النجاح في الدارين
لا يخفى على احد ما لخلق الإنسان من أغراض ومضامين من شأنها رفع قيمة هذا الانسان وترفعه عن باقي المخلوقات. فهو من يعمر الارض بما منحه الله تعالى عند خلقه من قابليات وامكانات يستعين بها في تادية مهامه الحياتية والمعنويه. هناك مقومات لنجاح الانسان في دنياه ومنها السعي للعمل وكسب لقمة الحلال ومساعدة من هو في حاجة ما، فيها مرضاة رب العباد تعالى. ان من فطرة الانسان التي نشأ عليها هي ان ترشده الى سبل الحياة الآمنة والهانئة حيث استقرار النفس ومحبة الآخرين وقضاء حوائجهم وحث النفس على المضي في طريق ازدهار المجتمع وعلو شأنه بين الامم في ميادين الاخلاق والعلم والانتاج، كل حسب مسؤوليته واختصاصه. فاذا حصل ذلك وسار الناس بهذا الاتجاه سعدوا واطمأنوا وتهيؤا للحياة الأخرى بثقة كاملة وبما ينتظرهم من خالق السموات والارضين. الرب العادل ليجزيهم أجر ما عملوا واجتهدوا وأخلصوا وصدقوا في ان يكونوا عبادا لله عاملين في ارضه، مطبقين لقوانينه الحقة ومطيعين لأولياء نعمتهم السادة الأباة والقادة الهداة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ليكونوا في حجرتهم وتحت ظلهم، فلا خوف ولا هم ولاتعب بل سرور واطمئنان وراحه بعد عناء الدنيا والصبر على مآسيها وتحمل اعبائها ومراقبة النفس ومحاربة الشيطان بالخوف من الله تعالى. نعم انه الفوز بالدارين، فالدنيا امتحان يعد اجتيازه سعادة وفوزا بحد ذاته، فحلاوة الأيمان يتذوقها المؤمن في الدنيا فضلا عن الجزاء الاوفى في الآخرة. وليس كعباد الدنيا الذين نسوا الله فانساهم انفسهم، انه الخذلان والعمى عن رؤية جمال الله تعالى المتجلي بمحاسن الافعال وحلاوة المآل. الدنيا دار بلاء وليست دار راحة واستقرار فلا راحة فيها ولا مضيعة للوقت في دارها. حيث يقول تعالى في حديث قدسي(يابن آدم خلقتك لعبادتي فلا تلعب وضمنت لك رزقك فلا تتعب). فالعبادة هي محور خلق الانسان على البسيطة وخير نتاج لهذه العبادة هي مرتبة العبودية وأن يكون الانسان عبدا صالحا مهيئا لدخول ساحة القرب الالهي .