م.م سرى عمران نوح
قسم الجغرافية التطبيقية
“المنظمات الدولية غير الحكومية ودورها في حماية حقوق الانسان”
تحظى المنظمات الدولية غير الحكومية بأهمية كبيرة على المستوى الدولي وذلك لأهمية المهام التي تقوم بها في مجالات الحياة كافة ،ولاسيما في المجال الانساني حيث تشكل قضايا حقوق الانسان وحرياته الاساسية واحدة من اوليات هذه المنظمات لذلك فقد مارست المنظمات الدولية غير الحكومية ادواراً متعددة لغرض توفير الحماية اللازمة للإنسان وحقوقه الاساسية .
ثمة العديد من التعاريف الفقهية التي سيقت للمنظمات الدولية غير الحكومية منها ما هو فقهي ،والبعض الاخر يوصف بانة قانوني ،فعلى صعيد الفقه :تم تعريفها على انها (منظمة لا يتم انشائها باتفاق بين الحكومات وانما تنشا باتفاق بين اشخاص او هيئات كما انها تضم اساساً ممثلين واعضاء غير حكوميين). وعرفها البعض الاخر بانها عبارة عن جمعيات او تنظيمات غير رسمية او اهلية تضم في عضويتها جماعات من الافراد او الروابط الاهلية في مجالات ذات علاقة تجسد وجود تضامن عبر وطني او قومي .
وعرفها الدكتور جلال صلاح الدين بانها :تلك المنظمات التي تعمل في ميدان الاغاثة والمساعدة الانسانية وبالتالي تستبعد المنظمات ذات الطابع السياسي لفقدانها لعنصر الحياد.
اما فيما يتعلق بالتعاريف القانونية فثمة جملة من التعاريف نذكر منها بانها عبارة عن مؤسسات وجماعات متنوعة الاهتمام تكون اما مستقلة كلياً ام جزئياً عن الحكومات وتتسم بالعمل الانساني والتعاون الدولي دون ان يكون لديها أي اهداف تجارية. وعلى العموم وبالاستناد الى ما تقدم يمكن تعريف المنظمات الدولية غير الحكومية على انها “عبارة عن منظمة يتم انشائها من قبل الافراد او الهيئات الخاصة من غير الحكومات ويتصف نشاطها بانة عابر لحدود الدول ولا تستهدف تحقيق الربح المادي”. فهي منظمات ذات نشاط يتعدى حدود الدول وهذه المنظمات لا تنشئها الحكومات ، يتسم عمل المنظمات غير الحكومية في الدفاع عن حقوق الانسان والتي تعمل ضمن نطاق القانون بالاعتماد على الدقة في المعلومات وتوخي الصدق في العمل ،ورصد ومراقب التغيير العملي للسلطات وخاصة السلطة القضائية كما وتقوم هذه المنظمات بشكل مباشر مع الجهات المعنية الدول من اجل اتخاذ الاجراءات اللازمة لوقف أي انتهاك ضد الافراد والمطالبة بمعاقبة المسؤولين عن تلك الانتهاكات ،كما تساهم تقارير هذه المنظمات في تعبئة الراي العالمي لدعم قضية حقوق الانسان في كافة انحاء العالم.
كما وتوصف ظاهرة الاجتماع الحر والمنظم للأشخاص بمبادرتهم الذاتية ولدوافع غير ربحية من بين الانجازات الحضارية الكبرى التي تتجاوز بها الشعوب الروابط الضيقة او المصالح المباشرة الى الدفاع عن قيم انسانية عليا ،ويمكن القول في هذا الصدد ان وجود علاقات بين افراد المجتمع خارج فضاء السلطة والثروة تشكل وسيلة هامة لجعل العلاقات البشرية اكثر ديمقراطية. ومن الاسباب التي كانت وراء ظهور هذه المنظمات هي تزايد الوعي والادراك بضرورة واهمية بناء مجتمع مدني عالمي يحقق مفهوم المواطنة الدولية ويضمن للأفراد حق المشاركة والتعبير عن الراي ، ان سمة التنوع وتعقد المشكلات والتحديات العالمية على نحو يفوق قدرة الدول والمنظمات الدولية الحكومية في مواجهتها ،مما استوجب ظهور المنظمات الدولية غير الحكومية . ومن الامثلة على هذه المنظمات : منظمة العفو الدولية وهي حركة عالمية ، انشات في لندن عام 1961م تتقيد بمبدأ الحياد وعدم التحيز فهي مستقلة عن جميع الحكومات والايدلوجيات لسياسية ، وتحشد في اطار عملها نشطاء متطوعين وهم ناس يكرسون وقتهم وجهدهم طواعية للتضامن مع ضحايا انتهاكات حقوق الانسان ، تمتلك المنظمة اعضاء في ما يزيد عن 140 دولة وينتمي هؤلاء الى مختلف فئات المجتمع ، وتتنوع آراؤهم السياسية ومعتقداتهم الدينية لكن ما يجمعهم ويؤلف بينهم هو الاصرار على العمل من اجل بناء عالم ينعم فيه كل فرد بالحقوق الانسانية .
وتسعى هذه المنظمة على اساس من النزاهة والتجرد الى تعزيز احترام جميع حقوق الانسان المنصوص عليها في الاعلان العالمي لحقوق الانسان ،وترى المنظمة ان حقوق الانسان كل لا يتجزأ ويعتمد بعضها على بعض ، وان ينعم البشر في كل مكان بحقوقه الانسانية كافة، ويتمثل محور نضال الحركة في اطلاق سراح جميع سجناء الراي العام وهم الذين يعتقلون في أي مكان بسبب معتقداتهم السياسية او الدينية او أي معتقدات اخرى، وتسعى الى ضمان محاكمة عادلة لجميع السجناء ،و الغاء عقوبة الاعدام ووضع حد لعمليات الاغتيال وحوادث الاختفاء ، ومعارضة الانتهاكات التي ترتكبها جماعات مسلحة ومعارضة اعمال القتل دون وجه الحق .
ومنظمة اللجنة الدولية للصليب الاحمر التي نعمل على اغاثة ضحايا الحروب والنزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية بمختلف انحاء العالم ، تمول عبر مساهمات تقدمها الدول الاعضاء في اتفاقيات جنيف والجمعيات الوطنية للصليب والهلال الاحمر .تأسست اللجنة بناءً على اقتراح من السويسري هنري دونان ،الذي اقترح في كتابة تذكار سولفرينو تكوين مجموعات من المتطوعين في كل بلد تعني بالجرحى اثناء الحرب. فتم انشاءها عام 1863م ، واعتمدت اللجنة شارة الصليب الاحمر على خلفية بيضاء وهو مقلوب العلم السويسري ،ومن مبادئها الاساسية هي الانسانية وعدم التحيز والحياد والاستقلالية والخدمة التطوعية والوحدة والعالمية .
ومن المنظمات الغير دولية ايضاً اللجنة العربية لحقوق الانسان وهي منظمة غير حكومية مستقلة تناضل لحماية حقوق الانسان العربي بعيدة عن أي انتماء حزبي او مذهبي وتعتمد على الشرعية الدولية لحقوق الانسان انشات في قبرص عام 1983م ومقرها القاهرة .اذن تعتبر المنظمات الغير حكومية ركيزة من ركائز حماية حقوق الانسان في المجتمع الدولي نظراً للإمكانيات والاليات المتعددة التي تملكها من تحقيق مصالح الافراد والدفاع عنها ومحاولة ايقاف انتهاكات حقوق الانسان وتسعى الى تنفيذ القوانين الوطنية والدولية المتعلقة بحقوق الانسان ،واصبحت ضماناً كبيراً لمبادئ القانون الدولي لحقوق الانسان.
ِ