تكون المواقع الصناعية أما موقع صناعي منفرد أو تكتل، إذ عندما يكون الموقع الصناعي منفرداً تكون كلفة الموقع الصناعي مرتفعة جداً، ولكن عندما تبدأ قوى التكتل الصناعي (Agglomeration forces) بالعمل وتبدأ صناعات جديدة بالتوطن يؤدي هذا إلى خفض الموقع الصناعي بصورة مستمرة مما يجعل عملية التوطن اقتصادية إلى أن تصل حالة التكتل إلى اقل كلفة للموقع الصناعي، وعندها يكون الموقع الصناعي قريباً إلى حالة الموقع الأمثل للصناعة، بعد هذا الحد تبدأ عملية التشتت، أي تأثير قوى التشتت في طرد بعض الصناعات من مواقعها نتيجة لارتفاع تكاليف الموقع الصناعي().
وعليه تتخذ المواقع الصناعية انماطا مختلفة في توزيعها الاقليمي سواء اكان ذلك على المستوى العالم ام على مستوى الدولة الواحدة ذلك ان قيام الصناعة وانتشارها مختلف من مكان لأخر فقد ترتبط بمقومات الموقع الجغرافي او بالعوامل السياسية الاقتصادية او منطقة طبقا لأهداف سياسية غير ستراتيجية الدولة الاقتصادية ومنها عوامل ترتبط بطبيعة توزيع السكان ومستوى التطور الاجتماعي والاقتصادي او قد تعبر الحدود السياسية كما هو الحال بين دول غرب اوربا او شمال الولايات المتحدة في حدودها مع كندا في منطقة البحيرات الخمسة.
1– النقطة الصناعية
هي احدى الأنماط الموقعية للصناعة وتتمثل بمساحة محدودة يظهر فيها مصنع او مصنعين منفردين كما في مشاريع السكر حيث يقع المصنع في المزرعة او مشاريع تحلية المياه على البحر او مشاريع لتركيز المعادن عند مناجمها وهكذا ومع ان هذه المشاريع او المصانع قد تبقى منفردة ولكنها في حالات عديدة تتحول من نقطة صناعية الى مركز لجذب السكان والصناعة معاً وبذلك تشكل نوعاً اخر من أنماط توزيع الصناعة.
2- الصناعة الموزعة او صناعات المدن
وتظهر بشكل صناعات منفردة قليلة الترابط بينها تقع بشكل متفرق يغلب عليها ما يسمى بالتوزيع الشبكي Net Industry وترتبط المشاريع الصناعية هنا بأسوقها ومن ذلك صناعة الخبز والحلويات والمثلجات.
3- المنطقة الصناعية
للمنطقة الصناعية عدة مفاهيم منها تعد مساحة متمددة من الأرض ذات موقع مناسب للتوطن الصناعي، إذ تقوم إحدى الهيئات بتولي تنظيم المنطقة وإدارتها وفقاً لخطة تنموية بفرض استغلالها في الصناعة ()، وقد عرفتها مؤسسة المدن الصناعية في الأردن بأنها مساحة من الأرض الواقعة خارج حدود البلديات أو داخلها يحدد استعمالها كمنطقة صناعية تخصص لاحتواء الصناعات والخدمات اللازمة ()، وتعرف من حيث المظهر الأرضي، بأنها حقيقة مادية مرئية، يمكن أن تحددها بمظهر منشآتها الصناعية المتشابكة والمتداخلة وبمظهر أفرانها ومداخنها وكثافة جوها وطبيعة شوارعها وأنهارها أو قنواتها المائية نشيطة الحركة وبمظهر مبانيها السكنية المتشابكة وبكثافة حركة النقل ().
ويمكن تعريفها أيضاً بأنها مساحة من الأرض تضم مجموعة من المصانع والمعامل والورش الحرفية مزودة بالخدمات والمرافق اللازمة وتوزع مساحة الأرض هذه إلى أقسام صغيرة يخصص كل منها لإنشاء مشروع صناعي معين ويتم تحديد الاستعمالات منها وفق المخطط الأساس للمدينة ()، وهناك من يرى أنها عملية عقارية فهي عبارة عن قطعة ارض اشترتها إحدى الهيئات العامة أو الخاصة لتتولى تمهيدها وتقسيمها إلى مواضع مختلفة المساحة دون خطة استعداداً لبيعها أو تأجيرها إلى رجال الصناعة الراغبين فيها()، وعليه فأن للمنطقة الصناعية آثار اقتصادية ولكن بحجم أكبر ونوعية عالية من التأثير الاقتصادي بسبب الحجم الكبير من الاستثمار، وعدد الوحدات الإنتاجية والمستلزمات المختلفة، وإن مؤشرات هذا التأثير الايجابي هي الإنتاج الصناعي الكبير والمتنوع، وارتفاع الدخل الإقليمي، وعائد الاستثمار المرتفع، والاستعمال الكبير والأبعاد المكانية الواسعة لحركة السلع.
الأثر الاقتصادي للمنطقة الصناعية:
يمكن توضيح تأثير المنطقة الصناعية اقتصادياً بما يأتي ():
تُسهِم المنطقة الصناعية ضمن الإقليم في التأثير المباشر في الأنشطة الاقتصادية أو الاستعلامات الأخرى، وخاصة النشاط الزراعي والخدمات، والبني الإرتكازية، وسيؤدي إلى النمو الحضري للمستقرات البشرية والمراكز الحضرية فضلاً عن تأثيرها الاقتصادي في الأقاليم المجاورة.
من أسباب قيام بعض الصناعات في الأقاليم هو وجود مواد أولية تسهم في رفد العملية الإنتاجية، مما يؤدي إلى تحريك عوامل الإنتاج، وجعل الاقتصاد الإقليمي ذا ديناميكية باعتماد هذا التوطن الصناعي.
مساهمتها في تطوير الإقليم اقتصاديا، وتميزه مع الصناعات الأخرى، وتخفيف التباين في النمو الاقتصادي بين أجزاء الإقليم (sub– regions)، والأقاليم بمعايير حجم الإنتاج الصناعي (mass production)، الدخل الفردي، إذ تسهم بفاعلية في ارتفاعها، فضلاً عن تطوير عمليات الإنفاق على مستوى الإقليم والأقاليم المجاورة بتحريك عوامل السوق (قوى السوق).
أمثلة على المناطق الصناعية: المدن الصناعية الكبرى التي تضم أنواعًا متعددة من الصناعات مثل الصناعات التحويلية، والصناعات الثقيلة، وصناعة المواد الاستهلاكية.
4- الاقليم الصناعي
ويضم الاقليم الصناعي مساحة كبيرة حيث تمتد مواقع المشاريع لمسافات ليست قليله وإذا ظهرت تركزت للمشاريع الصناعية واضحة ضمن الاقاليم أطلق عليها بالتركز العنقودي وتتنوع الصناعة في الاقاليم ويظهر تجمع للمشاريع في بؤر صناعية وتقل المشاريع وتتباعد على ارض الاقليم بالابتعاد عن البؤرة ومع تباين الصناعات في الاقليم فان هناك صناعات اساسية تعد الركائز في ظهور الاقليم وتطوره وعادة ما تخدم الاقليم الصناعي مدينة أكبر او عدة مدن قريبة ().
5- النطاق الصناعي
يعد النطاق الصناعي اوسع تجمع صناعي ويغطي عدد من الاقاليم والمناطق الصناعية ويظهر في الدول الصناعية المتقدمة وقد يمتد عبر الحدود السياسية لها ويتميز النطاق الصناعي بوجود المدن الصناعية الكبيرة في حجم سكانها وتوفر الخامات المعدنية المختلفة ومصادر الطاقة وغالبا ما تلعب المصادر المائية دورها في انتاج الطاقة كما يتميز عادة بشبكة متنوعة وواسعة من الطرق ووسائل الاتصال ويعتمد على هيكل ارتكازي متطور سواء من ناحية الخدمات الصناعية او من حيث توفر العمل، كما يضم النطاق الصناعي اقليم نيويورك الصناعي الضخم والمتنوع في إنتاجه من صناعة الحديد والصلب الى صناعة الورق والطباعة والملابس الجاهزة ولعب الاطفال ويرتكز النطاق على قاعدة ضخمة من الفحم او النفط او المساقط المائية لتوليد الطاقة الكهربائية كما يعتمد على وجود الكثير من المعادن الفلزية واللافلزية وعلى قاعدة زراعية.
يرتكز النطاق الصناعي على العديد من الامور اهمها:
يقع النطاق بجانب البحر ويضم الكثير من الخلجان والبحار الداخلية.
اعتماد مساقط المياه والشلالات لبناء المحطات الكهرومائية وتوفير الطاقة الكهربائية الرخيصة.
توفير مصادر الثروه المعدنية كالحديد والنحاس والمنغنيز والرصاص.
الايدي العاملة الماهرة والمنخفضة الاجور فضلا عن الامل التاريخي.
الاسواق الواسعة والمفتوحة سواء كانت داخلية او خارجية.
التطور الصناعي رافقة بناء قاعدة مرنة للهياكل الارتكازية سواء اكان طرق نقل او في توفير الطاقة.
واسهم راس المال الامريكي في دعم اقتصاد اليابان بعد الحرب الثانية.
6- المستوطنات الصناعية
اظهرت التركزات الصناعية في الاقليم والمدن الصناعية الحاجة الى تنظيم النشاط الصناعي وتحديد استغلال الارض بشكل كفوء كما ان الحاجة الى تنمية وتطوير الصناعة اصبحت هدفا سواء كان ذلك للدول المتقدمة ويختلف الهدف من بناء المستوطنات الصناعية تختلف المحفزات المعطاة لتشجيع البناء الصناعي.
تخطيط التوطن الصناعي وتطويره وعدم ترك الصناعة تقوم في اماكن تتعارض مع الاهداف الوطنية والاجتماعية الاخرى.
العمل على تطوير الصناعة واحداث تغيرات هيكلية في بنيتها
تطوير الصناعة الاقليمية واستغلال مواردها الطبيعية
احداث التنمية الاجتماعية الرغوب فيها.
وعموما فان المستوطنة الصناعية هي مكان تتجمع فيه الصناعات الصغيرة المختلفة في مساحة من الأرض، خططت لإقامة المصانع والورش حسب تصميمات محددة ومطابقة لشروط وقوانين إقامة مباني المصانع والورش، وتؤجر هذه المنشآت لأصحاب المصانع الصغيرة بإيجار معتدل، أو تشترى بالتقسيط، وتجهز بالبنى التحتية اللازمة من شوارع داخلية وطرق خارجية مع توفير المياه والكهرباء وورش الخدمات الفنية المشتركة وغير ذلك من الخدمات العامة وتشمل المستوطنة الصناعية على مصانع متنوعة ولها إدارة موحدة تقدم الحوافز والخدمات للمستثمرين ()، وتقوم الحكومات بإنشاء المستوطنات الصناعية في الكثير من الدول، وقد يقوم بإنشائها القطاع الخاص أحياناً، وفي العراق ظهرت هذه المستوطنات ممثلة بمنطقة خور الزبير في محافظة البصرة حيث انشات مدينة البكر لخدمة المشاريع الصناعية الضخمة التي اقيمت كالصناعات البتروكيماوية والاسمدة والحديد والصلب والالمنيوم وفي الكويت انشات منطقة الشعيبة الصناعية.
7-المجمعات الصناعية:
المجمع الصناعي يمكن تعريفه بأنه (مكان تتجمع فيه الصناعات الصغيرة المختلفة في مساحة من الأرض خططت لتقوم عليها مصانع وورش حسب تصميمات محددة ومطابقة لشروط وقوانين إقامة مباني المصانع والورش) ()، والمجمع الصناعي هو مجموعة من الأنشطة الصناعية التي تتركز في موقع معين، وتتميز بالتكامل الوظيفي فيما بينها، من خلال اعتماد أحد الأنشطة الصناعية على مخرجات أنشطة أخرى كمدخل رئيس في العملية الإنتاجية، وترتبط هذه الأنشطة فيما بينها بعلاقات ارتباط وثيقة من الناحية التكنولوجية والاقتصادية والجغرافية. ويعرف المجمع الصناعي بأنه (مجموعة من المشاريع المتكاملة والتي ترتبط فيما بينها ارتباطاً وثيقاً من النواحي التكنولوجية والاقتصادية والجغرافية بحيث أن أي تغيير جوهري يطرأ على أي من هذه المشاريع يؤثر تأثيراً سريعاً في غيرها من المشروعات ويجري تقييم هذه المشاريع ككل من ناحية منافعها وتكاليفها لمعرفة صافي المنافع كونها مجمعاً، كما يجري تقييم كل مكون منفرد لمعرفة مدى مساهمة كل منهم في صافي المنافع الكلية للمجتمع ().
وتعرف أيضا على أنها تجاور أكثر من منشاة صناعية بغض النظر عن سعة إنتاجها (صغيرة أم كبيرة) في منطقة جغرافية واحدة ريفية أو حضرية، وهي تتسم أما بتكامل عمودي لمراحل إنتاج متجانس معين من المواد الخام إلى المنتجات النهائية، أو بتكامل أفقي لنشاطات مترابطة في نفس المرحلة أو المقابلة أو القريبة منها بمدخلات أو بمخرجات تكميلية كالصناعات التجميعية للسيارات أو بتكامل خطي من خلال السلع والخدمات التي تعد مجموعة من العمليات الصناعية مثل مصانع إنتاج قطع الغيار ().
– الأنواع المختلفة للمجمعات الصناعية:
العقد الصناعية المتكاملة: وهي مجمعات تتميز بتكامل صناعاتها المختلفة بشكل عمودي أو أفقي.
التكتلات الصناعية الحضرية: تتجمع الصناعات في مناطق حضرية حيث تتكامل من خلال تبادل المدخلات والمخرجات.
مجمعات الاستقطاب الصناعية: تجمعات صناعية تستهدف جذب الشركات والصناعات الجديدة إلى مناطق معينة بهدف تعزيز النمو الاقتصادي فيها.
المجمعات التعاونية: صناعات تتعاون فيما بينها لتقليل التكاليف وزيادة الإنتاجية.
المجمعات الصناعية الريفية: صناعات مقامة في مناطق ريفية، تستفيد من الموارد المحلية والطبيعية.
– الأثر الاقتصادي للمجمعات الصناعية:
تحسن الكفاءة الإنتاجية نتيجة لتكامل الصناعات واعتمادها على بعضها البعض.
تعزيز النمو الصناعي والتنموي في المناطق التي توجد فيها المجمعات، سواء كانت حضرية أو ريفية.
تسهم في تطوير الصناعات المتقدمة من خلال تبادل التكنولوجيا والمعرفة بين الصناعات المتجاورة.
– أمثلة على المجمعات الصناعية:
مجمعات السيارات حيث يتم إنتاج قطع الغيار في مصانع مختلفة داخل نفس المجمع الصناعي وتُجمع لاحقًا في خطوط الإنتاج النهائية.
المجمعات الكيميائية التي تعتمد فيها الشركات على منتجات بعضها البعض في تصنيع المواد الكيميائية المختلفة.
المصادر
الجدبة، فوزي سعـيد، الجغرافية الاقتصادية، دون دار نشر، 2020م.
حمادي، عباس حميد، النمو الصناعي والاتجاهات المكانية للمواقع الصناعية، مجلة البحوث الجغرافية، العدد (4)، 2002 م.
حمدان، مآرب يوسف، التأثيرات البيئية للمنطقة الصناعية في المدن، رسالة ماجستير، التخطيط الحضري والإقليمي، جامعة بغداد، 2009م.
الحميداوي، كريم زمام وضاح، المناطق الصناعية الخدمية في مدينة كربلاء، رسالة ماجستير، التخطيط الحضري والاقليمي، جامعة بغداد، 2009م.
خضير، ميرزا علي، التقييم الاقتصادي للمشروع (المشروع الصناعي)، المعهد القومي للتخطيط، وزارة التخطيط، 1987م.
شريف، إبراهيم، احمد حبيب رسول، نعمان دهش، جغرافية الصناعة، مديرية دار الكتب للطباعة والنشر، جامعة الموصل، 1982 م.
شيخو، إبراهيم خشمان هشام، المنطقة الصناعية الملوثة في الجانب الأيسر لمدينة الموصل، رسالة ماجستير، كلية التربية، جامعة الموصل، 2004م.
صالح، حسن عبد القادر، الجغرافية الاقتصادية، الشركة العربية المتحدة للتسويق والتوريدات، القاهرة، 2010م.
صالح، حسن عبد القادر، مدخل إلى جغرافية الصناعة، عمان، الأردن، دار الشروق للنشر والتوزيع، 1985.
كلالده، مراد، المدن الصناعية، مجلة المهندس الأردني، العدد (7)، 2000م.
معروف، هوشيار، تحليل الاقتصاد الإقليمي والحضري، ط1، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، 2006م.