اهمية التعداد العام للسكان ( الاحصاء السكاني )
م.د مروة حسين علي 
قسم الجغرافية التطبيقية  – كلية التربية للعلوم الانسانية 
       تعد التعدادات السكانية من أهم مصادر البيانات السكانية وأكثرها استخداما في الدراسات السكانية فهي المصدر الرئيسي لدراسة توزيع السكان وتركيبهم في تاريخ محدد وفي منطقة محددة في جميع دول العالم وبذلك تكشف توزيع السكان وحجمهم في مناطق تواجدهم الى جانب كشف الخصائص الكمية لتركيبهم العمري والنوعي والبيئي والتعليمي والاقتصادي والاجتماعي والى غير ذلك من خصائص التركيب السكاني فضلا عن طريقها يمكن معرفة اتجاه مؤشرات حركة السكان المكانية، ويمكن القول أن أهمية التعداد تكمن في عدة نقاط أساسية , فقد قامت الحكومة العراقية بثمانية تعدادات عامة للسكان من ١۹۲۷لغاية ١۹۹۷. و فيما يلي نبذة تاريخية عن هذه التعدادات :
١ – التعداد العام للسكان عام ١۹۲۷: بدأت عملية العد في تشرين الاول ١۹۲۷و أنتهت في أواخر سنة ١۹۲۷و قامت بتنفيذه ( دائرة النفوس العامة ) التابعة لوزارة الداخلية و عهد بها الى لجان اتخذت المساجد و المدارس و الاماكن الحكومية مقرا لها في المدن والقصبات فقط. لم تمض سوى بضعة شهور حتى تبين للحكومة فشل العملية فألغتها. و بالرغم من ذلك فقد قدر عدد سكان العراق بموجب هذا التعداد مليونين و ۹٦۸ ألفا و ٠٥٤ نسمة فقط.
٢ – التعداد العام للسكان عام ١۹٣٤ : نفذ هذا التعداد من قبل دائرة النفوس العامة واتبع فيه نظام تعيين لجان استقرت في الاماكن على ان يستدعي مختار المحلة رؤساء العوائل لتثبيت البيانات المطلوبة ، وقد شمل هذا التعداد جميع انحاء العراق و كان الهدف منه مركزا لخدمة اغراض التجنيد و الانتخابات. و قد اعتبر اساسا لمنح ( دفتر الجنسية) التي استبدلت عام ١۹٤٢ بما يسمى ( دفتر النفوس) لاستعمالها كمستند رسمي و قد بدأت عملية الميدان في ايلول سنة ١۹٣٤و انتهت في تشرين الاول نفس السنة. ثم أستؤنف العمل فيها مرة اخرى في شهري آب و ايلول سنة ١۹٣٥ لتسجيل الذين تخلفوا في المرة الاولى و قد بلغ عدد سكان العراق بموجب هذا التعداد ثلاثة ملايين و ۲١٣ ألف و ١۷٤ نسمة.
٣ – التعداد العام للسكان عام ١۹٤۷: نفذ هذا التعداد يوم ١۹/١٠/١۹٤۷ و يعتبر اول تسجيل جرى بواسطة العدادين الذين قاموا بزيارة المساكن لجمع المعلومات المطلوبة و شمل التعداد جميع مدن و قصبات العراق في يوم واحد , وقد تخلف عن التسجيل في هذا التعداد عدد كبير من السكان ، بلغ عدد سكان العراق أربعة ملايين و ۸١٦ ألف و ١۸٥نسمة ، و يعتبر هذا التعداد اول تسجيل تم تبويب بياناته في جداول احصائية طبعت في ثلاث مجلدات.
٤ – التعداد العام للسكان عام ١۹٥۷ : نفذ هذا التعداد في منتصف ليلة ١١-١۲ /١٠ / ١۹٥۷ و يعتبر اكثر التعدادات دقة و شمولا. حيث بلغ عدد سكان العراق بموجب هذا التسجيل ستة ملايين و ٥٣٦ ألف و ١٠۹نسمة.
٥ – التعداد العام للسكان عام ١۹٦٥ : كان من المفروض ان يجري التعداد عام ١۹٦۷و لكن لضرورة الاعداد للانتخابات (كما ذكرت الحكومة العراقية آنذاك) فقد تم تقديم موعد التعداد سنتين فأجري في ١٤/ ١٠/ ١۹٦٥و يمتاز هذا التعداد عن سابقاته بكون الاستمارة قد أحتوت على اسئلة تتعلق بالحرفة و القومية و الخدمة العسكرية. و بلغ عدد سكان العراق ثمانية ملايين و ۲٦١ ألف و ٥۲۷ نسمة.
٦- التعداد العام للسكان عام ١۹۷۷: أجري هذا التعداد في ١۷/ ١٠/ ١۹۷۷و هو اول تعداد ينفذ من قبل الجهاز المركزي للاحصاء في وزارة التخطيط حيث ان جميع التعدادات السابقة نفذت من قبل ( دائرة النفوس العامة) التابعة لوزارة الداخلية. وهو تعداد شمل جميع محافظات العراق و امتاز بكثرة تنوع الاسئلة في الاستمارة الاحصائية و معلومات عن الحالة المعيشية و السكن و موارد الدخل وكون هذا التعداد قاعدة بيانات ممتازة لكافة قطاعات المجتمع العراقي. بلغ عدد سكان العراق بموجب هذا التعداد اثنا عشر مليون و ٤۹۷ نسمة.
۷- التعداد العام للسكان عام ١۹۸۷: أجري هذا التعداد في ١٦/ ١٠/ ١۹۸۷و شمل جميع محافظات العراق ماعدا (المناطق الحدودية مع ايران) حيث تعذر جمع المعلومات فيها بسبب الحرب العراقية الايرانية. بلغ عدد سكان العراق ستة عشر مليون و ٣٣٥ ألف و ١۹۹ نسمة.
٨ – التعداد العام للسكان عام ١۹۹۷: أجري هذا التعداد من قبل الجهاز المركزي للاحصاء في ١٦/١٠/١۹۹7حيث تم جمع المعلومات الاحصائية لخمسة عشر محافظة فقط (عدا 
محافظات أقليم كردستان) حيث بلغ عدد سكان العراق تسعة عشر مليون و ١۸٤ و٥٤٣ نسمة.
والتعداد السكاني له أهمية كبيرة جداً من الناحية الاجتماعية والسياسية و الاقتصادية كذلك من ناحية التخطيط المستقبلي ومعرفة الاحتياجات، وسيكون وفق هذا التعداد تقديم وتوفير الخدمات للمناطق، فتوزيع السكان في الوقت الحاضر في العراق يختلف عن توزيعه في السابق، فهناك هجرة وهناك مدن جديدة وهذا الامر يحتاج الى تخطيط مستقبلي وفق قاعدة بيانات متكاملة تسمح للمخطط الاقتصادي ان يخطط وفق الاحتياجات ويكون هناك ترتيب للخروج من العشوائية التي نعيشها اليوم بسبب غياب قاعدة البيانات وغياب الإحصائيات , ومن اهم فوائده للمجتمع :
اولا: التعليم: للتعداد السكاني  دور كبير في معرفة مستوى التعليم  فمن خلال البيانات و تحليلها يمكن معرفة و توزيع المدارس حسب كثافة السكان و لسهولة الوصول لمواقعها من قبل التلاميذ  والمعلمين و فيمكن اعادة توزيع المدارس و المعلمين لمناطق التي تعاني من النقص في اعدادها. وتوجيه الاستثمارات اللازمة لتلبية هذه الاحتياجات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن استخدام بيانات التعداد لتطوير المناهج الدراسية التي تلبي احتياجات الطلاب المختلفة وتتماشى مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
ثانيا : الصحة: للتعداد السكاني دورًا حيويًا في مجال الصحة من خلال  تحليل البيانات الصحية جغرافيا ، فيمكن معرفة التوزيع الجغرافي للمراكز الصحية و المستشفيات و العيادات الطبية الشعبية واعادة التوزيع جغرافيا وفق اعداد السكان و كثافتهم  , فضلا عن ذلك يمكن معرفة المناطق الأكثر عرضة للأمراض والأوبئة، وتوجيه الموارد اللازمة لتعزيز الوقاية والعلاج ، و يمكن استخدام بيانات التعداد لتقييم فعالية البرامج الصحية وتحديد الاحتياجات المستقبلية.
ثالثًا: العمل و البطالة : يمكن من خلال التعداد السكاني توفير معلومات عن حجم القوى العاملة  ، وتوزيعها الجغرافي، ومستويات التعليم والمهارات. هذه المعلومات تساعد في تحديد احتياجات سوق العمل وتوجيه السياسات التي تعزز خلق فرص العمل وتقلل من البطالة. كما يمكن استخدامها لتخطيط برامج التدريب والتأهيل المهني، وتشجيع الاستثمار في القطاعات التي تعاني من نقص في الكفاءات.
رابعاً : البنية التحتية: للتعداد السكاني دور في تخطيط وتنفيذ مشاريع البنية التحتية مثل، الطرق والجسور والشبكات الكهربائية والمياه والصرف الصحي على توزيع السكان. وتعتمد الحكومات لتحديد الاحتياجات البنية التحتية لكل منطقة وتوفير وتطوير وسائل النقل العام مثل، الحافلات والمترو والقطارات، بناءً على حجم واحتياجات السكان في المناطق المختلفة.
أخيرًا، يأتي التعداد السكاني في العراق كأداة لتعزيز الشفافية والإحصاء الرسمي، حيث يتيح للدولة والمجتمع الدولي الإطلاع على بيانات شاملة حول سكان العراق، مما يعزز من ثقة المواطنين بالمؤسسات الحكومية ويزيد من مستوى الشفافية في تخصيص الميزانيات العامة والمساعدات الخارجية.

شارك هذا الموضوع: