المقدمة:
تعزيز الذات مفهوم مهم يساهم في تنمية الشخصية وتحقيق النجاح على الصعيدين الشخصي والمهني. يهتم هذا المفهوم بتطوير مشاعر الفرد وتطلعاته وزيادة ثقته بنفسه، مما ينعكس إيجابًا على أدائه وإبداعه. تعزيز الذات ينبع من تقدير الفرد لقيمته وأهمية دوره في الحياة، مما يمكنه من مواجهة التحديات والتغلب على الصعوبات.
في هذا المقال، سنتناول التعريف اللغوي والاصطلاحي لتعزيز الذات، ونتحدث عن أهمية تقدير الذات وسبل تعزيزها. سنستعرض التحديات التي يواجهها الباحثون في مسيرتهم البحثية وطرق دعم الذات لتجاوز هذه التحديات، بما في ذلك تنظيم الوقت، التحدث الإيجابي مع الذات، والعناية بالصحة النفسية والجسدية. في النهاية، سنوضح كيف يمكن أن يكون تعزيز الذات مفتاحًا لتحقيق النجاح في الحياة.
مفهوم تعزيز الذات:
التعزيز لغة:
جاء في لسان العرب: “العزيز: من صفات الله وأسمائه الحسنى ؛ قال الزجاج : هو الممتنع فلا يغلبه شيء، وقال غيره : هو القوي الغالب كل شيء ، وقيل : هو الذي ليس كمثله شيء…أَعَزَّ الرجلُ يَعِزُّ عِزّاً وعِزَّةً إِذا قوي بعد ذلَّة وصار عزيزاً…وعَزَزْتُ القومَ وأَعْزَزْتُهُم وعَزَّزْتُهُم : قَوَّيْتُهم وشَدَّدْتُهُم . وفي التنزيل العزيز : ((فَعَزَّزْنا بثالث)) ؛ أَي قَوَّينا وشَدَّدنا…”( ١)
أما اصطلاحا فيعرف بأنه:
ما يعقب الاستجابة أو السلوك من آثار، منها ما هو مرض، مربع، مقع، مشبع إيجابي، فيقال أثر طيب أو مكافأة أو تعزيز موجه، ومنها ما هو غير مرضي، مؤلم، منفر أو سالب فيقال له، أثر غير طيب أو عقاب أو تعزيز سالب المكافأة ميرة للتعلم بينما يكفي العقاب في بعض الأحيان لما يراد إبطاله وتعديله من سلوك.( ٢)
الذات لغة: ذات [مفرد]: ج ذوات نفس “جاء ذات الرجل جاء الرئيس ذاته ” إنكار الذات تضحية الشخص برغباته ابن ذوات من علية القوم وأكابرهم اكتشاف الذات: تحقيق التوصل إلى تفهم ومعرفة الذات الاعتماد على الذات: الاستقلال في الرأي الثقة بالذات الشعور بالقدرة الذاتية الذات الإلهية: الله عز وجل بذاته منفردا، على حدة بين بذاته غير متطلب لدليل أو فحص – تحقيق الذات تطوير أو تحسين إمكانات الشخص، وتحقيق الاكتفاء لنفسه-“(٣)
الذات اصطلاحا: يعرف (جير سيلبد) الذات بأنه :العالم الداخلي للشخص إنها مركب من أفكار ومشاعر الشخص وتطلعاته وأمانيه ومخاوفه وتخيلاته ونظرته عن ماذا يكون الآن، وماذا كان من قبل، وماذا سيكون فيما بعد، وكذلك اتجاهاته الخاصة بأهميته.( ٤)
بناءً على ما سبق، يمكن تعريف تعزيز الذات بأنه: تنمية مشاعر الفرد وتطلعاته.
وعُرّف تعزيز الذات بأنه: تقوية ذاتك داخلياً عن طريق رفع مستوى تقديرك لها وبأن يكون لديك رسالة شخصية مهمة ومثيرة في الحياة.( ٥)
-كيف نعزز ذاتنا؟
تعزيز الذات مرتبط بشكل وثيق بتقدير الذات. إذا أردنا تعزيز أنفسنا لصالح حياتنا الشخصية والمهنية، وخاصة في مسيرتنا البحثية، يجب أن نبدأ بتقدير الذات.
حيث أنّ تقدير الذات وإعطاؤه الأهمية اللازمة، وعدم إغفاله، يعزز من قوة الذات الشخصية ويزيد من الثقة بالنفس. نتمكن من تحقيق أهدافنا بشغف وثقة أكبر، مما يساهم بشكل كبير بتحقيق انجازات مشرفة، إن “(ناثانيال براندين)، -وهو عالم نفس ممارس ورائد في مجال تقدير الذات- يقول: من جميع الأحكام التي تصدرها في حياتنا ليس هناك حكم أهم من حكمنا على أنفسنا. باختصار، تقدير الذات هو مفتاح النجاح.”( ٦)
المرحلة البحثية والتحديات الذاتية التي يواجهها الباحث:
إن الباحث في مسيرته البحثية، وحتى قبل الوصول إلى هذه المرحلة، قد يواجه الكثير من الأمور التي يمكن أن تعرقل تقدمه العلمي. من بين هذه الأمور التوتر والخوف من عدم النجاح، والشعور بأنه قد لا يستطيع إنجاز المهام المطلوبة في الوقت المحدد. هذه المخاوف قد تؤدي إلى اتخاذ قرارات سريعة وغير مدروسة، مثل التفكير في تمديد فترة الكتابة بمجرد التأخر أو مواجهة ظروف حياتية بسيطة.
كل هذه المخاوف ناتجة عن عدم تقديم الدعم والتشجيع اللازمين للذات. إن تعزيز الذات وتقديرها هو أمر بالغ الأهمية، إذ يساعد في تقوية الشخصية وزيادة الثقة بالنفس، مما يمكن الباحث من التغلب على التحديات التي تواجهه في مسيرته العلمية وتحقيق النجاح المرجو.
طرق بسيطة لدعم الذات:
أولا: تنظيم الوقت: يعد وضع جدولا زمنيا منظما أمراً بالغ الأهمية لكل باحث علمي، حيث يساعد في تنسيق كتابة الأبحاث بما يتماشى مع تفاصيل الحياة اليومية، فالتخطيط المحكم وإدارة الوقت بكفاءة يعدان عاملان رئيسيان لتحقيق النجاح والوصول إلى الأهداف المرجوة، دون التأثير على الجوانب الأخرى من الحياة.
ثانيا: التحدث الإيجابي مع الذات :يجب على الباحث أن يخصص وقتًا لنفسه ليقوم بمحادثة إيجابية تعزّز من قوته وثقته بذاته. هذه الممارسات الإيجابية تنعكس بشكل كبير على شخصيته العلمية، حيث تسهم في تحسين أدائه وإبداعه بفضل زيادة الثقة بالنفس.
ثالثا: العناية بالصحة النفسية والجسدية: يواجه بعض الباحثين أحيانًا تحديات صحية يمكن أن تُعَرقِل تقدمهم في كتابة الأبحاث، مما يؤدي إلى التذمر أو التبرير باستخدام مشاكلهم الصحية كعائق. لذا, من الضروري أن يحرص الباحث على رعاية صحته النفسية والجسدية، لتجنب الوقوع بغير المتوقَّع، سواء كانت أمراض جسدية أو نفسية. العناية بالصحة تعزّز من قدرة الباحث على الاستمرار في مسيرته العلمية بثبات ونجـاح.
الخاتمة:
يمكننا أن نستنتج أن تعزيز الذات هو عنصر أساسي في بناء الشخصية وتحقيق النجاح في مختلف جوانب الحياة الشخصية والمهنية. يرتبط تعزيز الذات بشكل وثيق بتقدير الذات، الذي يُعَد المفتاح لتحقيق التوازن والثقة بالنفس، مما يُسهِم في قدرة الفرد على مواجهة التحديات والتغلب على العقبات.
في مسيرته البحثية، يواجه الباحث العديد من التحديات الذاتية التي قد تعيق تقدمه. لذلك، يُعَد تعزيز الذات أمرًا ضروريًا لدعمه في استمراره بنجاح وثبات. ويشمل ذلك تنظيم الوقت، التحدث الإيجابي مع الذات، والاهتمام بالصحة النفسية والجسدية.
باتباع هذه الاستراتيجيات، يمكن للباحثين تحقيق أهدافهم بشغف وفعالية أكبر، مما يُثرِي حياتهم العلمية والمهنية. إن تعزيز الذات لا يقتصر على كونه مفهومًا نظريًا، بل هو ممارسة يومية تسهم في بناء شخصية قوية وثقة بالنفس، ما يمكن الأفراد من تحقيق إمكاناتهم القصوى والنجاح في حياتهم.
وفي الختام لا يسعنا أن ان نقول إلا الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، نحمده ونشكره على توفيقه لنا في هذا البحث. نسأل الله أن يكون هذا العمل قد أضاف فائدة ونفعًا. والله ولي التوفيق.
الهوامش:
١- لسان العرب، مادة (عزز)، / ٣ / ٢٦٠٦
٢- المعجم التربوي، ملحقة سعيدة، المركز الوطني للوثائق التربوية ، جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية ، وزارة التربية الوطنية ، ٢٠٠٩ ، ص (١٢٠).
٣- -معجم اللغة العربية المعاصرة أحمد مختار عمر، عالم الكتب، ط١، ٢٠٠٨م، ١ / ٨٠٠
٤- نظريات التوجيه والإرشاد في المجال الدراسي،سلطان مفرح السرحاني، الرياض ١٤٣٧ هـ، ص ١٠
٥- تعزيز تقدير الذات ص(٢٠٥)
٦- المصدر السابق، ص (٧)
المصادر والمراجع:
١- لسان العرب، لابن منظور، مؤسسة الأعلى للمطبوعات، بيروت – لبنان.
٢- معجم اللغة العربية المعاصرة أحمد مختار عمر، عالم الكتب، ط١، ٢٠٠٨م.
٣- المعجم التربوي، ملحقة سعيدة، المركز الوطني للوثائق التربوية ، جمهورية الجزائر الديمقراطية الشعبية ، وزارة التربية الوطنية ، ٢٠٠٩
٤- نظريات التوجيه والإرشاد في المجال الدراسي،سلطان مفرح السرحاني، الرياض ١٤٣٧ هـ.
٥- تعزيز تقدير الذات، رانجيت سينج مالهي روبرت دبليو ريزنر، مكتبة جرير،ط١، ٢٠٠٥م.