تقرير عن دور جمعية الهلال الأحمر العثماني في الحرب الروسية العثمانية عام 1877
إعداد: [ايمان عباس حمزة..دكتوراه تاريخ حديث]
تاريخ: [12/٣/٢٠٢٥]
المقدمة :  
يُسلط هذا التقرير الضوء على الجهود التي بذلتها الجمعية خلال الحرب الروسيه العثمانيه عام ١٨٧٧ ، مُتناولًا إنجازاتها، التحديات التي واجهتها، وإرثها الإنساني. , حيث شكّلت الحرب الروسية العثمانية (1877-1878) المعروفة أيضًا بحرب “93” نسبة إلى العام الهجري 1293 الذي اندلعت فيه نقطة تحول في تاريخ الصراعات العسكرية والجهود الإنسانية في المنطقة لانه خلال هذه الحرب برزت جمعية الهلال الأحمر العثماني كأول منظمة إنسانية منظّمة في العالم الإسلامي  لعبت دورًا محوريًا في تخفيف معاناة المصابين من الجنود والمدنيين , تأسست الجمعية عام 1868 على غرار منظمة الصليب الأحمر الدولية التي تأسست عام ١٨٦٤، لكنها اتخذت شعارا مختلفا عن الصليب الأحمر لكونه شعار صليبي يتنافى عن الدين الإسلامي فاتخذت شعار الهلال الاحمر لها تماشيًا مع الرمزية الإسلامية.
اولا: الدور الإنساني للجمعية خلال الحرب   
اندلعت الحرب الروسية العثمانية في أبريل 1877، عندما هاجمت الإمبراطورية الروسية أراضي الدولة العثمانية في البلقان والقوقاز، مدفوعةً بدعم الحركات القومية السلافية ورغبتها في توسيع نفوذها. واجه الجيش العثماني أزمات لوجستية وصحية حادة، خاصة مع انتشار الإصابات والأمراض في صفوف الجنود، مما استدعى تدخلًا إنسانيًا عاجلًا.
ثانيا: الاستجابة الطبية العاجلة  
قامت جمعية الهلال الأحمر العثماني بتأسيس مستشفيات ميدانية بالقرب من جبهات القتال الرئيسية، مثل جبهة بلغاريا والقوقاز. وشملت خدماتها:  
– إسعاف الجرحى ونقلهم إلى مراكز علاجية آمنة.  
– توزيع الأدوية والمستلزمات الطبية، بما في ذلك الضمادات والمُعقّمات.  
– تدريب الممرضين والمتطوعين على أساسيات الإسعافات الأولية.  
ووفقًا لتقارير الأرشيف العثماني، قدمت الجمعية الرعاية لأكثر من 50,000 جريح خلال العام الأول من الحرب، باستخدام تقنيات طبية حديثة نسبيًا آنذاك، مثل التخدير الموضعي وتعقيم الجروح.
ثالثا : دعم المدنيين والنازحين  
لم تقتصر جهود الجمعية على الجنود، بل امتدت إلى المدنيين الذين نزحوا بسبب القتال. أُنشئت مخيمات إيواء مؤقتة في مناطق مثل أدرنة وإسطنبول، وزوّدت بالطعام والملابس والأغطية. كما ساهمت في إعادة الاتصال بين الأسر المشتتة عبر توزيع رسائل الجنود على ذويهم.
رابعا : التعاون الدولي  
عززت الجمعية شراكاتها مع منظمات إنسانية أوروبية، لا سيما الصليب الأحمر الروسي والصليب الأحمر الفرنسي، رغم العداء العسكري بين الدول. تم تبادل الأسرى والجرحى عبر وساطة الجمعية، مما أظهر مبدأ “حياد العمل الإنساني” الذي تبنته الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.
خامسا:التحديات التي واجهتها الجمعية  
واجهت الجمعية عقبات جسيمة، منها:  
  1. نقص التمويل: اعتمدت بشكل كبير على تبرعات الأفراد والمؤسسات الدينية، والتي كانت غير كافية أحيانًا.  
  2. صعوبة الوصول إلى الجبهات: خاصة في مناطق القوقاز الجبلية، حيث عرقلت الظروف المناخية والمسافات وصول المساعدات.  
  3. الوصمة الاجتماعية: واجهت الممرضات انتقادات من بعض الفئات المحافظة لعملهن خارج المنزل.  
الخاتمة  
مثّلت جهود جمعية الهلال الأحمر العثماني خلال حرب 1877-1878 علامة فارقة في تاريخ العمل الإنساني، ليس فقط لإنقاذها آلاف الأرواح، بل أيضًا لتأسيسها تقليدًا عثمانيًا وإسلاميًا في مواجهة الكوارث الإنسانية. وعلى الرغم من هزيمة الدولة العثمانية في الحرب، إلا أن إرث الجمعية استمر من خلال تحولها لاحقًا إلى الهلال الأحمر التركي، الذي لا يزال رمزًا للعون الإنساني حتى اليوم. تُذكر هذه الجهود كدرس في كيفية تجاوز الخلافات السياسية لإنقاذ الإنسانية، وهو مبدأ لا يزال العالم بأمس الحاجة إليه.

شارك هذا الموضوع: