اسم الطالب: م.م فاضل عباس مشعل 
جامعة كربلاء/ كلية التربية للعلوم الإنسانية / قسم التاريخ
 
المولوية
 
       تعد المولوية من احدى الطرق الصوفية ، والتصوف في نظر البعض هو من المدارس الروحية التي نشأت في الإسلام من أجل تربية السالكين تربية إسلامية صحيحة تؤدي رسالة الهداية إلى طريق الله ، فقد أجمعت كلمة الناطقين في هذا العلم أن التصوف هو محاولة للتسلح بقيم روحية جديدة تعين الإنسان على مواجهة الحياة المادية ، وتحقق له التوازن النفسي والسلوك الإيجابي الذي يساعد على ربط الإنسان بمجتمعه بتأكيده على الجوانب الأخلاقية بالإبتعاد عن الشهوات والإنغماس فيها وترقية النفس بالفضائل .    
       يرى أهل التصـوف ان المنـاهج الإسـلامية لا يمكـن إدراك مغزاهـا ولا معتقـداتها ولا أسـس أساليبها الّا من خلالها الوصول الى المفاهيم العامة او الخاصة لهذا المنهج ، عن طريق الولوج فيهـــا والتلـــبس بهـــا ، او بمعنـــى آخـــر لا يـــدرك التصـــوف ولا يعـــرف أســـراره الا صـــوفي ، لـــذا فـــان الدراسـات او الكتابـات التـي تبحـث فـي التصـوف مـا هـي إلا شـذرات بسـيطة تبحـث فـي ظواهرهـا وبعـض معتقـداتها وتقاليـدها وأسـلوبها ، لان أسـاس عمـل التصـوف هـو الـروح مـع فنـاء الجسـد ، فالوجد والهيام والوصـول إلـى الحضـرة الإلهيـة لا يتحقـق إلا مـن خـلال العمـل والاجتهـاد بالعبـادات والطاعات وتهذيب الـنفس البشـرية وابعادهـا عـن ماديـات هـذا العـالم الفـاني ، حينـذاك يكـون المريـد  قـد حقـق المـراد وحصـل علـى حالـة الاتحـاد والفنـاء فـي الخـالق ، فالتصوف وفقاً لهذا المنظور يستمد جذوره من القرآن والسنة النبوية المطهرة ومن حياة الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) وأصحابه والتابعين ، ولذلك يطلق عليه التصوف السني الذى لا يشوبه أي تعارض مع كتاب الله وسنة نبيه حسب ما يراه أصحابه .    
 
 
اولاً: نشأت المولوية :-        
         كان أهل هذه الطائفة يسمون برجال خراسان أو صوفية خراسان بسبب تمركزهم في هذه المدينة في ذلك الوقت ، كما كانوا يسمون كذلك بالملامتية لعدم اهتمامهم بعلاقة الناس وإدانتهم واقترافهم الأفعال التي يلامون عليها وملامتهم وتحقيرهم وازدرائهم لأنفسهم ، وقد اتخذ هؤلاء من الأسماء مثالا يحتذى به . 
         وتقع هذه الفرقة في فئة خاصة ، حيث تشتق من مهاجر فارسي إلى الأناضول انتمى إلى التراث الخراساني أكثر من أي تراث آخر وهو جلال الدين الرومي ، كما أن تأثيرها انحصر على آسيا الصغرى والمناطق الأوروبية العثمانية ، وكانت هناك بعض التكيات التي أسست في أماكن مختلفة مثل دمشق والقدس والقاهرة ، وقد كانت هذه التكايا غالبا ما تكون من أجل الأتراك.    
 
ثانياً : جلال الدين الرومي ( ٦٠٤ هـ – ٦٧٢هـ )  :-
         هو محمد بن محمد بن أحمد البلخي القونوي الرومي ، عالم بفقه الحنفية ، وهو من المتصوفة ، وصاحب المثنوي المشهور بالفارسية ، من أكبر شعراء التصوف في العالم الإسلامي ، عالم وفيلسوف ومؤسس الطريقة المولوية ، ولد في منطقه بلخ في خراسان ، والده كان سلطان العلماء بهاء الدين ولد ، والدته مؤمنة خاتون من عائلة الإمبراطورية الخارزمشاهية ، انتقل مع أبيه إلى بغداد في الرابعة من عمره ، فترعرع بها في المدرسة المستنصرية حيث نزل أبوه ، ولم تطل إقامته فإن أباه قام برحلة واسعة ومكث في بعض البلدان مدة طويلة ، ثم استقر في قونية سنة (٦٢٣هـ) ، وعُرف جلال الدين بالبراعة في الفقه وغيره من العلوم الإسلامية ، وتولى التدريس بقونية في أربع مدارس بعد وفاة أبيه سنة (٦٢٨ هـ) ، ثم ترك التدريس والتصنيف والدنيا وتصوف سنة (٦٤٢هـ) تقريبا



ثالثاً : المثنوية:-        
         هي تجمع غير متماسك بين إنطلاقات جلال الدين الرومي وتأملاته القصصية ، وهو مجموعة من الحكايات الرمزية المعبر عنها في صورة شعرية ، ويعتبرها المولوية كإلهام للمعنى الداخلي للقرآن ، وكانت تسمى جامع القرآن في فارس ، وقد نظم جلال الدين الرومي كتاب المثنوي بالفارسية ، وترجم إلى التركية وشرح وطبع بالعربية والفارسية ، وهو عبارة عن منظومة صوفية فلسفية في ستة أجزاء ، كتب مقدمتها بالعربية وتخللتها أبيات عربية .   
       ويقول الرومي عن المثنوي هو فقه الله الأكبر ، لانصرافها إلى تصفية القلب وتطهير النفس وتخلية العقل ، وهذا هو الفقه الأكبر ، لأن تلك مهمة أكبر من الفقه المتعلق بالنكاح والطلاق والبيع والشراء ، ويبدو أن كتاب المثنوي كان للخاصة ، وهم الداخلون في التصوف والغارقون في بحار معارفه . 
 
رابعاً : فنون المولوية :-      
          يُعد الـرقص الدائري وأداء الحركـات الراقصـة مـن طقـوس ومراسـيم المولوية ، وهو من عادات الشـعوب فـي الاحتفـالات الدينيـة الرسمية القديمة ومنذ أقدم العصور ، إذ انها كانت مـن خلالهـا وعـن طريقهـا يـتم التعبيـر عـن الحـالات النفسـية مـن فـرح وحـزن او التهيـؤ للقتـال وغيرهـا ، وكـان أهمهـا مـا يـؤدى خـلال الاحتفـالات الدينيـة سابقاً مـن رقصات تعبيرية رمزيـة للتقـرب بهـا مـن الآلهـة او للحصـول علـى مباركتهـا ، وقـد أشـارت الـى ذلـك الكثير من الكتب التاريخية والمصادر القديمة . 
         ويرى أرباب الطائفة المولوية ان الخلوة والرياضة والذكر والتكية وضروب الملابس الخاصة ما هي وسيلة للوصول إلى الله عن طريق العشق والجذب ، وعادة ما تكون الموسيقى والرقص كلاهما فرضا على المرتحل الحقيقي بغية حدوث الجذب واهتياج العشق . 



خامساً : الذكر عند المولوية :-      
         انقسم المتصوفة إلى عدة طوائف ، ومنها كانت المولوية ، وكان جلال الدين الرومي تزعم هذه الطائفة ، فكانت هنالك عقيدة وحدة الوجود عند هذه الطائفة التي تقول بأن أسماء الله الحسنى موجودة في عدد معين ، ويتوجب ذكرها في مرحلة الرحلة المعنوية والخلفية بغية الوصول إلى الحق سبحانه وتعالى ، وهناك الزهد والنافلة فضلا عن العبادات المفروضة ، وهذا يعنى القيام بالعبادات غير المفروضة مثل الطعام القليل والكلام القليل والنوم القليل والرياضة الروحية عن طريق الانسحاب من الدنيا ونعيمها . 
         وذكر الرومي ان على الانسان أن يختار عشق الأنبياء الذين وجدوا بعشقهم القوة والمجد ، اذ يصح التعبير عن علاقة العبد بربه بالعشق لأنه يعني المحبة الخالصة والعرفان الكامل والوجد الصوفي واستنارة أنوار الحق ، وهو يقول العشق جعل جسم الأرض يعلو على الأفلاك .     
         وقد التزمت المولوية بالخلوة أربعين يوما ولمرات كثيرة ، وهذا يعنى أن تكون العبادة منفردة قائمة برأسها في حجرة مشيدة من أجل هذا العمل ، ولتكن ضيقة محدودة في أغلب الأحوال وفي نفس الوقت فإن الصوفي يتخذ من رؤياه وإيحائه وكرامته أساسا ، وتسمى سائر الطرق المعتمدة على هذا الأساس في حينها الأسماء ، ويعني أولئك الذين يستمسكون بطريق ذكر أسماء الله تعالى .
المصادر
– ترمنجهام ، سبنسر ، الفرق الصوفية في الإسلام ، ترجمة : عبد القادر البحراوي ، ط1 ، دار المعرفة الجامعية (القاهرة : 1994م) .
2- جلبي ، أولياء ، الرحلة الحجازية ، ترجمة : الصفصافي احمد المرسي ، ط1 ، دار الافاق العربية (القاهرة : 1999م) . 
3- جلبنارلي ، عبد الباقي ، المولوية بعد جلال الدين الرومي ، ترجمة : عبد الله احمد إبراهيم ، ط1 ، المجلس الأعلى للثقافة (القاهرة : 2003م) . 
4- حسين ، اياد محمد ؛ حسين ، عامر محمد ، الرقص الصوفي ورمزية الحركات الراقصة (المولوية انموذجا) ، مجلة مركز بابل للدراسات الإنسانية ، المجلد 4 / العدد 3 . 
5 الحنفي ، عبد المنعم ، الموسوعة الصوفية ، ط1 ، دار الرشيد (القاهرة : 1412 هـ) . 
6- القوني ، أبو الفضل محمد بن عبد الله ، اخبار جلال الدين الرومي ، ط1 ، دون مطبعة (المدينة المنورة : 1421هـ) . 
 

شارك هذا الموضوع: