دور المياه الجوفية العذبة في دعم الزراعة المستدامة وتحقيق الأمن الغذائي
م.م. زيد كميل جواد 
Zaid.kumial@s.uokerbala.edu.iq 
المقدمة
تُعتبر المياه الجوفية العذبة موردًا حيويًا يدعم الحياة والأنشطة الاقتصادية، وخصوصًا الزراعة التي تعتمد عليها البشرية لتحقيق الأمن الغذائي. ومع زيادة الطلب على الغذاء والمياه بسبب النمو السكاني وتغير المناخ، تبرز أهمية المياه الجوفية كعامل أساسي في الزراعة المستدامة. لكن هذا المورد الثمين يواجه تحديات كبيرة تهدد استدامته وتأثيره على الإنتاج الزراعي.
  1. تعريف المياه الجوفية وأهميتها
المياه الجوفية هي المياه الموجودة في الطبقات الجوفية تحت سطح الأرض، والتي تتكون نتيجة تسرب مياه الأمطار أو الأنهار إلى التربة والصخور المسامية. تُعد هذه المياه مصدرًا رئيسيًا للري في المناطق التي تعاني من شُح المياه السطحية، حيث تُستخدم لتلبية احتياجات المحاصيل الزراعية، خاصة في المناطق الجافة وشبه الجافة.
  1. أهمية المياه الجوفية للزراعة
أ) ري المحاصيل الزراعية
تُستخدم المياه الجوفية في ري مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية حول العالم، حيث تساهم في زراعة المحاصيل الغذائية الأساسية مثل القمح والأرز والذرة.
في المناطق التي تشهد ندرة في المياه السطحية، مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تُعتبر المياه الجوفية المورد الوحيد للري.
ب) استدامة الإنتاج الزراعي
تساهم المياه الجوفية في توفير مصدر مستدام للمياه خلال الفصول الجافة أو فترات الجفاف الطويلة.
الري بالمياه الجوفية يمكن أن يضمن استمرار إنتاج المحاصيل الزراعية على مدار العام، بدلاً من الاعتماد فقط على الأمطار الموسمية.
ج) تحسين جودة التربة
تحتوي بعض المياه الجوفية على معادن مفيدة تُحسن من خصوبة التربة وتعزز نمو النباتات.
الري المنتظم باستخدام المياه الجوفية يساعد في تقليل ملوحة التربة، مما يجعلها أكثر ملاءمة للزراعة.
  1. التحديات المرتبطة باستخدام المياه الجوفية في الزراعة
أ) الإفراط في استخراج المياه الجوفية
يؤدي الإفراط في استخراج المياه الجوفية إلى انخفاض مستوياتها بشكل كبير، مما يهدد استدامة الموارد المائية على المدى الطويل.
في بعض المناطق، أدى استنزاف المياه الجوفية إلى انخفاض منسوبها بشكل خطير، مما يجعل من الصعب على المزارعين الوصول إليها.
ب) تدهور جودة المياه الجوفية
يمكن أن يتسبب الاستخدام المفرط للمياه الجوفية في دخول مياه مالحة إلى الطبقات الجوفية، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام في الزراعة.
كما أن التلوث الناتج عن استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات الزراعية يؤدي إلى تلويث المياه الجوفية بالعناصر الضارة.
ج) تأثير تغير المناخ
تغير المناخ يؤدي إلى انخفاض معدلات تساقط الأمطار، مما يقلل من إعادة تغذية الطبقات الجوفية بالمياه.
ارتفاع درجات الحرارة يزيد من تبخر المياه السطحية والجوفية، مما يزيد الضغط على موارد المياه الجوفية.
  1. الاستراتيجيات لتحسين استخدام المياه الجوفية في الزراعة
أ) تطبيق تقنيات الري الحديثة
استخدام تقنيات الري بالتنقيط أو الري بالرش يقلل من استهلاك المياه ويزيد من كفاءة استخدامها.
هذه التقنيات تُساعد في توصيل المياه مباشرة إلى جذور النباتات، مما يقلل من الفاقد.
ب) إعادة تغذية المياه الجوفية
يمكن استخدام مياه الأمطار أو المياه المُعالجة لإعادة تغذية الطبقات الجوفية وضمان استدامتها.
إنشاء سدود صغيرة أو حفر خزانات لتجميع مياه الأمطار يمكن أن يساهم في تعزيز مخزون المياه الجوفية.
ج) إدارة الموارد المائية بفعالية
يجب وضع قوانين وسياسات تنظم استخدام المياه الجوفية وتمنع الإفراط في استخراجها.
توعية المزارعين بأهمية الحفاظ على المياه واستخدامها بشكل مستدام.
  1. الأمثلة العالمية على استخدام المياه الجوفية في الزراعة
الهند: تُعتبر المياه الجوفية المصدر الرئيسي للري في المناطق الزراعية الهندية، حيث تُستخدم لري أكثر من 60% من الأراضي الزراعية.
المملكة العربية السعودية: تعتمد الزراعة بشكل كبير على المياه الجوفية المستخرجة من الآبار العميقة بسبب ندرة المياه السطحية.
الولايات المتحدة: حوض أوغالا في الغرب الأوسط الأمريكي يُعد أحد أكبر مصادر المياه الجوفية المستخدمة لري المحاصيل.
  1. دور المياه الجوفية في تحقيق الأمن الغذائي
من خلال توفير مصدر ثابت للمياه، تساهم المياه الجوفية في ضمان إنتاج المحاصيل الغذائية بشكل مستدام.
في ظل تزايد الطلب العالمي على الغذاء، يُعد الحفاظ على الموارد الجوفية أمرًا حيويًا لتلبية احتياجات الأجيال الحالية والمستقبلية.
خاتمة
المياه الجوفية العذبة هي شريان الحياة للزراعة، خاصة في المناطق التي تعاني من ندرة المياه. ومع ذلك، فإن الاستغلال المفرط لهذا المورد يُعرضه لخطر النفاد والتلوث، مما يُهدد الأمن الغذائي العالمي. لذا، يجب تبني ممارسات مستدامة للحفاظ على المياه الجوفية، مثل تطبيق تقنيات الري الحديثة وإدارة الموارد المائية بشكل فعال، لضمان استمرارها كمصدر أساسي لدعم الزراعة وتحقيق التنمية المستدامة.

شارك هذا الموضوع: