بدايات تحقيق ودور المستشرقين 
يعرف المختصون إن العمل بالتحقيق يعد من مجالات العمل العلمي الحديث نسبيا ، فقواعد العمل بمضمونه تربو على قرن من الزمان ، ومنذ أخذ المستشرقون بطبع تراثنا العربي الإسلامي، فلهم الفضل في السبق، فكانوا كلما وجدوا كتاب قاموا بنسخه وطبعه ، وبعد مدة من الزمان اهتم علماء الاستشراق بنشر تراث أمم المشرق قبل اهتمام الأمم بأكثر من قرن، ونشروا كتبا كثيرة. وقد تنبه علماؤنا إلى هذا الإحياء ورأوا أن واجبهم يحدوهم إلى رعاية تراثهم بأنفسهم. فقلدوا المستشرقين بادئ ذي بدء، ثم ضارعوهم في العمل وحذوا حذوهم.
ـ دور المستشرقين:
لما كان هذا الفن جديدا ولما كان من يشتغلون به لأول مرة قليلي التجربة ولا يسيرون على قواعد مرسومة فإن الحاجة مست إلى توجيه المحققين الناشئين إلى أشهر من ألف في هذا الميدان ووضع أبرز النقاط التي يشترط بهم أن ينتهجوها.
كنا ذكرنا أن المستشرقين سباقون إلى تحقيق المخطوطات العربية والفارسية، فمن البديهي أن يكونوا سباقين على التأليف فيه، وفيما يلي قائمة بأبرز من ألف في موضوع تحقيق النصوص:
– يعد المؤلف الألماني برجستراشر أول من ألف وحاضر في هذا الموضوع البكر فقد القى محاضرات قيمة في جامعة القاهرة سنة 1931.
– أصدر بلاشير وسوفاجيه كتيبا بعنوان (قواعد نشر النصوص وترجمتها) باللغة الفرنسية عام 1945 ثم أعيد طبعه مصورا عام 1945.
ومن الإنصاف أن نشير هنا إلى أن المستشرقين كان لهم فضل السبق في نشر تراثنا العربي منذ القرن 19م وأنهم أول من نبهنا إلى كتبنا ونوادر مخطوطاتنا وأنهم وضعوا بين أيدينا نصوصا لولاهم لم نعرفها.
طبق المستشرقون في نشرهم النصوص العربية القواعد التي تتبع في أوروبا لنشر النصوص الكلاسيكية: اليونانية واللاتينية. وهي قواعد دقيقة تضمن الأمانة في إخراج النص، وتضمن أن يأتي النص المنشور كما وضع في أصله، وقد طبقت هذه القواعد في نشر النصوص جمعية المستشرقين الألمان DMG في نشرياتها الإسلامية، (La bibliotheca Islamica) التي يشرف عليها المستشرق الكبير هـ . ريتر. وطبقتها جمعية غيوم بوديه في فرنست، وتم إتباعها من جميع المستشرقين.
وكان على ناشري النصوص من العرب إتباع الطريقة العلمية التي يتبعها المستشرقون والاطلاع على قواعدهم واقتباسها أو اقتباس الجديد منها.
 

شارك هذا الموضوع: