الوحي والطبيعة آيات الكون في القرآن الكريم
م .م محمد عاجل عطيه
كلية التربية للعوم الانسانية , جامعة كربلاء, العراق , كربلاء المقدسة
mohammed.ajel@uokerbala.edu.iq      07757044172
الوحي في الإسلام هو الوسيلة التي نقل الله تعالى من خلالها تعاليمه إلى البشرية، وقد تجلى ذلك في القرآن الكريم، الكتاب السماوي الذي يحتوي على إشارات عديدة إلى الظواهر الطبيعية والكونية. هذه الإشارات ليست مجرد أوصاف بل تحمل في طياتها دلائل على الإعجاز العلمي الذي يتجلى في توافقها مع الحقائق العلمية الحديثة. تهدف هذه المقالة إلى استكشاف العلاقة بين الوحي والطبيعة من خلال تحليل الآيات القرآنية التي تتناول الكون والظواهر الطبيعية، مع التركيز على الإعجاز العلمي فيها.
الآيات الكونية في القرآن الكريم:
  1. السماوات والأرض: قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا} [الأنبياء: 30].تؤكد هذه الآية إلى نظرية الانفجار العظيم (Big Bang)، التي تقول إن الكون كان في بدايته كتلة واحدة ثم انفجر وتوسع. العلماء اليوم يؤكدون أن الكون بدأ من نقطة واحدة ذات كثافة وحرارة عاليتين، ثم حدث انفجار أدى إلى توسع الكون بشكل مستمر. هذه النظرية، التي تم تأكيدها من خلال الملاحظات الفلكية، تتوافق بشكل مذهل مع ما ذكر في القرآن منذ أكثر من 1400 عام قال تعالى:{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ}[الذاريات: 47]. هذه الآية تتحدث عن توسع الكون، وهو ما أكدته الاكتشافات الفلكية الحديثة. في عشرينيات القرن الماضي، اكتشف العالم “إدوين هابل” أن المجرات تتباعد عن بعضها البعض، مما يدل على أن الكون يتوسع. هذا الاكتشاف كان بمثابة تأكيد علمي للآية القرآنية التي تتحدث عن توسع السماوات.
  2. دورة الماء: قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ} [المؤمنون: 18]. هذه الآية تصف دورة الماء في الطبيعة، من التبخر إلى التكثف ثم الهطول. العلم الحديث يؤكد أن الماء يتبخر من المسطحات المائية، ثم يتكثف في الغلاف الجوي ليشكل السحب، ثم يعود إلى الأرض على شكل أمطار. هذه الدورة، التي تعتبر أساس الحياة على الأرض، تم وصفها بدقة في القرآن الكريم. وفي قولة تعالى{وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج: 5]. هذه الآية تتحدث عن تأثير الماء على الأرض وكيف يؤدي إلى إنبات النباتات. العلم الحديث يؤكد أن الماء هو العنصر الأساسي للحياة، وأنه بدون الماء لا يمكن أن تنمو النباتات أو تزدهر الحياة.
  3. الجبال: قال الله تعالى:{وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ}[النحل: 15]. تشير هذه الآية إلى دور الجبال في تثبيت القشرة الأرضية، وهو ما يتوافق مع نظرية “الأوتاد الجبلية” في علوم الجيولوجيا. الجبال لها جذور عميقة تمتد إلى طبقات الأرض الداخلية، مما يساعد على تثبيت القشرة الأرضية ومنعها من الاهتزاز الشديد. هذا الاكتشاف العلمي تم تأكيده في القرن العشرين، بينما القرآن ذكر هذه الحقيقة منذ قرون طويلة. قال تعالى:{وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ} [الأنبياء: 31].هذه الآية تؤكد مرة أخرى دور الجبال في تثبيت الأرض، مما يدل على الإعجاز العلمي في القرآن.
  4. الليل والنهار: قال الله تعالى: {يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} [الأعراف: 54]. هذه الآية تؤكد حركة الأرض ودورانها حول محورها، مما يؤدي إلى تعاقب الليل والنهار. العلم الحديث يؤكد أن الأرض تدور حول محورها بسرعة معينة، مما يسبب تعاقب الليل والنهار. هذه الحقيقة العلمية تم وصفها في القرآن بشكل دقيق.
 
  1. الخلق من الماء: قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [الأنبياء: 30]. هذه الآية تشير إلى أن الماء هو أساس الحياة، وهو ما يؤكده العلم الحديث. جميع الكائنات الحية تحتاج إلى الماء للبقاء على قيد الحياة، وهذا يتوافق مع ما ذكر في القرآن.
ان القرآن الكريم يحتوي على إشارات علمية لم تكن معروفة في زمن نزوله، مما يدل على مصدره الإلهي. على سبيل المثال:
– نظرية الانفجار العظيم: كانت الآية القرآنية التي تتحدث عن “فتق السماوات والأرض” موضع اهتمام العلماء، حيث تتوافق مع النظرية العلمية الحديثة.
– توسع الكون: الآية التي تتحدث عن توسع السماوات تتوافق مع اكتشاف “إدوين هابل” حول تباعد المجرات.
– دورة الماء: وصف القرآن لدورة الماء يتوافق مع الاكتشافات العلمية الحديثة حول تبخر الماء وتكثفه وهطوله.
– دور الجبال: الآيات التي تتحدث عن الجبال وأدوارها في تثبيت الأرض تتوافق مع النظريات الجيولوجية الحديثة.
خاتمة:
الآيات الكونية في القرآن الكريم ليست مجرد أوصاف بل تحمل في طياتها دلائل على الإعجاز العلمي الذي يتجلى في توافقها مع الحقائق العلمية الحديثة. هذه الإشارات تؤكد أن القرآن هو كلام الله تعالى، وأنه يتناسب مع كل عصر وكل اكتشاف علمي. دراسة هذه الآيات تساعد على تعزيز الإيمان وتشجيع البحث العلمي في ضوء الوحي.
المراجع:
  1. القرآن الكريم.
  2. ابن كثير، تفسير القرآن العظيم.
  3. الزحيلي، وهبة. التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج.
  4. موريس بوكاي، القرآن والعلم الحديث.
  5. هارون يحيى، الإعجاز العلمي في القرآن الكريم.
  6-NASA, “The Big Bang Theory,” [https://www.nasa.gov](https://www.nasa.gov).
7- National Geographic, “The Water Cycle,” [https://www.nationalgeographic.com](https://www.nationalgeographic.com).
 

شارك هذا الموضوع: