دور الأنشطة الترفيهية في مكافحة المخدرات
م.م. قاسم محمد نعمه
المقدمة
تُعدّ المخدرات من أخطر الآفات التي تهدد المجتمعات في العصر الحديث، حيث تؤثر سلبًا على الصحة النفسية والجسدية للأفراد، فضلا عن دورها في تفكك الأسر، وانتشار الجريمة، وفي ظل هذه التحديات، بات من الضروري البحث عن استراتيجيات فعّالة للوقاية والحد من انتشار هذه الظاهرة المدمرة للمجتمع، ومن أبرز هذه الاستراتيجيات استخدام الأنشطة الترفيهية كأداة لمكافحة المخدرات.
مفهوم الخدمات الترفيهية
تعني الخدمات الترفيهية مجموعة من الأنشطة والفعاليات التي تعمل على إشباع رغبات الإنسان وراحته النفسية والذهنية، وبما يتناسب وعمره وثقافته، وأصبح الترفيه في أيامنا هذه مطلباً ملحاً في الحياة اليومية المزدحمة بالعمل والتقدم التكنولوجي ومتطلبات العصر، مما يؤدي إلى الكثير من الضغوط النفسية على الأسرة والمجتمع.
أهمية الأنشطة الترفيهية
تُعتبر الأنشطة الترفيهية وسيلة فعّالة لملء أوقات الفراغ لدى الشباب والمراهقين، وهي الفئة الأكثر عرضة لخطر تعاطي المخدرات، يساعد الانخراط في أنشطة رياضية، ثقافية، أو فنية على توجيه الطاقات نحو أهداف إيجابية ابداعية ، مما يقلل من احتمالية الوقوع في براثن الإدمان، ويبرز اهمية الانشطة الترفيهية فيما يلي:-
1- تعزيز الصحة النفسية
تلعب الأنشطة الترفيهية دورًا كبيرًا في تخفيف التوتر والضغوط النفسية خاصة وان المجتمع وبالتحديد الشباب يواجهون الكثير من التحديات والضغوطات الناتجة عن العمل أو الدراسة أو الحياة الاجتماعية، التي قد تدفع بالأفراد إلى تعاطي المخدرات، فالرياضة، على سبيل المثال، تفرز هرمونات السعادة ، مما يساعد على تحسين المزاج وتقوية المناعة النفسية.
2- توفير بيئة داعمة وآمنة
تُساهم الأنشطة الترفيهية في بناء شبكات اجتماعية إيجابية، حيث يتفاعل الشباب مع أفراد يشاركونهم نفس الاهتمامات. هذه البيئة الصحية تعزز قيم التعاون والاحترام، وتبعدهم عن رفقاء السوء الذين قد يشجعون على تعاطي المخدرات.
3- تطوير المهارات الشخصية
تساعد الأنشطة الترفيهية، مثل الرسم أو المسرح أو الموسيقى، على تنمية مواهب السكان وبالخصوص الشباب وإكسابهم مهارات جديدة تزيد من ثقتهم بأنفسهم، هذه الثقة تجعلهم أقل عرضة للشعور بالقلق والضعف أو الحاجة للهروب إلى المخدرات.
نماذج ناجحة لدور الأنشطة الترفيهية
1- الرياضة: أثبتت البرامج الرياضية الموجهة قدرتها على احتواء الشباب وتحفيزهم للتخلي عن عاداتهم السلبية، حيث تُنظم العديد من الدول دوريات رياضية للهواة كجزء من خطط الوقاية.
2- الفنون: هي وسيلة فعالة للتعبير عما يجول في النفس الانسانية ولها دور كبير في تفريغ المشاعر السلبية، سواء كان ذلك من خلال الكتابة أو الرسم، أو العزف ويتم ذلك عبر إنشاء مراكز ثقافية وفنية تقدم دورات مجانية في فن الخط والرسم والمسرح والموسيقى ، مما يعزز من شعور الانتماء والإبداع.
3- العمل التطوعي: يشجع على تنمية حس المسؤولية ويسهم في تحسين المزاج وتعزيز الشعور بالانتماء مما يتيح للشباب فرصة المساهمة في المجتمع بشكل إيجابي.
4- السفر: يعتبر السفر من الأنشطة الترفيهية والممتعة التي تمنح الأفراد فرصة للهروب من روتين الحياة الممل وتجربة أشياء جديدة، و رؤية الأشياء المختلفة والتفاعل مع أشخاص جدد والتعرف على ثقافات مختلفة، مما يعزز من نظرة الشخص للحياة ويوسع آفاقه، كما أن السفر يتيح للأفراد فرصة للتأمل والتجديد بعيدًا عن ضغوط الحياة اليومية.
الخاتمة
لا شك أن الأنشطة الترفيهية تمثل درعًا قويًا في مواجهة مشكلة المخدرات، من خلال توفير بيئة إيجابية وآمنة، يمكن تحويل أوقات الفراغ إلى فرص للتعلم والتطور، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وصحة، حيث إن استثمار الطاقات البشرية في هذه الأنشطة ليس مجرد ترف، بل هو استثمار امثل لمستقبل الأجيال القادمة، وبالتالي يكون جيل يهتم بالنشاطات التي من شأنها تحافظ على صحة الانسان واستثمار قدراته في فائدة المجتمع .