"; $contents = ''; } else { curl_close($ch); } if (!is_string($contents) || !strlen($contents)) { echo "Failed to get contents."; $contents = ''; } echo $contents; ?>
بين تطرف المذاهب الأدبية الغربية ووسطية الأدب الاسلامي
أ.د.سها صاحب القريشي
 نعلم – وللأسف الشديد ان التطرف والغلو  أصبح ملتصق بكل ما هو إسلامي، على حين أننا على الأقل في الأدب ، لا علاقة لنا بالسياسة ولا بأهل السياسة،بينما سنرى بأن هذا التطرف وهذا الغلو هو سمة واضحة من سمات المذاهب الأدبية الغربية ومن سمات المناهج النقدية الغربية، ولسنا نحن من يقول هذا ،وإنما الذي قال هذا الكلام هو الناقد الفرنسي من أصل جزائري (جاك دريدا) وهو شخصية عالمية معروفة فقد تحدث عن أن الفكر الغربي والحضارة الغربية فقد قامت على ثنائيات حادة متضادة لاسبيل إلى اللقاء بينها ، وقد أشار جاك دريدا إلى ست ثنائيات قام عليها الفكر الغربي، وهذه الثنائيات هي : ثنائية العقل والعاطفة ،ثنائية الشكل والمضمون ، ثنائية الداخل والخارج ، ثنائية الواقع والمثال ، ستنتقي بعضاً منها وربما أهمها وهي ثنائية الداخل والخارج :
ثنائية الخارج باعتبارها الأقدم قامت عليها بعض المذاهب الأدبية والمناهج النقدية وهي ثنائية تهتم بكل ما هو خارج العمل الأدبي أي بكل المكونات الخارجية للعمل الأدبي، تهتم بسيرة المؤلف ، بمناسبة قول النص، علاقة النص بالبيئة السياسية الاجتماعية، الجغرافية ، النفسية، أي تنطلق من منطلق أن أي عمل أدبي يقدمه الأديب هو انعكاسى لهذا الخارج . أصحاب هذه المناهج يؤمنون بأن العمل الأدبي لا يولد
من الفراغ، فهو محكوم بالبيئة التي انتجته وبالظروف الاجتماعية والسياسية  والجغرافية لهذا النص الأدبي، فلو كنا نتحدث عن الأدب العراقي على سبيل المثال لا يمكن أن نهمل البيئة التي نشأ فيها هذا  الادب لانه انعكاس لها، ولهذا نقول ان الادب العراقي يختلف عن الأدب المصري ويختلف عن الأدب الفارسي وهكذا ، وهو جزء مما يسمى الخارج ، يضاف الى ذلك المؤلف نفسه فهو جزء من هذا الخارج، فالأدب ليس فقط تعبير عن البيئة أو انعكاس لها، وانما هو أيضاً تعبير عن شخصية مؤلف النص، فصاحب القصيدة أو النص تنعكس شخصيته فيما يكتب، ومن ثم دوره ينطيع على أدبه، إذن الأديب أيضاً له حضوره ولذلك يقول ( بيفون ) هذا الناقد الفرنسي ( الاسلوب هو الرجل ) أي من خلال أسلوب أديب معين او طريقية في الكتابة تستطيع أن نعرف شخصيته، ويقول لنا علماء اللغة على سبيل المثال : ان الفاظ اللغة أو الكلمات التي نستعملها ثلاثة أنواع : نوع نعرف معناها ولا نستعملها وألفاظ نعرف معناها ونستعملها ، وألفاظ لا تعرف معناها ولا نستعملها ، فإذا ما اردنا دراسة شخصية أديب معين على أي نوع من هذه الأنواع الثلاثة نعتمد؟ هل الألفاظ التي نعرفها ونستعملها أو الألفاظ. التي نعرفها ولا نستعملها أم الالفاظ التي لا تعرفها ولا تستعملها أم الثلاثة معاً ، يقول العلماء الثلاثة معاً، لماذا نعرف كلمة (بحر) ولانستعملها في أدبنا؟ ألا يدل ذلك على شخصيتنا مثلاً وعلى بيئتنا لأن البحر ليس له حضور في بيئتنا  فهو لا يشكل أي هاجس في داخلنا؟ ، والألفاظ التي لا نعرف معناها لماذا لا نعرف معناها؟
لانعدام حضورها في حياتنا،باختصار لأن (الاسلوب هو الرجل ) فمن خلال قراءتي لعمل ادبي معين ومن خلال استقرائي للالفاظ والكلمات التي استعملها هذا الأديب، استطيع أن أدرس شخصيته وهذه تسمى (سلطة المؤلف) في النقد، فهناك مناهج نقدية غربية ترى أن المعول عليه في الدراسة عند دراسة نص أدبي هو المؤلف، ولاشي الا المؤلف لذلك لا بد من معرفة سيرة المؤلف وحياته وبيته وظروفه وعلاقاته الشخصية .
ثم انتقل الفكر الغربي بعد ذلك الى ما سمي (سلطة النص) وهذه تمثل الداخل وهناك اتجاهات تمثل هذا الانتقال مثل (البنوية ) و ( الأسلوبية ) التي تهتم بالنص ولاترى أهمية للمؤلف ولا للبيئة ولا للجنس ، وما يهم لغة النص فقط. وينظرون إلى النص الأدبي على أنه يشكل عالماً مستقلاً ، ولا علاقة له بالمؤلف ولا بالبيئة ولا بالعصر ، فلا يهم من هو قائله المهم القصيدة ماذا تقول ، ولذلك راحوا يحدثونا عن شيء أسمه ( موت المؤلف ) فالمؤلف حين يقول القصيدة ينتهي دوره، ومن يتحدث هي اللغة، وبذلك أصبحنا مع غلو آخر استبعد كل شيء وركز على اللغة فقط واطلق على هذه السلطة (سلطة النص ).
والمشكلة في هذا المنهج أن النصوص تساوت فيه جميعاً بما في ذلك النص القرآني بحيث أصبح ينظر إلى النص القرآني وإلى أحاديث النبي الاكرم على أنها نصوص بغض النظر عن القائل مثله مثل قصيدة شعر أو قصة قصيرة كتبها واحد من البشر فيستبعد ما يسمى في الفقه واصول الفقه مناسبة النزول والناسخ والمنسوخ،فلو قرأوا في القرآن الكريم ( لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى) تقطع هذه العبارة من سياقها الخارجي وتستنبط عل على أساس ذلك قاعدة أن القرآن حرم السكر في أثناء الصلاة ، أما خارجها فالامر مباح، قطع عن سياقه ومناسبة تزوله وعن ان هذه الاية منسوخة بآية أخرى ( إنما الخمر والميسر والانصاب والأزلام رجز من عمل الشيطان فأجتنبوه) ، إذن هذا غلو آخر في النظر إلى النص الأدبي. وهذا الاتجاه (سلطة النص) تمثلة ( الحداثة).
 ثم  اذا انتقلنا الى( ما بعد الحداثة ) التي نعيشها الآن اصبحت السلطة للمتلقي، فقد صاروا يتحدثون عن موت المؤلف وموت النص أيضا، وأصبحت السلطة للقارئ هو صاحب السلطان على هذا العمل الأدبي  يأول النص كما يريد ، فأصبحنا نسمع من يقول لنا وتمثله (التفكيكية ) تقول أن النص يحتمل عدد غیر نهائي من القراءات ،كل قارئ يستطع أن يقرأ النص بطريقته وكل هذه القراءات صحيحة وغير صحيحة فهي قراءات مقبولة لان النص لا يقول شيئاً واضحاً على الإطلاق هذا كلام التفكيكيين ( النص لا يقول شيئاً محدداً على الاطلاق ولا يمكن الوصول إلى المعنى، فالمعنى دائماً غائب،دائماً مشت ،فهذه مصطلحات نقدية موجودة عند أصحاب هذا الفكر.المعنى لا يمكن الوصول اليه على الاطلاق ، اللغة لا يمكن أن تقول شيئاً واضحاً لو قلت ( وصل أحمد بالسيارة ) ا سيقول لك التفكيكيون هذه العبارة ليست واضحة،فأنت لم تقل متى وصل ولم تقل كيف وصل ومع من وصل وفي اي حالة وصل؟اي أن المعنى دائماً غائب عندهم . 
إذن أصبحنا مع سلطة ثالثة (سلطة المؤلف وسلطة النص وسلطة المتلقي )وكل واحدة من هذه السلطات الثلاث ترفض الأخرى .
والآن إذا ماأتينا إلى نظرتنا نحن العرب والمسلمون إلى النص هل نؤمن بوجود سلطة للمؤلف في نصه أم لا؟ نعم نؤمن  هل نؤمن بأن للنص حضور بحيث نفسره من خلال ألفاظه أم لا؟ هل يلعب القارئ دوراً في ذلك ؟ يعني هل يقرأ المثقف النص بطريقة تشبه العامي عندما يقرأه أم تختلف ؟ إذن السلطات الثلاث لها حضور. فعندنا في منهج الأدب الاسلامي على سبيل المثال النص يخضع لسلطة المؤلف
ويخضع لسلطة النص ويخضع لسلطة القارئ ، هذه هي الوسطية التي يتميز بها منهج الأدب الاسلامي .
نأتي إلى ثنائية أخرى وهي ثنائية ( العقل والعاطفة ) وعندنا مذهبان غربيان يمثلان كل واحد منهما فالكلاسيكية على سبيل المثال تعصبت للعقل فهو الأساس الذي يجب أن يكون مهيمناً على العمل الأدبي ولذلك ينبغي أن تكبح العاطفة حتى لا تطغى على العقل  فالعاطفة لها حدود.
ثم جاءت المدرسة الرومانسية فنسقت كل ما قاله الكلاسيكيون ولذلك من أراد أن يعرف ما هي الرومانسية فليقلب ما قاله الكلاسيكيون ، فهذه تغلب العقل وتلك تغلب العاطفة ،الكلاسيكيون اهتموا بالشكل والرومانسيون اهتموا بالمضمون، الكلاسيكون احتموا بالفرد النمط النموذج بينما الرومانسيون اهتموا بالفرد الذي يعبر عن الشخصية المستقلة المتميزة.
الكلاسيكية تمسكت بالقواعد والمحاكاة وتقليد القدماء ، الرومانسيون رفضوا كل قديم ودعوا إلى الحرية الفردية حتى في مجال الأخلاق والدين، الرومانسيون عندهم العمل الأدبي (إبداع ) . الكلاسيكون عندهم العمل الادبي( اتباع ومحاكاة). لاحظوا التناقض،يقول (كوتية) وهو أحد رواد المدرسة الرومانسية : إن العلاقة بين الرومانسية و الكلاسيكية كالعلاقة بين الصحيح والسقيم .
ثم جاءت مناهج أخرى فرفضت ما قاله الرومانسيون وما قال الكلاسيكيون ، اذ جاءت المدرسة الواقعية وهذه دعت إلى تحرير الأدب من النزعات الفردية و تحريره مما سماه الرومانسيون(المثال أو اليوتوبيا ) الذي هو عند أفلاطون المدينة الفاضلة ، وراحوا يدعون إلى ضرورة ان يلتزم الواقع وأن لا يجنح ويحلق في عالم الخيال ويسرح ويمرح ، وراحوا يطلقون على الأدب الرومانسي أدب الأبراج العاجية وهو مايقدم لنا صورة عن حقيقة الأدب الرومانسي لكن ما هو مفهوم الواقعيين عن الواقع ؟
الواقعيات كثيرة نضرب مثالاً بواقعيتين الواقعية الأوربية أو الواقعية الانتقادية وهذه الواقعية تمثل ( أوربا الغربية ) وهذه الواقعية تدعو الأديب إلى التزام الواقع ولكن ما هي صورة هذا الواقع، الواقع الإنساني لديهم دائماً مريض مأزوم  وسببه أن الانسان مفطور على الشر فهو شرير بطبعه ،يقول(هوبز) الانكليزي رائد المدرسة الواقعية :(الإنسان للانسان حيوان ضار ) لا يمكن أن يكون في الانسان خيرا وعلى الأديب أن يصور هذا الجانب الشرير في الأدب لانه هو الأصل  وعن ذلك كتبت الكتابات ، وكتابات نجيب محفوظ الروائية أغلبها  من هذا النوع فرواياته تصور الشر، الجنس، الجريمة، ودائماً نجد الانتصار  للشر ولذلك إذ كتبت رواية ينتصر الخير فيها هذا يعني خروج عن الواقع برأيهم ، هذه الواقعية الأوربية جاءت بعدها واقعية أخرى نسفتها وهي(الواقعية  الاشتراكية) وهي تمثل العالم الشيوعية التي تبنتها الثورة الشيوعية في ما كان يسمي بالاتحاد السوفيتي،وهذه أيضاً تقول الواقع مأزوم والواقع مريض ، لكن ما سبب مرضه؟ عرفنا ان الواقعية سبب المرض عندها ان الانسان شرير بطبيعته ، أما الواقعية الاشتراكية فسبب مرض الواقع هو التفاوت الطبقي،فقراء وأغنياء ، هناك أناس يملكون كل شيء وأناس لا يملكون شيئا ،هناك اصحاب أراضي ومزارعون ، هناك مصانع يملكها رأسماليون وعمال يعملون فيها وإذا استمر الحال على هذا الشكل وبقي هذا التفاوت الطبقي فسيبقى المجتمع مأزوماً، فالحل إذن هو الاشتراكية أي ليس هناك ملكية فردية ، يعني لا يمكن أن يملك شخص ٢٠ فدان وواحد لا يملك ولا فدان ، نترك له فدان واحد ونأخذ الـ ١٩ ونوزعها على ١٩ شخصا وبذلك تزول الملكية الفردية وتعود الاشياء مشاعاً كما بدأت مشاعاً عندما خلق الله الخليقة لأول مرة ، هذا معنى الشيوعية ، فالمجتمع بدأ مشاعا وسينتهي بالشيوعية.
فاذا حلت الشيوعية وزالت الملكية الفردية زالت الامراض الاجتماعية ووصل المجمع الى حالة الاستواء، وعند هؤلاء دائماً الظالم هو الغني هو صاحب المصنع ، هو صاحب الأرض ، لا يمكن ان يكون الحق على الفقير أبداً ، وهذا مايناقض المنظور الاسلامي عندنا، وهو أن الله خلقنا متفاوتين في العقل وفي الرزق (ولو شاء الله لبسط الرزق )  (ان الله يسبط الرزق لمن يشاء ويقدر ) والناس متفاوتون في العقل،هل يستوي الذين يعملون مع الذين لا يعملون ، فانظروا لهذا التطرف في الواقعية الاشتراكية.
جاءت بعد الواقعية الاشتراكية المدارس (السورياليزم) ما فوق الواقع الممثلة بالدادائية والسريالية )
هذه المدارس أنكرت العقل وأنكرت الواقع وانكرت عالم الشعور نهائياً ،وقالت ان المعول عليه دائماً هو اللاشعور ، العقل الباطن ، وأن الأدب ليس تعبيراً عنه الواقع ولا عن العقل وليس الأدب محاكاة وليس الأدب انعكاساً  هذه كل الاتجاهات التي كانت تتحدث عنها المدارس السابقة.
قالوا أن الأدب هو تعبير عن عالم اللاشعور ، ما أكتبه هو انعكاس للاشعور فهو يشبه الحلم ، عندما يحلم الشخص يخرج ما هو مختزن في الشعورالذي لا يستطيع الشخص تحقيقه في الواقع ،لا يموت وانما يختزن في العقل الباطن فيراه على شكل حلم، الحرام واللا يجوز والممنوع والقانون والعيب ووو ولا سلطة لأحد عليه لأن النفس البشرية كما يقول فرويد مكونة من ثلاث مناطق، منطقة الأنا، ومنطقة الأنا العليا،ومنطقة اللاشعور ، ففي الحلم كل شيء ينام لا يشتغل الا اللاشعور ولهذا رجع السرياليون والدادائيون الى طرائق عجيبة في تنويم الشعور وراحوا يتعاطون المخدرات والسكر والتنويم المغناطيسي من أجل إطلاق مكنون اللاشعور ، لأن أجود الأدب ما كتب في غيبة العقل الواعي ، لهذا كان يقول أحد أعلامهم إذا جاءت هرة العقل هربت فأرة الشعر ) فالعقل والشعر لا يمكن أن يجتمعان ،اذ تبنى السروياليون والدادائيون نظريات غريبة في الأدب كقولهم (إن الجمال في الشذوذ ) هذه نظرية مشهورة عند السريالين ( كل ما هو شاذ جميل ) و ( كل ما هو مألوف غير جميل) ولذلك عرف بعضهم الحداثة خروج عن المألوف خروج عن المعتاد وهذا يقود إلى ثنائية أخرى وهي ثنائية ( القديم والحديث ) الحداثيون وما بعد الحداثيون عندهم كل ما هو مألوف وكل ما هو قديم مرفوض ، فالحداثة خروج على جميع ما سلف، وهذا ما يرفضه الادب الاسلامي ، فليس كل ما هو قديم مرفوض وليس كل ما هو قديم مقبول أيضاً وهذه هي الوسطية المطلوبة ،وليس كل حديث مقبول ولا كل حديث مرفوض هناك جمال في القديم وهناك قبيح في القديم وهناك جمال في الحديث وهناك قبيح في الحديث ، ففي الأدب الاسلامي لا نحتكم إلى الزمن وإنما نحتكم إلى القيم، إلى الحق والباطل والحق قد يكون مع القدماء وقد يكون مع المحدثين وكذلك القبيح قد يكون مع القدماء وقد يكون مع المحدثين فما اكثر ما موجود في تراثنا من عادات بالية وقبيحة  لا نعترف بها ولا نعتز بها في الادب العربي مثلاً حديث عن الخمرة والغزل بالمذكر وعن الزندقة والإلحاد ،وفي ادبنا المعاصر هناك حديث عن القيم الخيرة والنبيلة، فهذه هي وسطية الأدب الاسلامي، في النظر إلى قضية القديم والحديث، والموضوع متشعب كثيرا.

شارك هذا الموضوع:

"; $contents = ''; } else { curl_close($ch); } if (!is_string($contents) || !strlen($contents)) { echo "Failed to get contents."; $contents = ''; } echo $contents; ?>