الوظيفة الجمالية للخطاب الإقناعي  :
    إن الخطاب الإقناعي هو بالأساس موجّه الى متلقٍ  وغاية الخطاب  الإقناعية  لاتتحقق الاّمن خلال التأثير في المتلقين ، ويستلزم ذلك الاستمالة والتأثير ولابد من  قيم جمالية تتحقق  في الخطاب الإقناعي ، بما يحدث لذة وامتاع،  لأن” تأثير الخطاب الإقناعي في السامع ،يعادل حمله على الفعل .فغاية التأثير البلاغي إقناع السامع ،بالتوجه الى عقله ووجدانه ؛أي باستخدام الحجج العقلية والعاطفية ،وتعزيزها بوسائل جمالية تكون في خدمة الإقناع ”  فيسعى الباث الى توظيف طاقاته الإبداعية لتحقيق المتعة الجمالية  وبما يلائم الذوق العام للمتلقين ، فالإقناع لاغنى  له عن الجمال لأنّ “الجمال يرفد العملية الإقناعية وييسّر على المتكلم مايرويه من نفاذ الى عوالم المتلقي الفكرية والشعورية والفعل بها ”  .
   وليس الجمال الذي نقصده هو مجرد زينة للنص وانما مايدفع الى التأمل بما يرتقي بالمتلقي  من التذوق الحسي الى التلذذ المعنوي والتأثير على المتلقي بما ينتقل به الى الاقناع ،،وتكون انطلاقة الباث في خطابه على الأغلب من الإحساس بالجمال  ،ومايثير الجمال هو الفن وهومبدأ من مبادئ القيم في الحياة في انسجامها الداخلي وتوافقها الجمالي من خلال إثارة الادراك الحسي ، وتنظر البلاغة العربية أن الجمال في الصياغة اللغوية في حسن اختيار اللفظ  وبلاغة التعبير
 ويرى “مايير أن للصورة البلاغية دوراً في جذب السامع وتحريك خياله حتى يستوعب الأفكار والصور المقدمة لديه ” وباستعمال اللغة التصويرية ومنها التشبيهات والاستعارات والمباغتات الاسلوبية وما فيها  من الندرة والغموض يظهر الجمال  ، فالوظيفة الجمالية وماتحمله من طاقات إبداعية لا مفر من الاقناع عنها ؛لأنّ الحجاج الإقناعي هو عمل العقل ولا بدّ من اعتماد طرق البلاغة  وماتقدمه من الأصناف الفنية الجمالية داخل الصورفي التوسع بالمعنى وقدرتها الاستبدالية في الصور التعبيرية الحجاجية الفنية التي تفضي الى المتعة والتي تؤدي الى التأثير  فاللغة والصورة والخيال والايقاع أداة يتجسد فيها البعد الجمالي للبلاغة  “فأهمية الوسائل البلاغية تكمن فيما توفره للقول من جمالية قادرة على تحريك وجدان المتلقي والفعل فيه فاذا انضافت تلك الجمالية الى حجج متنوعة وعلاقات حجاجية تربط بدقة أجزاء الكلام وتصل بين اقسامه امكن للمتكلم تحقيق غايته من الخطاب أي قيادة المتلقي الى فكرة ما او رأي معين ومن ثم توجيه سلوكه الوجهة التي يريدها له أي ان الحجاج لاغنى له عن الجمال ؛فالجمال يرفد العملية الإقناعية وييسر على المتكلم مايرومه من نفاذ الى عوالم المتلقي الفكرية والشعورية والفعل فيها ”  .
 فآليات البلاغة هي “تقوم بالأساس على معايير حجاجية اقناعية جمالية ”  فهي تهدف الى الافهام والاقناع بالصور الجمالية وتدمج أساليب الاقناع بأساليب الامتاع فتكون اقوى واكثر واقدر على التأثير في المتلقي  .
 

شارك هذا الموضوع: