تصوُّر الذات الإنسانية من خلال التصوُّر الإسلامي.
من مُقتضيات التكريم الإلهي أن فطر في نفوسنا البحث عن ذواتنا واكتشافها وحب تكريمها وتقديرها والبحث عما يزيد من هذه الشهوة في أنفسنا بما لا يطغى علينا وإنما بما يدفعنا إلى العمل وُفق الملكات التي عرفناها من أنفسنا، وكما يقول الكاتب فإن النفس لا تتحمَّل التبخيس المستمر للذات، وبالتالي فإن الإنسان في بحث مستمر عن ذاته الحقيقية وعما يحفظ له كرامته النفسية ويُعلي من قيمته الإنسانية، إما من خلال اعتناق دين أو الإيمان بفكرة أو رؤية تُعلي من قيمته كإنسان وتوكل إليه مهام الحياة وتضعه في تكليف عالٍ مُسَيِّرة كل الموارد الطبيعية والسنن الكونية لأجله هو في سبيل القيام بمهمَّته، فهي تنظر إلى الإنسان بشكل كامل لا جزئي، تنظر إلى فكره وشعوره وقدرته ومشاعره وإمكانياته وشكله، ولا تحصره في شكله أو في شكله ومشاعره فقط، وهذا ما يقوم به الدين الإسلامي، لذلك من الطبيعي جدًّا ألا يُهمل مسألة كمسألة الزي فيضع لها ضوابط ويتحدث في مقاصدها لأنها جزء من تكوين الإنسان ومن حاجته وليست هي كل الإنسان. والإنسان حتى يشعر بقيمة ذاته وتقديرها يقوم بعمل من شأنه أن يلفت أنظار الناس إليه ليُكمل ذلك النقص، بغض النظر عن طبيعة العمل، قد يكون رقصًا، قد تكون جريمة وعنفًا، وقد يكون تبرجًا، فالنظرية فطرية وطبيعية وهي الرغبة في تقدير الذات لكن التطبيق مناقض تمامًا لما يريد الوصول إليه. بالتالي إسقاطًا على موضوع الزي، فإن اختيار المرأة للتمسُّك به بعد معرفة نفسها انطلاقًا من معرفتها بدينها، هو اختيار لتقدير الذات التي قدَّرها الإسلام أولًا واختيار لعدم الخضوع لوطأة الاستهلاك الذي يريد أن يُقَولِبَها، وترفُّع بالنفس عن أن تكون أداة في يد أصحاب السلطة والمال لا اختيار لها، واختيار لنزول المعترك الحياتي ومشاركة للرجل بنفس سويّةَ مُقدِّرة تعرف واجبها الرسالي كما تعرف دورها الحقيقي الذي اكتشفته من خلال التصوُّر العقدي الإسلامي، والذي لولاه لتخبَّطت زمنًا طويلًا تبحث عن ذاتها في عمل أو في سوق أو في لباس أو في جسد أو في كُحل وأصباغ!
الفكرة من كتاب فلسفة الزي الإسلامي
تصوُّر القضايا الإسلامية بشكل مفصل وبإسقاط على الواقع المعيش يساعد على فهم مقاصد وغايات تلك القضايا والتشريعات الإسلامية، والنظر إليها من أفق أوسع وفهم التشابك الحاصل في الواقع يجعلها تنزل على القلب الصادق والعقل المنصف منزلها الصحيح، ننظر هنا مع الكاتب إلى قضية الزي الإسلامي نظرة مفصَّلة واعية واقعية لنرى الصورة بشكل أوضح.
التعافي من الفقد.. ملء الفراغ بالمكون الصحيح
يمكن لأي امرأة تندرج ضمن أي نمط للتعلق غير الآمن، اكتسابُ تعلق آمن، وتغيير نمط التعلق الخاص بها، وجهود التعافي تقوي العقل وتشفِي الجهاز العصبي وتملأ الفراغ المفتقر إلى الاتصال المبكر، ووجودُ علاقات صحية يساعد على ذلك بشكل كبير، ويبدأ الشفاء بتحديد الاحتياج الأساسي المفقود، فإذا كنتِ بحاجة شديدة إلى المودة وقضاء وقت مع شخص مميز، فأنتِ تفقدين التغذية، وإن كنتِ قلقة خائفة باستمرار، فأنت تفتقدين الحماية، وإن كنتِ تشعرين بالتشتت وعدم الإلهام فأنت تفقدين التوجيه، فالتعلق الآمن يُكتسَب من استبدال الاحتياجات الأساسية المفقودة، والتعافي يتحقق من معرفة المفقود لملء الفراغ بالمُكَوِّن الصحيح.
ولتعويض احتياج التغذية المفقود من المودة، ابدئي بالتغذية الصحية، والأطعمة الخالية من السكر والكافيين والأغذية المصنعة، كما يمكن الاستعانة بالمكوث في الماء، فالماء يشبه العناق، واستخدام الأغطية عند الذهاب إلى الفراش أو الاستلقاء على الأريكة، كما يفيد المشي في الطبيعة، وإشعال الشموع ذات الرائحة العطرية المفضلة، وشرب شاي الأعشاب الخالي من الكافيين ليلًا، واعتبار النوم أولوية، والنوم عند الإمكان، وكتابة الأفكار والمشاعر، فالكتابة لازمة للشفاء، وتقليل استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، والتمرن على قضاء الوقت بمفردك والعزلة الصحية التي يتوافر فيها الوعي والحضور. وإذا كنتِ مفتقدة الحماية فإن جسمك بحاجة إلى الاسترخاء، لأنه كان متحفزًا ومستعدًّا للخطر طوال الوقت، ولتلبية هذه الحاجة ينبغي تجنب الأفلام والمشاهد العنيفة، والتوقف عن سماع الأخبار، بالإضافة إلى تحريك الجسم برفق، وقضاء الوقت مع أشخاص يبعثون على الشعور بالأمن، والبحث عن طرائق للاسترخاء، ووضع حدود في التعامل مع الأم إذا كانت مؤذية.
أما ما يتعلق بفقد التوجيه، فإن عديدًا من النساء يعشن حياة تجسد قيم الوالدين بدلًا من السعي إلى قيمهن الخاصة، فالآباء ينتظرون من أبنائهم تحقيق أهداف مُعلنَة وأخرى سِرية، فإذا كنتِ تشعرين بوجود حاجز بينك وبين الحياة التي ترغبين فيها، فأنت تحتاجين إلى الكشف عن الوعود الخفية التي عقدتِها مع والدتك وتعوق تقدمك، كحث الأم للابنة على أن تكون سعيدة، لكن ليست أسعد منها، أو حثها على كسب كثير من المال للاهتمام بها.
كيف يمكن وصف الشعور بالرغبة في شيء ما أو شخص ما لتسكين الشعور بالوحدة؟ وكيف يمكن التخفّف من عبء حزن عميق غير ظاهر يصعب الاعتراف به؟
يمكن وصف هذا الشعور بمصطلح «الجوع إلى الأمومة»، مصطلح صاغته الكاتبة لتعبر عن فقد النساء لحب أمهاتهن، فيكبرن يبحثن عن نوع معين من الحب، حب غير مشروط، مراعٍ، آمن، ملهم، وهو الحب الذي يحتاج إليه الإنسان لينطلق بقوة في الحياة، ونتيجة لهذا الفقد يشعرن بفراغ داخلي يبحثن عما يملَؤُه، فتوضح الكاتبة منشأ هذا الفقد وعلاقته بالتعلق بالأم في الطفولة، كما تُرشِد إلى كيفية تعويض هذا الفقد والتعافي منه.