنها لا تعده المصدر الوحيد لفهم النص.
المحور الخارجي وقصد المتكلم
عجز المحور الخارجي: المحور الخارجي قد يكشف الظروف المحيطة، لكنه قد يعجز عن الإحاطة بالقصد الإلهي الشامل الذي يتجاوز الحدود الزمانية والمكانية. مثال ذلك، آيات تتحدث عن مفاهيم غيبية أو أخروية لا يمكن تفسيرها بشكل كامل استنادًا إلى المحور الخارجي.
قدرة المحور الخارجي: في بعض الأحيان، يُظهر المحور الخارجي المعاني بشكل أفضل، خاصة في النصوص المتعلقة بالأحداث التاريخية، مثل غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
فإن تنبهت الى المعاني المقترحة للآيات تجد ان لازمتها الزمنية او الحادثة التي تعلقت بها تبين وجه من وجوه المعنى لا القصد الذي أراده الله على وفق تفسيرات أهل البيت عليهم السلام