تقرير عن دور جمعية الهلال الأحمر العثماني في حرب طرابلس (الحرب العثمانية الإيطالية 1911-1912)
اعداد :كاظم حسن جاسم الاسدي-ايمان عباس حمزة 
دكتوراه تاريخ حديث ومعاصر
                                         المقدمة 
      دارت الحرب العثمانية الإيطالية، المعروفة أيضًا بحرب طرابلس، بين الإمبراطورية العثمانية وإيطاليا من سبتمبر 1911 إلى أكتوبر 1912، حيث سعت إيطاليا إلى احتلال ولاية طرابلس الغرب العثمانية (ليبيا الحالية). خلال هذه الحرب، لعبت جمعية الهلال الأحمر العثماني دورًا إنسانيًا بارزًا في تقديم الدعم الطبي والغذائي للجنود العثمانيين والسكان المدنيين، رغم التحديات الكبيرة التي واجهتهم , اذ تاسست الجمعية عام 1868 كاول منظمة انسانية في العالم الاسلامي استوحت مبادئها من مبادئ الصليب الاحمر الدولي الذي تاسس عام 1864, لكنها استبدلت شعار الصليب بالهلال الاحمر ذلك احتراماً للرمزية الاسلامية ولكون الهلال هو رمز اسلامي بحت .
                                    بداية الحرب 
  قامت ايطاليا بغزو ليبيا عام 1911 والتي كانت تابعة للدولة العثمانية وكانت تُعرف انذاك باسم طرابلس الغرب العثمانية, ادى ذلك الغزو الى اندلاع الحرب بينها وبين الدولة العثمانية التي كانت تعتبر ان طرابلس هي جزء من ممتلكاتها ومن ضمن الاراضي التابعة لها , وقبل اعلان الحرب كانت الدولة العثمانية في تلك الفترة تعاني من التراجع العسكري والسياسي والاقتصادي نتيجة الحروب الكثيرة التي خاضتها  خاصة حروبها امام روسيا القيصرية التي استنزفت منها الكثير من الاموال والخسائر المادية والبشرية ,حيث ادركت ايطاليا هذا الضعف ووجدت انه من المناسب لها القيام بغزو ايطاليا وكان ذلك جزءاً من التنافس الاستعماري الاوروبي على اراضي الدولة العثمانية (الرجل المريض) , بالمقابل كانت ايطاليا دولة حديثة العهد وتسعى جاهدة من اجل الالتحاق بركب الدول الاوروبية الكبرى مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا والحصول على المستعمرات خارج حدود اراضيها لدوافع عديدة منها سياسية لتقوية مركزها السياسي واقتصادي ولانها دولة حديثة العهد كانت بحاجة الى موارد طبيعية واسواق جديدة  لتسويق منتجاتها وكذلك لتقوية اقتصادها المتنامي حديثاً, حيث استغلت إيطاليا ضعف العثمانيين في شمال إفريقيا فقامت بغزو طرابلس .  
الدور الإنساني للهلال الأحمر العثماني  
  1. الرعاية الطبية: 
   – إنشاء مستشفيات ميدانية في مدن مثل بنغازي وطرابلس لعلاج الجرحى من الجنود والمتطوعين الليبيين.  
   – تقديم الإسعافات الأولية في خطوط المواجهة، خاصة في معارك مثل “عين زارة” و”الشنطة”.  
2- دعم المدنيين:  
   – توزيع المواد الغذائية والأدوية على الأهالي المتضررين من القصف الإيطالي.  
   – إيواء النازحين بسبب العمليات العسكرية في المدارس والمساجد التي حوّلتْها الجمعية إلى مراكز إغاثة.  
  1. التحديات اللوجستية:  
   – محاولة تجاوز الحصار الإيطالي عبر طرق بديلة (كالصحراء) باستخدام القوافل من مصر وتونس، رغم تعقيدات الوضع السياسي (احتلال فرنسا لتونس وبريطانيا لمصر).  
   – نقص الكوادر الطبية المؤهلة، مما دفع الجمعية إلى الاعتماد على متطوعين محليين وعثمانيين قليلِي الخبرة.  
4- التعاون مع المقاومة الليبية:  
   – تنسيق الجهود مع زعماء القبائل مثل أحمد الشريف السنوسي لتوزيع المساعدات في المناطق النائية.  
   – استخدام شبكات المقاومة لنقل الأدوية والمعلومات الطبية.  
 التحديات الرئيسية التي واجهتها الجمعية  
. القيود العسكرية: سيطرت إيطاليا على البحر المتوسط، مما حدّ من وصول الإمدادات من إسطنبول.  
. الظروف المناخية القاسية: صعوبة العمل في المناطق الصحراوية، مع انتشار الأمراض مثل الكوليرا والملاريا.  
. نقص التمويل: اعتماد الجمعية على تبرعات محدودة من داخل الإمبراطورية، مقارنة بموارد الصليب الأحمر الإيطالي المدعوم  
 
 الخاتمة  
برز الهلال الأحمر العثماني في حرب طرابلس كرمز للتضامن الإنساني رغم محدودية الإمكانيات. لم تقتصر جهوده على إنقاذ الأرواح فحسب، بل ساهمت في الحفاظ على وحدة المجتمعات المحلية تحت وطأة الحرب. تُعد هذه التجربة إرثًا تأسيسيًا للعمل الإغاثي في المنطقة، واستمرارًا لجهود المنظمات الإنسانية الحديثة.  

شارك هذا الموضوع: