دور الإنترنت ووسائل الإعلام في تعزيز السلوك الإجرامي
دور الإنترنت ووسائل الإعلام في تعزيز السلوك الإجرامي
المقدمة
تعد وسائل الإعلام من أبرز أدوات التأثير في المجتمع الحديث، حيث تساهم بشكل كبير في تشكيل الرأي العام وتوجيه السلوكيات الفردية والجماعية. وتتنوع وسائل الإعلام بين المسموعة والمرئية والمقروءة، وتؤدي دورًا مركزيًا في نقل الأخبار والأفكار والمعلومات. رغم أهمية هذه الوسائل في تثقيف الأفراد وتوجيههم، فإن لها تأثيرات قد تكون سلبية في بعض الأحيان، خاصة عندما يتم استخدامها لنقل رسائل تحفز السلوك الإجرامي(١).
وفي ظل التطور التكنولوجي وانتشار الإنترنت بشكل واسع، أصبح هذا الأخير أحد أبرز الوسائل الإعلامية التي توفر فرصًا للتفاعل والمشاركة في مختلف الأنشطة الثقافية والاجتماعية. إلا أن الإنترنت، مثل وسائل الإعلام التقليدية، قد يكون له تأثير سلبي على سلوك الأفراد إذا تم استخدامه بشكل غير مسؤول أو في الترويج لأفكار هدامة. هذا المقال يناقش كيفية تأثير وسائل الإعلام، بما فيها الإنترنت، في تعزيز السلوك الإجرامي وأثر ذلك على الأفراد والمجتمع.(٢) يمكن تعريف الجريمة بأنها سلوك ينتهك القواعد الأخلاقية التي وضعت لها الجماعة جراءات سلبية ذات طابع رسمي، إذن فالجريمة هي السلوك الذي يرتكبه الفرد ويقابل بالرفض التام والعقوبة من طرف المجتمع الذي يتواجد فيه.
١-دور وسائل الإعلام في تشكيل السلوك الإجرامي
تعتبر وسائل الإعلام من أدوات التأثير القوية في المجتمع، حيث تلعب دورًا مهمًا في نشر المعلومات والأخبار والمواقف الاجتماعية والسياسية. ورغم أن هذه الوسائل تساهم في تثقيف الأفراد وتوجيههم بشكل إيجابي، إلا أنها قد تكون في بعض الأحيان عاملاً مساعدًا في تحفيز السلوك الإجرامي. فمن خلال المواد الإعلامية التي تتضمن مشاهد من العنف والقتل والجنس والسرقة، قد تتزايد الرغبات المكبوتة لدى الأفراد الذين لديهم ميل إجرامي، وبالتالي قد يدفعهم ذلك إلى ارتكاب الجرائم.(٣)
علماء الإجرام يرون أن تأثير وسائل الإعلام في دفع الأفراد نحو السلوك الإجرامي ليس مباشرًا، بل يتم عبر توافر المواد التي تعرض مشاهد عنف أو سلوكيات منحرفة تؤثر على متابعيها. فالمواد الإعلامية التي تتضمن مشاهد قتال، تعذيب، أو مشاهد جنسية قد تلعب دورًا في تفعيل الدوافع النفسية المكبوتة عند الأفراد، مما يساهم في توجيههم نحو ارتكاب أفعال غير قانونية.(٤)
٢-الإنترنت: سلاح ذو حدين
فيما يتعلق بالإنترنت، فقد أصبح اليوم واحدًا من أكثر الوسائل الإعلامية تأثيرًا في حياة الأفراد. إذ يقدم الإنترنت خدمات متعددة من بينها المسموعة، والمرئية، والمقروءة، مما يتيح للأفراد الوصول إلى كم هائل من المعلومات والموارد. إلا أن الإنترنت، مثل وسائل الإعلام الأخرى، يمكن أن يكون سلاحًا ذا حدين إذا لم يُستخدم بشكل مسؤول.(٥)
إحدى المشكلات الرئيسية في استخدام الإنترنت تكمن في إمكانية الوصول إلى مواقع تروج للعنف أو الأيديولوجيات المتطرفة. فالمواقع الإرهابية، التي تروج للقتل والتدمير، والمواقع الإباحية التي تنشر محتوى جنسي قد يؤدي إلى الانحلال الأخلاقي بين الشباب، تمثل خطراً على استقرار المجتمع. هذه المواقع وغيرها من المنصات التي تروج لأفكار متطرفة فكريًا أو عقائديًا تسهم بشكل غير مباشر في تعزيز السلوك الإجرامي، خاصة لدى الأفراد الذين يعانون من ضعف في الضمير الاجتماعي أو من استعداد نفسي للسلوك الإجرامي.(٦)
ومن خلال ذلك يعتبر الإنترنت بيئة خصبة لتحفيز الأفراد على ارتكاب الجرائم، سواء كانت جرائم جنائية تقليدية أو جرائم إلكترونية مثل القرصنة والاحتيال الإلكتروني. لذا، من المهم أن تكون هناك رقابة وتشريعات صارمة لتنظيم استخدام الإنترنت وحماية الأفراد من التأثيرات السلبية التي قد تؤدي إلى انتشار الجريمة.
كما ان وسائل الإعلام، بما فيها الإنترنت، تُعدّ من العوامل المؤثرة في تشكيل سلوك الأفراد، وقد تلعب دورًا في تحفيز السلوك الإجرامي في حال تم استخدامها بشكل غير مسؤول. فعلى الرغم من أن وسائل الإعلام التقليدية والإنترنت يمكن أن تكون أدوات مفيدة في توجيه المجتمع نحو التنمية الثقافية والتربوية، إلا أنها قد تساهم في نشر العنف والانحراف الأخلاقي إذا ما تم استغلالها بشكل سيء. وعليه، يجب أن تتخذ الحكومات والمؤسسات المعنية خطوات جادة لمراقبة المحتوى الإعلامي على الإنترنت وتحقيق التوازن بين حرية المعلومات وحماية المجتمع من التأثيرات السلبية لهذه الوسائل.
١-جعفرعبد الأمير علي: التشرد وانحراف سلوك الصغار والإحداث في العراق , أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الآداب , جامعة بغداد , 2005، ص١٢٣
٢-سليمان عبد المنعم، أصول علم الإجرام والجزاء, المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع, 1996, بيروت, ص330
٣-المدونة الالكترونية: علم النفس التربوي (الدوافع), مقالة نشرت على شبكة الانترنيت على الموقع www.educpsycho.blogspot. , 2013
٤-عبد الرزاق حسن الموسوي، جرائم البحث البائد في العراق – كلية الآداب قسم الفلسفة ، – ٢٠٢٤ ، ص٢٠٠
٥.أحمد عبد الخالق، علم النفس العام, بدون مكان طبع, 1992, ص168.
٦-علي سلطان العاتري: علم النفس الجنائي, بحث منشور على شبكة الانترنيت على الموقع http://www.Smashwords. , بدون سنة طبع, ص2.