النص الثابت والنص المتحرك
م. م منى يوسف ناصر
قسم التأريخ
كما هو معروف ان المنظومة الفكرية والمعرفية للحضارة الإسلامية لكل المسلمين مجتمعين تتكون من عنصرين اساسيين هما:
اولا: القران الكريم، والذي يمثل العنصر الثابت في هذه المنظومة.
ثانيا: السنة النبوية الذي يمثل العنصر المتحرك في هذه المنظومة، وما عداهما هو مجرد تقليد، ومحاكاه لهذه المنظومة الفكرية بغض النظر عن صحة التقليد، او المحاكاة، او عدم صحتها. وبالنسبة للسنة النبوية نلاحظ انه لا ثبات في النص القطعي للصدور وذلك لأنه يعتمد في صحته على جمله من المباني والامور لكي يتم اثبات صحة الصدور والقطع ومنها اثبات عدالة الراوي واثبات صحة السند وغيرها من وسائل الكشف عن النص المروي عن الرسول (صلى الله عليه واله).
اما النص الثابت والقطعي الذي يمثله القران الكريم نلحظ انه قد تم الالتفاف والتحايل عليه وذلك لأجل تغييره وتحويله من حاله الثبات والقطع الى حاله التحرك، والتلاعب بالنصوص وذلك عن طريق ما يعرف بعمليتي التفسير، و التأويل، حيث عملت الجهات المختلفة على اخراج النص القرآني من حالة الثبات والقطع وتحويله باتجاهات أخرى، سواء كانت سياسية، او عقدية، او اقتصادية، او فئوية بما يخدم مصالحها، واهوائها الشخصية، وبما يتناسب مع ظروف المرحلة من خلال عمليه التفسير، والتأويل، ولذلك برزت ظاهرة التنوع في تفسير النصوص القرآنية، فظهرت تفاسير نصوصية للفرق والمذاهب، بما يتناسب مع أيدولوجيتها، مثل تفسير الخوارج لقسم من الآيات القرآنية، او تفاسير المعتزلة، او تفاسير الفرق الباطنية، او التفاسير الصوفية.
ويبدو بديهياً ان ظاهرة التلاعب في النصوص الثابتة القطعية للقرآن الكريم، وتحريكها كان يتم بما يخدم الجو العام لصاحب التفسير، او التأويل وبما يتناسب مع اطاره الفكري، او العقدي حتى باتت كظاهرة متفشية عبر مراحل التأريخ المختلفة، والتي كانت لها ابعاد خطيرة على مستويات، واصعدة مختلفة لا شك ان الأخطر كان في اثارة الخلافات، والصراعات بين المسلمين، بالإضافة الى انها كانت وسيلة من وسائل شرعنه الكثير من القضايا والمسائل المهمة خدمة لأهدافهم الخاصة على حساب قدسية النص.