جذور العلاقات العراقية المكسيكية
ا.د. حيدر طالب حسين
كلية التربية للعلوم الإنسانية/جامعة كربلاء
قسم التاريخ
يعود تاريخ العلاقات العراقية-المكسيكية الى اوائل خمسينيات القرن العشرين ، اذ تقرر في عام 1950 اقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين ويكون سفير العراق لدى واشنطن سفيرا غير مقيم في المكسيك ، فيما يكون سفير المكسيك لدى لبنان سفيرا غير مقيم في العراق ، الا انه لم يقدم احد من سفراء العراق السابقين في واشنطن قبل قطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الامريكية في حزيران 1967 اوراق اعتماده سفيرا لدى المكسيك ، ما ادى الى تلاشي العلاقات بين البلدين بشكل تدريجي ، فلم تعين المكسيك من جانبها سفيرا لها بعد الستينات ، وبقي الحال على هذا الوضع حتى جاءت مواقف الرئيس المكسيكي السابق لويس إشيفيريا Luis Echeverria (1970-1976) الايجابية ازاء القضية العربية ، الامر الذي حدى بجامعة الدول العربية لحث الدول الاعضاء على اقامة علاقات دبلوماسية وقيام صلات تجارية مع المكسيك ، وفي اوائل عام 1977 قررت الحكومة العراقية فتح سفارة في العاصمة المكسيكية وتم فتحها فعلا في 17 تموز 1977 وقدم السفير عبد الودود عبد الكريم الشيخلي في 21 اب من العام نفسه اوراق اعتماده الى الرئيس المكسيكي اول سفير للجمهورية العراقية لدى الولايات المتحدة المكسيكية ، وتقديرا من الاخيرة لموقف العراق قررت فتح سفارة لها في بغداد وتم ذلك في مطلع عام 1978 .
ساهمت كل من الجمهوريتين العراقية والمكسيكية في توطيد العلاقات السياسية فيما بينهما ، الا ان الجانب العراقي كان له النصيب الاوفر في هذا الاطار ، وكان لتوجيهات السفارة التي كانت ترفعها بصيغة اقتراحات للنظام السياسي العراقي دورا مهما في تكريس تلك العلاقات ، فضلا عن انها كانت تسلط الضوء على كل صغيرة وكبيرة فيما يخص طبيعة العلاقات مع الجانب المكسيكية وطبيعة الواقع السياسي والاقتصادي المكسيكي الاقليمي والدولي ، لذلك نستطيع القول ان التقرير غطى معظم الجوانب المتعلقة بالعلاقات السياسية بين البلدين ، وعودة على ذي بدء فان طبيعة العلاقات بين البلدين وفقا لما تضمنه التقرير يمكن تقسيمها على الاتي :
اولا : توطيد العلاقات من الجانب العراقي .
ساهمت الزيارات الرسمية العراقية للمكسيك في توطيد العلاقات بين البلدين ، وكانت طليعة هذه الزيارة عزم نائب رئيس الجمهورية طه محي الدين معروف زيارة المكسيك في 27 ايلول 1980 ، الا ان الزيارة ارجأت بسبب اندلاع الحرب العراقية الايرانية ، ورغم تثبيت موعد اخر في 23 تموز 1981 ، الا انه اجل ايضا على ان يتم تحديد موعد جديد يتفق عليه بين الطرفين ، ومن جانب الرئاسة ارسل مبعوث شخصي عن رئيس الجمهورية وهو السيد وزير الري عبد الوهاب محمود لتسليم رسالة الى الرئيس المكسيكي خوسيه لوبيز بورتيو Jose Lopez Portillo (1979-1982) ، حول النزاع العراقي الايراني ، واشار التقرير الى تفهم الاخير للموقف العراقي ، ولم تقتصر الزيارة على مستوى القيادات السياسية بل الاحزاب ايضا ، فقد ارسل ( منصور ابو الخيل ) مبعوثا خاصا عن حزب البعث الى الحاكم المكسيكي والاحزاب السياسية لوضعها في الصور بما يتعلق بالحرب العراقية الايرانية ، وقد لقي ذلك استحسان وتقدير السياسيين من الاحزاب المختلفة ومن المسؤولين بحسب التقرير.
هذا وكان لتبادل الزيارات دورا في تعزيز العلاقات بين البلدين ومن بينها الزيارات الحزبية وحضور ممثلين عن الاحزاب المكسيكية للعراق في المناسبات ومنها مؤتمر التضامن مع العراق الذي عقد خلال المدة 13-16 تموز 1981 ، وكذلك حضور مبعوثين عن حزب البعث للمؤتمرين الحزبيين ( الحزب الاشتراكي للعمال في 21-23 تشرين الثاني 1981 ) الذي حضره عن الحزب (مالك بشور) ، والمؤتمر الثامن لـ (الحزب الشعبي الاشتراكي ) والذي حضره عن الحزب (منصور ابو الخيل) . كما زار وفد نسائي عراقي برئاسة رئيسة الاتحاد العام لنساء العراق السيدة منال يونس المكسيك خلال المدة 16-20 تشرين الثاني 1981 ، وقد لقي الوفد ترحابا وكان له صدى بحسب ما اشارت السفارة بل وحضي باهتمام خاص لم تلق الوفود المماثلة لدول اخرى مثله ، فقد اقيم لها حفل خاص في قصر الرئاسة للتعبير عن مدى الحفاوة والتقدير .
ثانيا : توطيد العلاقات بين البلدين من الجانب المكسيكي .
عملت الولايات المتحدة المكسيكية من جانبها على السعي لتطوير العلاقات مع جمهورية العراق عن طريق الزيارات الرسمية وما يتمخض عنها من نتائج ايجابية ، اذ حضر وفد برلماني في اذار 1979 ، كما حضر وفد فني نفطي للاطلاع على الخبرة العراقية في هذا الميدان ، وبالمقابل زار وفد فني عراقي المكسيك عام 1981 للاطلاع على الخبرة المكسيكية في مجال استخراج النفط الثقيل ، هذا واشار التقرير الى الزيارة المؤمل تحقيقها من قبل شبكة التلفزيون الرسمية المكسيكية (13) برئاسة السيدة ماركريتا لوبيز بورتيو Margarita Lopez Portillo شقيقة الرئيس خوسيه لوبيز بورتيو في شباط 1982 ، ما سيؤدي بالنتيجة الى تعزيز العلاقات والتعاون الاعلامي بين البلدين ، فضلا عن ان زيارة وفد برلماني مكسيكي بدعوة من رئيس المجلس الوطني العراقي يُعد خطوة اخرى باتجاه تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.