الوظيفة الثقافية بلحاظ الفضاء المغلق
وينظر اليها باعتبارها منطقة محددة تقابلها وقائع أخرى تنتمي الى التاريخ والتجربة والنشاط الإنساني الذي خارج تلك المنطقة . ومن أمثلة الثقافة في الفضاء المغلق شعائر الحج والميراث الصلاة والصوم والجهاد وغيرها من العادات الإسلامية الخاصة بالمجتمع الإسلامي ، فمن ذلك كلامه (عليه السلام) عن الجهاد
:(ومن ذلك ما ضيع الجهاد الذي فضله الله تعالى على الاعمال ، وفضل عامله على العمال تفضيلا في الدرجات والمغفرة والرحمة ، لأنه ظهر به الدين ، وبه يدفع عن الدين ، وبه اشترى الله من المؤمنين انفسهم واموالهم بالجنة بيعا مفلحا منجحا ، اشترط عليهم فيه حفظ الحدود ن واول ذلك الدعاء الى طاعة الله تعالى من طاعة العباد والى عبادة الله من عبادة العباد ، والى ولاية الله من ولاية العباد ، فمن دعي الى الجزية فأبى قتل وسيئ اهله ، وليس الدعاء من طاعة عبد الى طاعة عبد مثله ، ومن اقر بالجزيةولم يتعد عليه ، ولم تخفر ذمته ، وكلف دون طاعته ، وكان الفيئ للمسلمين عامة غير خاصة ، وان كان قتال وسبي سير في ذلك بسيرته وعمل في ذلك بسنته من الدين …)
فالقارئ للنص يستطيع تحديد الفضاء الثقافي الإسلامي للحج وقوانينه ، لأن الفضاء الذي يتحرك فيه النص مرتبط بلغة وبنية الخطاب الثقافي الذي يحمل المخزون الثقافي الخاص بالجهاد عند المسلمين ويمكن ان يعد منحى اشهاري ضمني خاص يضفي على النص طابع الموضوعية الثقافية الدينية وسلوك وقوانين الجهاد الذي أراده الدين الإسلامي .
ومن ذلك ايضا ماورد في خطاب الامام الباقر (عليه السلام) في علامة الاولياء
(واعلم بأنك لاتكون لنا وليا حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا : انك رجل سوء لم يحزنك ذلك ، ولو قالوا : انك رجل صالح لم يسرك ذلك ،ولكن اعرض نفسك على كتاب الله ، فان كنت سالكا سبيله ، زاهدا في تزهيده ، راغبا في ترغيبه ، خائفا من تخويفه فاثبت وابشر ، فأنه لايضرك ما قيل فيك ،وان كنت مبائنا للقرآن، فما الذي يغرك من نفسك )
وتعد من ضمن ثقافة المؤمن وعلامته فالإمام (عليه السلام) يؤسس لمنظومة قيمية هامة التي يجب ان يتحلى بها المؤمن ، فالخطاب بأكمله مثل علامة ثقافية _اشهارية ذات فضاء مغلق خاص بالإنسان المؤمن الذي من أول سلوكياته هي الالتزام بكتاب الله تعالى .وهي تسمى من العلامات الايقونية الكيفية ، فالطاعة التي يتوسم بها المؤمن تتمثل مصاديقها الكيفية في التعامل والتمسك بكتاب الله المنزل وهي تمثل من لدن الامام الباقر (عليه السلام) إشارة توعوية ثقافية مفادها ان أولى سمات وعلامات المؤمن هي الالتزام بمبادئ القرآن والتعاليم السماوية .
ثم يليه نصا آخر للإمام الباقر(عليه السلام)في بيان أحوال المؤمن :
(ان المؤمن مغني بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها ، فمرة يقيم أودها، ويخالف هواها في محبة الله ، ومرة تصرعه نفسه فيتبع هواها فينعشه الله فينتعش ، ويقيل الله عثرته فيتذكر، ويفزع الى التوبة والمخافة فيزداد بصيرة ومعرفة لما زيد فيه من الخوف ، وذلك بأن الله يقول : (ان الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ))
ينص البعد الوظيفي الثقافي لعلامات المؤمن في خطاب الإمام (عليه السلام)في السلوك الحسن والتعامل الصحيح حتى وان اخطأ المؤمن في مصارع الهفوات فينقذه الله تعالى بالتوبة والمغفرة فيزداد بصيرة وطمأنينة ، فالتأويل للعلامة الثقافية تعد في فضاء مغلقا فتختلف قراءتها وتفكيك عناصرها تبعا للمخيال الثقافي والديني الخاص .