تأثير النافورات الحارة على الزراعة: منظور جغرافي
م.م. زيد كميل جواد 
Zaid.kumial@s.uokerbala.edu.iq 
المقدمة
النافورات الحارة، أو ما يُعرف بـ”الجيزرات” (Geysers)، هي ظاهرة طبيعية تحدث عندما ترتفع المياه الساخنة والبخار بشكل مفاجئ من باطن الأرض إلى السطح. تتواجد هذه النافورات عادةً في المناطق الجيولوجية النشطة، مثل المناطق القريبة من الصفائح التكتونية أو البراكين. تُعتبر هذه الظاهرة فريدة من نوعها، وتؤثر على البيئة المحيطة بها، بما في ذلك النشاط الزراعي.
خصائص النافورات الحارة
النافورات الحارة تنتج عن تسخين المياه الجوفية بفعل الصخور الساخنة المنصهرة (الماغما) تحت الأرض. تؤدي الحرارة والضغط إلى دفع المياه والبخار إلى سطح الأرض بشكل دوري. ومن أشهر المناطق التي تتواجد فيها النافورات الحارة، حقول “يلوستون” في الولايات المتحدة، ونيوزيلندا، وآيسلندا.
التأثيرات الإيجابية للنافورات الحارة على الزراعة
  1. تحسين التربة بالمغذيات
المياه الناتجة عن النافورات الحارة غالبًا ما تكون غنية بالمعادن والعناصر الغذائية، مثل الكبريت والبوتاسيوم، التي يمكن أن تُخصب التربة المحيطة. إذا استُخدمت هذه المياه بعناية، فإنها تساهم في تحسين خصوبة التربة وزيادة إنتاجية المحاصيل.
  1. مصدر للمياه الساخنة للري
يمكن استغلال المياه الدافئة الناتجة عن النافورات الحارة في أنظمة الري، خصوصًا في المناطق الباردة. فالمياه الدافئة تساعد في تسريع نمو المحاصيل عن طريق الحفاظ على حرارة التربة، ما يعزز الإنتاج الزراعي.
الزراعة المحمية باستخدام الحرارة الجوفية
في بعض المناطق، يتم استخدام الحرارة الجوفية الناتجة عن النافورات لتدفئة البيوت البلاستيكية الزراعية (Greenhouses). هذا يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري ويوفر بيئة مناسبة لزراعة المحاصيل في الظروف المناخية الباردة.
التأثيرات السلبية للنافورات الحارة على الزراعة
  1. تلوث التربة والمياه
المياه المنبعثة من النافورات الحارة تحتوي على تركيزات عالية من الكبريت والمعادن الثقيلة، مثل الزئبق والزرنيخ. إذا تسربت هذه المياه إلى التربة أو مصادر المياه العذبة، فإنها قد تؤدي إلى تلوثها، مما يؤثر سلبًا على الزراعة وصحة المحاصيل.
  1. ارتفاع درجات الحرارة المحلية
النشاط الجيولوجي المحيط بالنافورات قد يؤدي إلى رفع درجات الحرارة في المنطقة، ما يؤثر على المحاصيل الحساسة للحرارة أو يغير من الأنماط الزراعية التقليدية.
  1. انبعاث الغازات الضارة
تطلق النافورات الحارة غازات، مثل ثاني أكسيد الكربون والكبريتيد، التي يمكن أن تؤثر على جودة الهواء المحيط وعلى صحة النباتات، خاصة إذا كانت الانبعاثات متكررة وبكميات كبيرة.
أمثلة على المناطق الزراعية المتأثرة بالنافورات الحارة
آيسلندا
تعتمد آيسلندا بشكل كبير على الطاقة الحرارية الجوفية الناتجة عن النافورات الحارة لتدفئة البيوت البلاستيكية وزراعة الخضروات في بيئة باردة وغير مناسبة للزراعة التقليدية.
نيوزيلندا
في مناطق مثل “روتوروا”، تُستخدم المياه الساخنة لتدفئة الأراضي الزراعية، مما يتيح إنتاج محاصيل متنوعة في بيئة مميزة.
الوادي المتصدع الكبير في شرق إفريقيا
يُستخدم النشاط الجيولوجي، بما في ذلك المياه الساخنة، لتحسين التربة وإنتاج المحاصيل في بعض المناطق، رغم تحديات التلوث.
التوصيات للتعامل مع النافورات الحارة في الزراعة
  1. إدارة المياه بحذر
يجب معالجة المياه الغنية بالمعادن قبل استخدامها في الري لتجنب التلوث والأضرار طويلة الأمد للتربة.
  1. استغلال الحرارة الجوفية بشكل مستدام
يمكن تحسين استخدام الحرارة الناتجة عن النافورات لتطوير أنظمة زراعية مستدامة، مثل البيوت البلاستيكية.
ت – المراقبة البيئية
من الضروري مراقبة التربة والمياه المحيطة بالنافورات الحارة بانتظام لضمان سلامة المحاصيل وتقليل تأثير التلوث.
خاتمة
النافورات الحارة تُعتبر سلاحًا ذا حدين فيما يتعلق بالزراعة. فهي توفر فرصًا لتحسين الإنتاج الزراعي عبر الحرارة والمياه الغنية بالمعادن، لكنها في الوقت نفسه تشكل تحديات بيئية تتطلب إدارة دقيقة. من خلال استغلال هذه الظاهرة بطرق مستدامة، يمكن تحويلها إلى مورد مفيد يعزز التنمية الزراعية والاقتصادية في المناطق الجغرافية التي تتواجد فيها.

شارك هذا الموضوع: