تحقيق الانتماء المؤسسي لدى طلبة الدراسات العليا الموظفين
تحقيق الانتماء المؤسسي لدى طلبة الدراسات العليا الموظفين
مقدمة
تعدّ مرحلة الدراسات العليا من أهم المراحل التعليمية التي تتطلب التفرغ الذهني والنفسي والالتزام الأكاديمي العالي. وفي الوقت ذاته، يواجه العديد من طلبة الدراسات العليا – وخصوصاً أولئك الذين يعملون في وظائف بدوام كامل أو جزئي – تحديات متزايدة تتعلق بتحقيق الانتماء المؤسسي سواء في بيئة العمل أو في البيئة الجامعية. يؤدي هذا الازدواج في الانتماء المؤسسي إلى نوع من الصراع النفسي والاجتماعي والمعرفي، مما قد ينعكس سلبًا على الأداء الأكاديمي والمهني معًا.
أولاً: مفهوم الانتماء المؤسسي
الانتماء المؤسسي هو شعور الفرد بالولاء والارتباط النفسي والعاطفي بمنظمة معينة، ويترجم هذا الشعور في سلوكيات إيجابية مثل الالتزام، التعاون، والولاء للمؤسسة. ينعكس الانتماء المؤسسي في:
الرضا عن المؤسسة.
التفاعل الإيجابي مع أعضائها.
الاستعداد للمساهمة في تطويرها.
الالتزام بأهدافها وقيمها.
بحسب Meyer & Allen (1991)، فإن الانتماء المؤسسي يتكوّن من ثلاثة أبعاد:
الانتماء العاطفي (Affective Commitment)
الانتماء الاستمراري (Continuance Commitment)
الانتماء المعياري (Normative Commitment)
ثانيًا: طبيعة الصراع لدى طلبة الدراسات العليا الموظفين
يواجه طلبة الدراسات العليا الموظفون نوعًا من الصراع المؤسسي يتمثل في انقسام الانتماء بين بيئتين مختلفتين: المؤسسة الأكاديمية والمؤسسة الوظيفية. ويمكن تلخيص طبيعة هذا الصراع في المحاور الآتية:
الصراع الزمني:
ضيق الوقت بسبب التزامات العمل يؤثر سلبًا على قدرة الطالب على التفاعل مع البيئة الأكاديمية والاندماج في أنشطتها.
الصراع النفسي والمعرفي:
تتعدد مصادر الضغط بين متطلبات الوظيفة من جهة، ومتطلبات البحث العلمي والمقررات الدراسية من جهة أخرى، مما يُحدث إرهاقًا نفسيًا ومعرفيًا.
الصراع في الهوية المؤسسية:
يشعر الطالب بالانقسام في الهوية بين كونه “موظفًا” و”طالب علم”، ويؤثر هذا الازدواج على استقراره الذهني.
ضعف الاندماج الاجتماعي الأكاديمي:
غالبًا ما يعاني الطلبة الموظفون من ضعف العلاقات الاجتماعية مع زملائهم في الدراسات العليا، ما يقلل من شعورهم بالانتماء الجامعي.
ثالثًا: عوامل تؤثر في الانتماء المؤسسي
يوجد عدد من العوامل التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر في الانتماء المؤسسي لدى طلبة الدراسات العليا الموظفين، ومنها:
الدعم المؤسسي من الجامعة: كمرونة الجداول الدراسية، الإشراف الأكاديمي الداعم، وتقديم خدمات جامعية مخصصة لهذه الفئة.
المرونة في بيئة العمل: كتشجيع الموظف على إكمال دراسته وتوفير التسهيلات الإدارية.
العوامل الشخصية: مثل الطموح الشخصي، مهارات إدارة الوقت، والتكيف النفسي.
العوامل الأسرية والاجتماعية: كالدعم العائلي والضغوط الاجتماعية.
رابعًا: آثار الصراع على الانتماء المؤسسي
ينتج عن الصراع المؤسسي ضعف في الالتزام والانتماء، ويؤثر ذلك في الجوانب الآتية:
تراجع الأداء الأكاديمي.
الإرهاق النفسي والإجهاد المزمن.
الانسحاب من الأنشطة الأكاديمية أو الوظيفية.
ضعف الولاء للمؤسسة الجامعية أو جهة العمل.
خامسًا: مقترحات لتعزيز الانتماء المؤسسي
للتقليل من حدة هذا الصراع، يمكن اقتراح عدد من الإجراءات:
تعزيز برامج الإرشاد الأكاديمي المخصصة للطلبة الموظفين.
تقديم منح دراسية وتسهيلات إدارية خاصة بهذه الفئة.
تنظيم أنشطة جامعية مرنة تعزز الانتماء دون أن تتعارض مع ساعات العمل.
إشراك المؤسسات الوظيفية في دعم مسيرة الموظف التعليمية.
تطوير مهارات الطلبة في إدارة الوقت والتوازن بين الأدوار.
خاتمة
إنّ الصراع في تحقيق الانتماء المؤسسي لدى طلبة الدراسات العليا الموظفين يمثل تحديًا حقيقيًا أمام استقرارهم الأكاديمي والوظيفي. لذا من الضروري أن تعمل المؤسسات التعليمية والمؤسسات الوظيفية على تعزيز بيئة داعمة ومرنة تساعد الطالب على الموازنة بين هويته كطالب وموظف، وتمنحه الإحساس بالانتماء الحقيقي لكلا المؤسستين.