دور الجامعات في تعزيز الامن الفكري.
 يعد الأمن الفكري من المصطلحات الحديثة نسبياً حيث يأخذ مرتبة متقدمة في اعقاب التطور الكبير الذي شهده العالم، وفي ظل الثورة المعلوماتية الكبرى، وتطور وسائل الاتصال  والمواصلات وسهولة انتقال الثقافات وتأثر بعضها ببعض، وما نتج عن ذلك من غزو فكري وثقافي يهدد الامة في عقيدتها، وفي أمنها واستقرارها ولعل الحوادث  التي تشهدها كثير من الدول وتتبناها جماعات تدعي انها اسلامية ماهي الا نتاج لاختلال في الأمن الفكري لدى تلك الجماعات، ولقد تعددت مفاهيم الأمن الفكري ، ولكنها تصب في معين واحد ، وهو يعني الحفاظ على المكونات الثقافية الأصيلة في مواجهة التيارات الثقافية الوافدة ، او الاجنبية المشبوهة ، وهو بهذا يعني حماية وصيانة الهوية الثقافية من الاختراق او الاحتواء من الخارج، .وهو اطمئنان الافراد على مكونات اصالتهم وثقافتهم  ومنظومتهم الفكرية ، ويعني السكينة والاستقرار والاطمئنان القلبي واختفاء مشاعر الخوف على مستوى الفرد والجماعة في جميع المجالات النفسية والاجتماعية والاقتصادية ،  ان الفرد لا يستقر في امن الا باستقرار الأمن الفكري ،  فالأمن الفكري الذي يحمي عقول المجتمعات ويحفظها من الوقوع في الفوضى ، والشهوات ، فجميع انواع الأمن مرهونة في الحصول على ألأمن الفكري ،لذلك هو حالة تشعر الفرد والمجتمع بالطمأنينة على ثقافته ومعتقداته واعرافه ومكونات اصالته ومنظومته الفكرية، ولا يختلف الأمن الفكري في معناه النفسي من حيث شعوره بالاطمئنان ، ولكنه يختلف في العالم الخارجي باختلاف اسبابه وبواعثه التي تتمثل في حقيقتها بأسباب مضادة للخوف ، فهذه الاسباب اذا نظرنا اليها في داخل المجتمعات الانسانية ، منها اسباب اجتماعية واخرى اقتصادية  وسياسية  وفكرية،  ولكون الله عز وجل خلق الإنسان، وجعله باحثاً ، دائباً في البحث عن مصالحه، مجتهداً في درء المفاسد عنه، وهذا الامر انتج حاجة رئيسة هي الأمن ، اذ ان تفرق الناس في الحياة، وتنوع أديانهم، وأعراقهم، وألوانهم وأهوائهم، والتجاذب الواقع بين مصالحهم، أنتج ألواناً من الصراع، وأصبحت الحضارات والدول تبحث عن وسائل حمايتها وأمنها، كما هي تبحث أيضاً عمّا يحقق لها الغلبة، كما دأبت المجتمعات وأفرادها على البحث عن أسباب الأمن، إذاً يمكن القول بأن الأمن الفكري هو هم وهاجس جميع المجتمعات البشرية ،  ويعد الأمن الفكري اخطر ما يواجه الفرد والمجتمع، لاسيما الشباب  من افكار منحرفة نظراً لتبنيهم تلك الافكار المنحرفة بسبب ضعف المستوى الفكري لديهم ، وكذلك انسياق بعضهم وراء تلك الافكار الهدامة  والتيارات المظللة ،ويعد الأمن الفكري من الأولويات التي تسعى اليها المجتمعات المعاصرة ، لما يشهده العالم من ظواهر عديدة للإخلال بهذا الجانب الحيوي نظرا للمهددات التي تعترض المجتمعات على المستويات المحلية والاقليمية والعالمية كافة ،وهنا لابد من الاشارة الى ان مهمة حفظ الأمن الفكري ليست مقتصرة على فرد محدد بل  محددة بكل فرد من افراد المجتمع دون استثناء ، وذلك بإكساب الإفراد قيم المواطنة الصالحة ، وغرس المفاهيم الصحيحة وتكوين الاتجاهات والمعتقدات السليمة التي يؤمن بها المجتمع من كل انحراف وتؤمن ارادة المجتمع وتحصنه من الانحرافات الفكرية والعقائدية ، من خلال التأكيد على ضرورة تجسيد الأمن الفكري لاهم شريحة في المجتمع وهم الشباب كطلبة الجامعة، ولكون الشباب يمرون بفترة حرجة ،فهم يتأرجحون بين فهمهم للأمن الفكري وانتماءاتهم، وما تتعرض له افكارهم من متغيرات فكرية تؤثر على عمق الهوية الوطنية للمجتمع ،لاسيما شريحة الشباب الجامعي باعتبارهم عماد المستقبل، من خلال زعزعة قيمهم وتماسكهم الفكري  والاخلاقي،  لذلك أصبح لزاماً على المؤسسات التربوية ومنها الجامعة ان تعمل على غرس القيم والمعارف التي تعزز الأمن الفكري عند الطلبة، وكذلك الحفاظ على الهوية الوطنية ووضع المعالجات الصحيحة للحد من ظاهرة التطرف ، واتباع التيارات الفكرية الهدامة ، وذلك من خلال اعتماد الوسائل الفاعلة ،ومنها نشر فكر الاعتدال والوسطية لاسيما الشباب الجامعي ،لتحقيق الأمن الفكري للحفاظ على هوية المجتمع من خلال نبذ الطائفية.
 

شارك هذا الموضوع: