النظام السياسي والتعددية الدينية والطائفية في لبنان ..
 
م.م. إسراء محمدعلي عبدالكريم كسَاب 
كلية التربية للعلوم الإنسانية
يوجد في لبنان الآن حوالي سبع عشرة طائفة* لكل منها هيئة دينية وسياسة مستقلة وهي تتعدى هذه الانتماء الديني في الواقع اللبناني إلى الواقع الاقتصادي والاجتماعي ،وتتعايش في لبنان جميع هذه الطوائف والأديان منذ زمن بعيد بغض النظر عن عددها , وعلى العموم فأن التوازن بين المسلمين والمسيحيين كان قائما بين ما يقرب من 1,5 مليون هم عدد سكان لبنان قبل تدفق ما يربو على ثلاثة آلاف لاجئ فلسطيني كلهم من المسلمين, إذ جاءت هذه الزيادة في أعداد المسلمين على حساب واقع التوازن مع المسيحيين. وكان النظام السياسي في لبنان القائم على الحرية السياسية المتفرد وسط محيطه العربي وخصوصيته الناتجة عن نظام حكمه البرلماني القائم على الانتخابات  وتنوعه الطائفي ووجود الاقليات في تركيبته السكانية ،كل ذلك اسهم في تنوع ايديولوجيته الحزبية من اقصى اليمين إلى اقصى اليسار  .
وفي المدة الممتدة من إعلان استقلاله عن فرنسا في عام 1943حتى وقوع  الأزمة الطائفية في عام 1958، لم يبرز على الساحة اللبنانية سوى الحزب” التقدمي الاشتراكي “الذي تأسس في عام 1949بزعامة كمال جنبلاط  وهو زعيم سياسي لبناني مسلم درزي ولد في بلدة المختارة في جبل لبنان , درس الحقوق وعلم الاجتماع والفلسفة في جامعة القديس يوسف في لبنان , قاد انتفاضتي 1952 و1958 ضد بشارة الخوري وكميل شمعون اغتيل في اذار 1977  وحزب “الوطنيين الاحرار” الذي تأسس في عام 1958بزعامة كميل شمعون وهو سياسي ورجل دولة لبناني مسيحي مارونى ولد في دير القمر وتلقى علومه في لبنان وفرنسا تقلد عدة مناصب وزارية وانتخب نائبا عن الشوف في دورتي 1947 و 1951 بعد ان تحالف مع جنبلاط ضد حكم بشارة الخوري وبفضل هذا التحالف نجح في الفوز بمنصب رئاسة الجمهورية اللبنانية بين عامي 1952و 1958, انتهى حكمه بانتفاضة  شعبية عام 1958 مما ادى إلى تدخل القوات الامريكية لحماية حكمه فنزلت في بيروت وانتهت الازمة بتسليم الحكم للقائد العسكري فؤاد شهاب ( 1958 – 1964 ). ويعد حزب الوطنيين الاحرار من اشد الاحزاب المارونية رفضا ومقاومة للاتجاهات اليسارية والقومية العربية في لبنان ، لذا ليس من قبيل الصدفة أن يستحكم العداء بين كمال جنبلاط وحزبه ذي التوجه اليساري, وكميل شمعون وحزبه ذي التوجه اليميني ، فشكل  الأخير ميليشيا تدعى “النمور” أدت دورها في الحرب الأهلية بشكل واضح لاسيما خلال عامي (1975_1976)منها أحداث تل الزعتر , وطرح الحزب التقسيم الطائفي حلا للازمة اللبنانية ، الا ان نفوذه تقلص بعد وفاة مؤسسه كميل شمعون على أثر عملية أغتيال في السابع من آب عام 1987. 
ويعد ميثاق عام 1943الذي بموجبه حصلت لبنان على استقلاها ، الذي أسهمت عدة عوامل في بلورته لاسيما (الأستياء الشعبي اللبناني من تطرف الأنتداب الفرنسي خاصه “المسلمين” والحركه الوطنيه السوريه) أدت إلى ولادته وأضفت عليه نوعاً من الشرعية ، خال من اية وصاية اجنبية من أي نوع ، وافترض ارتباطه بمحيطه العربي بعلاقات طبيعية  من خلال قنوات الارتباط الاعتيادية الدبلوماسية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية ، فكان عضواً مؤسساً للجامعة العربية عند قيامها في عام 1945 ، وهيئة الأمم المتحدة  في عام 1945 أيضاً فضلاً عن القنوات الدبلوماسية الأخرى.
أما الاقتصاد اللبناني فقد تميز  بالتوجيه الرأسمالي وسياسة اقتصادية تنبع من المفاهيم الرأسمالية.
__________________________________________________________________
  • وقد ورد في تقسيم الطوائف اللبنانية بإنها تعد خمس عشرة طائفة وهي “المارونية , الروم الارثودكس , الروم الكاثوليك , الارمنية الغريغورية , الارثودكسية , الإنجيلية ,الشرقية , النسطورية   اللاتينية , الكلدانية , الإسرائيلية , السنية , الشيعية , الدروزية, العلوية والإسماعيلية “.

  • الميثاق: هو عهد بين الطوائف اللبنانية أي بين المسلمين  والمسحيين فحواه ان يتخلى المسيحيون عن الحماية الاجنبية و يتنازل المسلمون عن مطالبهم بالوحدة مع سوريا وان يبقوا معا دولة مستقلة تتعاون مع سائر دول العالم مع الابقاء على وجهها العربي ومنفتحة على العرب.
 

شارك هذا الموضوع: