تحقيق الذات واستغلال القدرات/ زينب حسن عبد الحسين
قسم العلوم التربوية والنفسية
إن فكرة الفرد عن نفسه هي النواة الرئيسة التي تقوم عليها شخصيته، كما أنها عامل أساسي في تكيفه الشخصي والاجتماعي، فالذات تتكون من مجموع ادراكات الفرد لنفسه وتقييمه لها ، فهي تتكون من خبرات ادراكية وانفعالية تتركز حول الفرد باعتبار أنها مصدر للخبرة والسلوك وللوظائف.
ويقرر «زهران أن دلائل ذلك فهم النفس والتقييم الواقعي الموضوعي للقدرات والإمكانات والطاقات وتقبل نواحي القصور وتقبل الحقائق المتعلقة بالقدرات موضوعياً وتقبل مبدأ الفروق الفردية واحترام الفروق بين الآخرين وتقدير الذات حق قدرها واستغلال القدرات والطاقات والإمكانات إلى أقصى حد ممكن. ويرى ماسلو أن الأشخاص المحققين لذواتهم يكونون مكتملي النضج والإنسانية فهم أشخاص قد تحقق لهم بالفعل وبطريقة ملائمة إشباع لكل حاجاتهم الرئيسة وبالتالي فهم يتسمون بالشعور بالانتماء والثبات وهم مشبعون في حاجاتهم إلى الحب ولديهم أصدقاء يحظون بمكانة وبموقع في الحياة وباحترام الآخرين واحترام الذات وهكذا يعتبر أصحاب التوجه الإنساني في علم النفس الشخصية السوية أو الصحية هي الشخصية المحققة لذاتها.
ویری مرسي أنه قد يوجد بعض الأشخاص ممن يدركون أنفسهم على حقيقتها ويفهمون ذواتهم فهماً واقعياً عن وعي واستبصار وفي ذلك ما يهيئ لهم أن يجتنبوا مواقف الإحباط والإخفاق والفشل ويساعدهم على الاتجاه السليم وتحقيق أهدافهم والتوافق في حياتهم. وفي الوقت ذاته يلاحظ أن الكثيرين يميلون إلى المبالغة في تصور قدراتهم ويتوهمون في أنفسهم أكبر من طاقاتهم، كما يحاول البعض الآخر أن يقلل أو يهون من شأن نفسه ويركز على نواحي قصوره وعيوبه ونقائضه، ولا يستطيع بسبب ما يعانيه من الشعور بالنقص أن يرى إمكاناته على حقيقتها بوضوح.
ويتركز تقبل الذات على بعض المقومات الرئيسة وهي:
– فهم الذات :وهو إدراك الذات ويتصف بالصدق والواقعية والحق والصراحة والمواجهة، وفهم الذات ليس مجرد الاعتراف بالحقائق ولكن أيضاً التحقق من مغزى هذه الحقائق.
يتوقف فهم الفرد لذاته ليس على قدراته العقلية فحسب، ولكن أيضاً على فرص اكتشافه لذاته فينبغي أن تتاح له فرصة اختبار قدراته دون أن يلقى حماية زائدة من الآخرين.
– قد يأتي نقص فهم الذات من الغباء والجهل، وقد يأتي من نقص فرص اكتشاف الذات أو من نزعة الشخص إلى أن يرى نفسه كما يود أن يكون عليه فحسب لا كما هي عليه.
– إن فهم الذات وتقبلها يرتبطان ببعضهما ارتباطاً وثيقاً فبقدر ما يكون فهم الشخص لذاته سليماً يكون تقبله لذاته سليماً أيضاً والعكس صحيح، ويؤدي نقص فهم الذات إلى تباين بين مفهوم الشخص عن ذاته كما يود أن يكون عليه مفهوم عن الذات المثالية والصورة التي يدركها عن نفسه من خلال تفاعله الاجتماعي مع الآخرين ( مفهوم عن الذات الواقعية). ففهم الفرد لذاته يمثل بذلك مقوماً هاماً من مقومات السواء النفسي. ففي حين يضخم البعض من قدراتهم ويتوهمون في أنفسهم أكبر من طاقاتهم، يعمد البعض الآخر إلى التقليل من شأن نفسه ويركز على نواحي قصوره وعيوبه ونقائضه ولا يستطيع بسبب ما يعانيه من الشعور بالنقص أن يرى إمكاناته على حقيقتها بوضوح. حاول البعض التعرض لمظاهر الصحة النفسية مركزاً على جوانب إنسانية عامة أو خصائص النفسية عند كل منهم فقد تعددت هذه المظاهر وتنوعت.
فمن الباحثين من جعل هذه الخصائص علي مستوى إنساني عام «فالسعيد حقا هو ذو الشخصية القوية الذي يعمل دائما لتحقيق غرض سام والذي لا تتعارض حاجاته ورغباته مع مصالح الإنسانية».
وتفصيل ذلك هو خلو الفرد من النزاع وما يترتب عليه من توتر نفسي وتردد والقدرة على حسم النزاع حال وقوعه ويمكن الوصول إليه عن طريق فلسفة دينية أو اجتماعية أو خلقية.
ومن الباحثين من يؤكد خاصية التفاعل والتأثير الاجتماعي وما يؤدي إليه هذا التفاعل من إشباع حاجاته.
ومنهم من أخذ في الاعتبار الجوانب الخلقية فأوردت صفات مثل صدق الفرد مع نفسه – التفاني في أداء العمل… ألا يكذب أو يغش أو يسرق أو يغتاب أو يقتل.وهناك من ركز على المسؤولية الاجتماعية فوضع مجموعة من الصفات المرتبطة بذلك كالقدرة على ضبط النفس والشعور بالمسؤولية الشخصية والشعور بالمسؤولية الاجتماعية والاهتمام بالقيم المختلفة وخاصة القيم الديمقراطية.
الاتزان الإنفصالي :
يتمثل بقدرة الفرد على التحكم بذاته وضبط نفسه مع التعبير المناسب عن انفعالاته، ولا يتحقق الاستقرار الإنفعالي الذي يعتبر أحد علامات الصحة النفسية إلا عند ثبات الاستجابة الانفعالية للفرد في المواقف المتشابهة.
القدرة على مواجهة الإحباط:
ونعني به قدرة الفرد على التعامل مع احباطات الحياة اليومية مع بذل الجهد للتغلب على تلك الإحباطات، مع مراعاة عدم المبالغة في استخدام الحيل الدفاعية.
التكيف للمطالب أو الحاجات الداخلية والخارجية:
يجب أن تتوفر في البيئة التي يعيش فيها الإنسان الطرق المناسبة لإشباع حاجاته المتنوعة، حيث يعتبر هذا الشرط من أهم الشروط التي تحقق الصحة النفسية، لكن إذا لم يستطع الفرد إشباع حاجاته لظروف ما في بيئته فان ذلك سيعرضه للإصابة بالاحباط والإعاقة مما يؤدي إلى اختلال توازنه النفسي، والتكيف الذي يحقق الاستقرار والاتزان النفسي للفرد لا يتحقق إلا عند إشباع حاجات الإنسان ومطالبه.
القدرة على العمل والإنتاج الملائم:
أن ينتج الفرد ويبدع في حدود ما وهبه الله من إمكانات وقدرات واستعدادات جسمية، ونستطيع أن نستدل على الصحة النفسية للفرد من خلال ما يمكن أن يقوم به من إصلاحات في مجتمعه وإحداث تغييرات في بيئته.