النظرية التفكيكية في تدريس اللغة العربية -أ.م.د/ علي حمزة هادي الخالدي
( النظرية التفكيكية في تدريس اللغة العربية)
أ.م.د/ علي جمزة هادي الخالدي
النظرية التفكيكية:
تختلف التفكيكيبة مع التوجيهين السابقين؛ فالرمز اللغوي أو اللفظ لا يحيل إلى معنى بعينه، كما في البنيوية، بل يحيل إلى رمز آخر والرمز الآخر يحيل إلى رمز آخر وهكذا تسلم الرموز إلى بعضها البعض بطريقة يستحيل منها الوصول للمعنى نهائي فالمعنى- بالتالي – محبا دوما ليظل لمستمع أو القارئ يدور في حلقة مفرغة يستحيل معها الوصول الى المعنى النهائي.
وبناء على هذا الإرجاء والاستحالة في الوصول إلى المعنى أطلقت التفكيكية حرية قراءة النصوص حتى النصوص المقدسة فهناك عدد لا نهاية من القراءات المحتملة لكل نص وفقا لخلفية القارئ وهدفه في القراءة التي أسسها جاك دريدا والتي استحدثت منهجا لتفكيك النص المكتوب والكشف عن تناقضاته الكامنة وثغرات فكر مؤلفه ومناوراته اللغوية مساوية بذلك بين نصوص الوحي ونصوص البشر!!
والآن تستخدم العولمة الأسلوب التفكيكي في هجومها على الثقافات الأخرى وخاصة الثقافة العربية الإسلامية بقصد تقطيع أوصالها وعزل ثوابتها عن متغيراتها ثم إعادة بنائها على نحو جديد لخدمة أغراض المعومين!!( البركي، 2006:ص79)
الحداثة في التفكيكية:
الحداثة بمفهومها الفلسفي الأكثر عمومية من المعرفة الممكن تعقلها والتي تحمل معها برهانها الذي يجعلها في مأمن من الريبة والشك .
ويشار إلى الحداثة من المنظور التاريخي بتلك التيارات الفكرية التي انبثقت عن ثورة كانت في نظرية المعرفة والأخلاق وفلسفة الجمال ومع تساؤلات ديكارت عن المعرفة والعقلانية والبرهان المعرفي.
والحداثة حلقات وحداثات تختلف من العالم العربي الإسلامي الذي تختلف حداثته عن الحداثة في أوربا وعنها الصين واليابان فالحداثة كغيرها من الحوادث التاريخية تختلف باختلاف الزمان والمكان وهي مشروطة بشروط الزمان والمكان فالحداثة في العالم الإسلامي هي التي جاء بها الإسلام في القرن السابع الميلادي وامتدت حتى القرن السادس عشر الميلادي وعلى أساسها قامت الحداثة في أوربا عقب عصر النهضة في القرن السادس عشر أو عقب عصر التنوير في القرن الثامن عشر على أساس النهج التجريبي والبرهان العقلي والنهضة الفكرية والصناعية والتجارية ( الكردي،2015:ص123)
ما بعد الحداثة:
أما ما بعد الحداثة والتي تتمييز التجريبية إحدى تجلياتها – فهي حركة تضع فهما جديدا للعالم المعاصر يشمل الأدب والفن والموسيقى والعلم والثقافة والعلوم الإنسانية ونجد لها جذورا في الفلسفات الوجودية والعدمية والفوضى ونجدها أفكر هدجر ونيشة وسارتر وجاك ديردا وغيرهم .
وتمثل ما بعد الحداثة رفضا للحداثة وترى لا فارق هناك بين الفنون و الآداب والعلوم الانسانية والعلوم الاجتماعية وتسعى الى تمزيق الظواهر السطحية لتكشف عما وراءها من نظريات و أيدوجيات وهياكل خفية فهي لا تؤمن بافسلفات ولا بالنظريات ولا تعترف بالخصوصيات إنها تقوم على مبدأ العمومية ونهاية كل ما هو خاص وتفكيك علم الاجتماع وبداية قيام عوالكم فردية أو فردانية.
وتتمسك ما وراء الحداثة بأن ابحث العلمي لا يستطيع أن يفعل أكثر من التوصيف وأن التوصيف خبرة شخصية تختلف باختلاف الباحثين فهم يكرهون المناهج التجريبية وكل إشكال الملاحظة الوضعية المنظمة ويرون أن المعرفة أشكال متنوعة بتنوع الناس والزمان والمكان فكل معرفة خاصة بجماعة معينة وبيئة مهينة.
ويشككون من أن المعرفة قابلة للتعميم وأنها تراكمية من الزمن ويرون أنها خاصة وفردية ويرفضون الحقيقة التي تمثل الهدف من البحث العلمي وتشير إلى نظام وقوانين وقيم ومعايير معتمدة على النطق والعقلانية والتمييز العقلي وتشكك كل هذا أو تثير الريبة حوله.
فما بعد الحداثة اذن مرحلة اجتماعية جديدة في تاريخ البشرية تدمر مثاليات ونماذج عصر التنوير التي تمثلت في أعمال مفكري الحداثة الماركسية والوضعية والدوركهايمية وسائر النظم الحداثية وترفض عالمية العقل ولا تعدها إحدى القضايا المركزية و لا تعد الإنسان قضيتها بل تكنولوجيا هي المثل الأعلى
وتعترض مابعد الحداثة على نتائج البحوث ولا تعترف بتعميم النتائج وتعارض المدرسة ما بعد الحداثية وتعارض استخدام نتائج البحوث للتنبؤ بالقرارات السياسية والاقتصادية وتكاد معظم خصائص المدرسة لما بعد حداثية تظهر أنها حركة لا علمية بالمعنى العلمي الدقيق بل هي حركة فوضوية تشاؤمية تائهة تحاول إن تنمو في أراض اجتماعية تقتنصها من المدارس العلمية وتدعي لنفسها علوا على أفضل ما هو موجود عند الغربيين والشرقيين أي على الحداثة نفسها – من باب الدعاية- ب – ما بعد الحداثة…
او هي اقرب ما تكون إلى حركة عصيان فكري ومدني أصاب أصحاب الملل من النمط الحداثي المتأصل بالعلم والصناعة فأرادوا الخروج عن التقليد بنزعة او بدعة جديدة عسى ان تغير هذه النزعة او البدعة من رتابة الحياة التي يشعر بها أصحابها وليس ادل على ذلك من عدم وضوح أهداف محددة لها تليق الاحترام القائم على الاستدلال والبراهين حتى وان كانت خاطئة ( كزابر، 2008: ص537).
لقد بلغ نيشة – فيلسوف ما بعد الحداثة- من التطرف المناهض للدين الى حد اعتبار الدين والمعرفة كالماء والنار لا يجتمعان أبدا!!
إما رؤية ما بعد الحداثة للفن فقد تخلصت من أن الفن هو إبراز عناصر الجمال في كل ما هو جميل أو رسم ما اتفق على انه جميل ومتسق وسام بل صار من وظائف الفن إبراز القبح وتجسيده وأصبح للقبح نصيبه الموفور من جدران المتاحف والمعارض!!!
وهذا فرويد يرى الفن نوعا من المرض النفسي يحاول المجتمع استبعاده عن الوعي او تنفيسا عن رغبات مكتوبة لم يسمح للمبدع الفني تلبيتها
وعلى نفس الخط يعلن نيشه انه لن يعادي القبح وهذا بيكاسو عبقري الفن التشكيلي يجعل من القبح غاية ترتجى فيقول أن كنت بصدد عمل فني جليل فعليك ان تخطط من البداية بحيث يكون مآله في النهاية القبح
مما سبق يتبين لنا أن أهم خصائص ما بعد الحداثة ما يليك
رفض كل المذاهب والعقائد وأنظمة الاعتقاد المنظمة بما في ذلك كل أشكال التنظير الاجتماعي واللغوي والمرجعيات والأيدلوجيات.
الاعتماد الكبير على البديهة والتصور الفردي والخبرة الشخصية والشعور الذاتي.
الإحساس بعدم المعنى للأشياء والنصوص والتشاؤم والاعتقاد بأن االعلم لن يتطور.
الذاتية الشديدة والشخصية وعدم التمييز بين الذات والموضوع.
النسبوية الحادة وقبول التأويلات اللانهائية بدون تفضيل بينهما.
الاعتقاد في التغير الفوضوي الذي لا تحكمه قاعدة ولا معايير ولا السببية المبررة.
رفض دراسة الماضي للاستفادة منه أو رسم السيناريوهات لمحتملة للمستقبل ورفض الاستفادة من التجارب التي أجريت في الأماكن الأخرى حيث أن الأهمية تنحصر في هنا والآن.
البحث العلمي وصفي وبيئي ونتائجه لا يمكن تعميمها لذلك فهو لا يستطيع تمثيل ما يحدث في العالم الواقعي.
لا تؤمن بعالمية العقل و لابإنسانية الإنسان ولا تعترف بالخصوصيات الثقافية أو الاجتماعية بل الفردية والفردانية.
لا تؤمن بحقيقة كهدف من أهداف البحث العلمي المستند الى العقلانية والمنطق أو النظام والقوانين والقيم إنها فوضى( عبدة،1999: ص 23).