دور المرجعية والشعب في تعزيز الاستقرار الوطني
   تشهد المنطقة في الوقت الحالي تحديات سياسية وأمنية كبيرة، حيث يبرز دور القوى الدولية في محاولة فرض هيمنتها على المنطقة، بما في ذلك الكيان الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة وحلف الناتو. هذا التوسع الذي يمارسه الكيان الصهيوني من خلال حرب الإبادة والتدمير، يهدف إلى تغيير الواقع الجيوسياسي في المنطقة لصالحه، مما يتطلب استجابة استراتيجية من الدول التي تواجه هذا التهديد، مثل العراق وفلسطين ولبنان واليمن. في هذا السياق، تبرز المقاومة الإسلامية في هذه البلدان كقوة رئيسية في مواجهة السياسات الغربية والصهيونية، حيث تقدم تضحيات كبيرة في سبيل الحماية والدفاع عن الأراضي والشعوب.
بالنسبة للعراق، فإن النظام السياسي بحاجة إلى إصلاح جذري يركز على تعزيز المبادئ السياسية الأساسية، وذلك من أجل مواجهة التحديات المستقبلية التي قد تطرأ في حال استمر الغرب في فرض سياساته على دول المنطقة. العراق يعاني حاليًا من ضعف داخلي ناتج عن تشتت الكتل السياسية وعدم توافقها حول مبادئ ثابتة تؤسس لبناء دولة قوية. ورغم أن هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تكون قوة للنظام العراقي، مثل الحشد الشعبي، القوات الأمنية، وسلطة القضاء، إلا أن هناك حاجة إلى تعزيز دور بعض القوى الأخرى التي قد تساهم في استقرار الدولة.
من بين تلك القوى التي يُعتمد عليها لتحقيق الاستقرار، تبرز المرجعية العليا في العراق كعامل أساسي. فهي لا تقتصر على كونها مرجعية دينية، بل تمثل أيضًا مصدرًا هامًا للتوجيه السياسي في أوقات الأزمات، حيث تقوم بتوجيه الفاعلين السياسيين في العراق وتوجيههم نحو الحلول التي تضمن استقرار البلاد. وفقًا للبيانات التي أصدرتها المرجعية، فقد تم تحديد العديد من الثغرات في ممارسات الكتل السياسية، مع التأكيد على أهمية التدخل في الأوقات الحرجة، عندما تكون البلاد في خطر.وان الشعب العراقي أيضًا يمثل عنصرًا أساسيًا في دعم النظام السياسي، حيث يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمرجعية الدينية. ومع ذلك، فإن الثقة بين الشعب والكتل السياسية قد تضررت بسبب السياسات غير الشفافة وعدم الوفاء بالوعود الانتخابية. هذا يتطلب من الكتل السياسية تبني خطاب سياسي متواضع يعكس اهتمامًا حقيقيًا بمصالح الشعب، بعيدًا عن التوجهات الشعبية المؤقتة التي تروج لها بعض الجيوش الإلكترونية المدفوعة.
أما بالنسبة للمقاومة الإسلامية، فهي تمثل أحد الأعمدة الرئيسية التي يعتمد عليها العراق في مواجهة التحديات الأمنية والسياسية. فالمقاومة الإسلامية في العراق تعتبر من القوى التي تحافظ على النظام السياسي، وتثبت أسسه في مواجهة التهديدات المختلفة التي يواجهها البلد. إن تعزيز هذا الدور الوطني يتطلب الاعتراف القانوني بالمقاومة كجزء من النظام العراقي، بما يتماشى مع متطلبات الدستور العراقي.
ومع ذلك، فإن هناك العديد من المعضلات التي تواجه العراق، لا سيما في ما يتعلق بعدم وجود آليات فعالة لترجمة توجهات المرجعية إلى ممارسات سياسية، فضلًا عن التراخي في الحسم داخل الكتل السياسية والتي تفضل الولاءات السياسية الشخصية على المبادئ الوطنية. وهذا يفتح المجال لتغلغل التوجهات البعثية في بعض الحركات السياسية، مما يشكل تهديدًا جديًا للهوية الوطنية العراقية.
من أجل مواجهة هذه المعضلات، يجب أن يتم تبني مشروع تصحيحي شامل يركز على وضع آليات للتفاهم والتنسيق بين مختلف القوى السياسية والمرجعية الدينية. كما ينبغي على الحكومة المقبلة أن تتبنى سياسات تحصن العراق من الانحدار في السياسة الخارجية، خصوصًا في ما يتعلق بمصالح القوى الكبرى في المنطقة.
ختامًا، من الضروري بناء جبهات سياسية وشعبية تدور حول محورين رئيسيين: المرجعية والشعب، مع الاعتراف الشرعي بدور المقاومة الإسلامية كقوة وطنية تحمي وتساهم في بناء دولة عراقية مستقلة وآمنة بعيدًا عن التدخلات الخارجية. إن هذه الخطوات هي الأساس لتأسيس نظام سياسي قادر على مواجهة التحديات الوطنية والإقليمية بشكل فعال.
المراجع:
  1. الجعفري، ع. (2024). دور المرجعية في السياسة العراقية: تحليل التأثيرات والتوجهات. جامعة بغداد.
  2. السيد، م. (2022). المقاومة الإسلامية في العراق وأثرها في حماية الأمن القومي. جامعة كربلاء.


شارك هذا الموضوع: