دور الذكاء الاططناعي في البحث العلمي
م . م زينب حمود كزار
جامعة كربلاء-كلية التربية للعلوم الانسانية –قسم التاريخ
تعد بداية ظهور الذكاء الاصطناعي ثورةً في مختلف المجالات في الحياة اليومية ، فظهر مع تطبيقات الإنترنت الشائعة والهواتف الذكية وحتى الأجهزة المنزلية.
وقد بدأ يدخل في مجال التعليم والبحث العلمي حيث يعدّ الذكاء الاصطناعي مجالًا ناشئًا سريع التطور مما سيوفر إمكانات قوية لتوسيع التدريس وتعزيز التعلم في التعليم العالي ودعم البحث العلمي
عرَّف الذكاء الاصطناعي بأنه “أنظمة حوسبة قادرة على القيام بعمليات شبيهة بتلك التي يقوم بها البشر مثل التعلم، والتكيف، والتوليف، والتصحيح الذاتي، واستخدام البيانات لمهام المعالجة المعقدة”. وقد طوّرت بعض التقنيات المرتبطة به فهمنا للذكاء الاصطناعي مثل: تقنيات معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، ونماذج اللغة الكبيرة (LLMs)، التي يدخل ضمنها تطبيق “تشات جي بي تي-4
يمكن للذكاء الصناعي أن يساعد المختصين في الدعم التعليمي، والتعلّم المخصّص من خلال تحليل البيانات المتعلقة بأداء الطلاب وسلوكهم، وتحديد المجالات التي يجد فيها الطلاب صعوبات، إلى جانب تقديم توصيات مخصّصة لتحسين مردودية التعلّم. كما يمكن أن يُستخدَم للمساعدة في تطوير أنظمة التعلّم التي تضبط مستوى صعوبة المهام والتقييمات بناءً على الاحتياجات والقدرات الفردية لكلّ طالب، مما يتيح للمدرسين تقييم الإنجازات التعليمية للطلاب بدقة، وتحديد مجالات التحسين ومساعدة الطلاب على فهم نقاط القوة والضعف لديهم أثناء تطوير عادات الدراسة الفعالة. بالإضافة إلى ذلك، يساعد الذكاء الاصطناعي في تطوير خطط تعلم فردية، مع مراعاة أسلوب التعلم لكل طالب واهتماماته وأهدافه، مما يؤدي إلى نتائج أكاديمية أفضل.
كما يمكن استعماله في عمليةأتمتة الدرجات والتقييم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومعالجة اللغات الطبيعية وكان لهذه التقنيات مساهمة في تعزيز كفاءة إسناد الدرجات، وزيادة دقتها واتساقها. وأظهرت بعض الدراسات ارتباط تطبيق تقنيات الذكاء الصناعي في مجال تقييم مكتسبات الطلاب التعليمية بالعديد من المزايا مثل: 1- توفير وقت المدرسين وجهدهم مقارنةً بالعمليات اليدوية
2- تجعل التقييم أكثر اتساقًا ومنهجية مع تحليل البيانات المتعلقة بأداء الطلاب وتقديم رؤى حول المجالات التي قد يعاني فيها الطلاب أو يتفوقون فيها
3- يعمل الذكاء الصناعي على تمكين المدرسين من تطوير معايير تقييم مصممة خصيصاً لتناسب أساليب التدريس الخاصة بهم، وتعكس نتائج الدرس الذي يوفر تقييماً حقيقياً لإنجا إنّ تقنية “تشات جي بي تي” ونماذج الذكاء الاصطناعي الأخرى، أحدثت تطورات جديدة في كيفية صياغة نصوص البحوث العلمية. وهذه النماذج يمكن تدريبها على كمياتٍ كبيرة من البيانات العلمية لإنتاج نصوص علمية عالية الجودة بناءً على تعليماتٍ محددة. وخلال هذه العملية، يقوم الباحثون بإدخال البيانات مثل: الأوراق البحثية والمقالات لإنشاء نص علمي، ثم يتولى نموذج الذكاء الاصطناعي بعد ذلك تحليلها وتوليفها لإنشاء نص علمي يعكس بدقة بيانات الإدخال. وتمكّن هذه العملية الباحثين من توفير وقت وجهد كبيرين حيث لم يعد عليهم قراءة الأوراق البحثية، أو كتابة أقسام معينةزات الطلاب
يمكن أن يوفر استخدام الذكاء الاصطناعي نقطة انطلاق وتحسين جودة المنشورات العلمية، إلى جانب مساعدة الباحثين على التأكّد من أن الملخّصات والمقدمات والاستنتاجات ملائمة ودقيقة. وتعدّ هذه الخطوة مهمة بشكلٍ خاص لمجالات الصيدلة والطب، حيث يمكن أن تؤثر الدقة في المنشورات العلمية بشكلٍ كبير على السلامة والصحة العامة. كما توفر أدوات الذكاء الاصطناعي، وفق الباحثين، حلولاً واعدة لتنسيق الأوراق العلمية وتحريرها. وتتمثل إحدى ميزاتها الرئيسية في قدرتها على تحليل الأخطاء اللغوية بسرعة وكفاءة ومن ثم تصحيحها، مما يحسّن قابلية قراءة ا وقد أحدثت تقنيات الذكاء الاصطناعي ثورة في استخراج البيانات وتحليلها عبر مختلف التخصصات، وأثبتت إمكانات كبيرة في مجالات مثل المعلوماتية الحيوية، واكتشاف الأدوية، والتجارب السريرية، وتحليل الصور، والصيدلة، والصحة العامة. ورغم أن تطبيق “تشات جي بي تي” على سبيل المثال، لا يمكن أن يحلّ محل العلماء في توليف جزيئات جديدة أو تقييم الأنشطة البيولوجية للمركبات المقترحة، فإنه يوفر طريقة سريعة وفعالة من حيث التكلفة لمعالجة مجموعات البيانات الكبيرة وتوصيفها، كما يقول الباحثون في الدراسة.
وقد مكّنت التطورات في الذكاء الاصطناعي أيضًا، من أتمتة عملية مراجعة الأدبيات العلمية، مما جعلها أسرع وأكثر كفاءة. وتتمثل الميزة الأساسية للذكاء الاصطناعي في مراجعة الأدبيات العلمية في قدرته على معالجة كمياتٍ هائلة من البيانات بسرعة وكفاءة، بما يمكّن الباحثين من توفير الوقت، ويسمح لهم بالتركيز على جوانب أخرى من مشاريعهم.لبحوث ووضوحها.
عيوب استعمال الذكاء الاصطناعي
رغم كل هذه المزايا، يرى المؤلفون أنّ استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال التعليم العالي والبحث العلمي، لا يخلو من العيوب والمخاطر التي يجب أخذها بعين الاعتبار. فالموازنة بين استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والمشاركة البشرية في التعلّم أمر ضروري بالنظر لأهمية تواصل المتعلم مع الآخرين نظراً للتأثير الكبير للسلوك العاطفي الإيجابي والتعاطف على أداء المتعلمين.
ومن المخاطر الأخرى، إمكانية استخدام الطلاب تطبيقات الذكاء الصناعي لتوليد إجابات للواجبات أو الاختبارات بدلاً عنهم، لتتحول هذه الأدوات في حدّ ذاتها إلى عوائق أمام علمية التعلم، مما يحتّم إدارة استخدامها بعناية ودعمها باستراتيجيات تشجع على الفهم والتعلم الحقيقي. وقد يقلّل الاعتماد المفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي من تطوير مهارات التفكير النقدي، بأن ينمو الطلاب معتمدين بشكلٍ مفرط على النصائح الناتجة عن الذكاء الاصطناعي بدلاً من اكتساب القدرة على اتخاذ قرارات بشكلٍ مستقل
مّا في مجال البحث العلمي فإنّ أدوات الذكاء الصناعي قد تجد صعوبة كبيرة في “فهم” تعقيدات بعض الموضوعات العلمية، وقد تكون مخرجاتها أكثر تعقيدًا من النصوص التي يولّدها الإنسان. وقد يصل الأمر إلى إثارة قضايا أخلاقية مثل الانتحال غير المقصود، أو توليد معلومات خادعة. وعند التعامل مع نتائج جديدة باستخدام مواد مرجعية محدودة، قد يفشل النص الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي في نقل الفروق الدقيقة وسياق “المؤلفين البشريين”، ممًا قد يؤدي إلى المساس بالجودة وسهولة القراءة.
ولضمان الاعتماد الفعال والاستخدام المسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي، يرى مؤلفو الدراسة أنّ المزج المدروس والمتوازن والمتكامل بين أدوات الذكاء الاصطناعي والدعم البشري، يمكن أن يطور أنظمة دعم شاملة مفيدة للباحثين والمعلمين والطلاب في مختلف المجالات.