رمتني بدائها وانسلت
سَلسَلة مقالات تأسيسنا لبعض مصطلحات الرواية التاريخية الإسقاط الروائي اختيارًا
الإسقاط لغةً: من الفعل الثلاثي سقط والجمع إسقاط،واصطلاحًا ألقاء ما في نفسه على الآخرين،والنطق بما فيه،والإسقاط الروائي: بمعنى إسقاط ما فيه على الآخر، لعلة تأسيسية لحدث ما.
أفصح الطبري(ت310ه) في تاريخ الرسل والملوك عن إقبال المشركين على إيذاء الرسول “فقال[صلى الله عليه وآله وسلم]: أتسمعون يا معشر قريش ! أما والذي نفس محمد بيده، لقد جئتكم بالذبح “.
استنادًا للمنطلقات التاريخية نعود إلى نزول الوحي(عليه السلام) إن : ” ورقة بن نوفل قال لخديجة: اسأليه من هذا الذي يأتيه فان كان ميكائيل فقد أتاه بالخفض والدعة واللين ،وإن كان جبريل فقد أتاه بالقتل والسبي،فسألته فقال: جبريل : فضربت خديجة جبهتها“،ثم نعرج إلى روايات الطبري عن غزوة بني قريظة سنة5ه /626ه وفرية قتل الأسرى منهم،” فلما اشتد عليهم الحصار قيل لهم:انزلوا على حكم رسول الله ،فأشار أبو لُبابة بن عبد المنذر إنه الذبح “،وفي رواية ثانية إن بني قريظة طلبوا من الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) إن يبعث لهم أبو لُبابة يستشيروه بأمرهم فبُعث لهم، ” فلما رأوه قام إليه الرجال،وبهشَ إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه،فرَق لهم وقالوا له: يا أبا لُبابة أترى إن ننزل على حكم محمد!قال :نعم، وأشار بيده إلى حلقه:أنه الذبح“،وثالثة عن ضرب أعناق “ستمائة أو سبعمائة ،المُكثر لهم يقول:كانوا من الثمانمائة إلى التسعمائة” في سوق المدينة ” .
نلحظ من هذه الروايات لفظة “الذبح” وكأنها صادرة من مدرسة دقيقة مهدت مدخلاً بصفة جبريل (عليه السلام) ومرت بليلة الهجرة و مبيت الإمام علي(عليه السلام) فقال أبو جهل للمجتمعين على باب بيت الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم): “أن محمداً يزعم إنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك… وأن لم تفعلوا كان لكم منه ذبح“، وصولاً لغزوة بني قريظة وضعت وفق مصطلح الإسقاط الروائي على الإسلام الذي جاء به نبي الرحمة(صلى الله عليه وآله وسلم) ووصاياه بالرفق بالشجر وأمر سراياه بعدم قطعه،فكيف بمعاملة البشر، ولعل الإتيان بهذا الإسقاط الروائي ليُبرر أفعال الحكام بعد رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) من قتل الأسير وحرق الأخر،أو بيع الأسير وعلى نهجهم سار عمرو بن العاص الذي يقول: بمشيئتي اقتل أو أبيع،وذُكر انه فرض على أهل برقة جزية معلومة تُجمع منهم حتى لو باعوا ممن يحبون بيعه من أبنائهم ونسائهم ،وكان لسلطة إرهاب بني أمية الذين أباحوا الأنفس بأحاديث موضوعة عن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، وبتماثل الوقائع من قتل حجر الخير حجر بن عدي(رضي الله عنه) وقطع رأسه وابنه وأصحابه في مذبحة مرج عذراء،ودفن الصحابي عبد الرحمن بن حسان العنزي(رضي الله عنه) حيًا في نسق الناطف على مقربة من الكوفة وعلى شاطئ الفرات الشرقي بأمر معاوية لواليه على الكوفة زياد بن أبيه، وسبي النساء وبيعهن ولوحدة مصدرية الظواهر بإمكاننا القول بأن التاريخ يُعيد نفسه في جرائم داعش تبعاً للتشابه بالأساليب ووحدة المصدر مدعية انتمائها للإسلام وباسمه الذي هو براء من تلكم الأفعال،مؤملين أنفسهم وخادعين لإتباعهم بفكرة الجهاد الذي لا يتعدى فكر الإرهاب الدموي،فطُبق الموروث المزيف على أساس الانبعاث الجوهري للدين.
بذل معاوية لسمرة بن جندب مائة ألف درهم مصداق ثبت على مصطلحنا الإسقاط الروائي مقابل روايته الموضوعة عن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) بان الآية الكريمة:﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾نزلت بالإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)،والآية :﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ نزلت في حق عبد الرحمن بن مُلجم أشقى الأشقياء،فرفض فزاده مائة،ولم يوافق فزاده مائة ،فلم يرضى إلا بأربعمائة ألف درهم،واضعًا روايته ومبدلًا سبب النزول.
المصادر والمراجع
-القرآن الكريم.
-المصادر:
-البخاري، إسماعيل بن إبراهيم(ت256ه/869م).
1- التاريخ الكبير،تحقيق:هاشم الندوي،دار الفكر،بيروت،(د.ت).
-البكري،عبد الله بن عبد العزيز بن محمد(ت487ه/1094م).
2-المغرب في ذكر بلاد افريقية والمغرب،دار الكتاب الإسلامي،القاهرة،(د.ت).
– البلاذري،احمد بن يحيى(ت279ه/892م).
3-فتوح البلدان،ط1،دار ومكتبة الهلال،بيروت،(1409ه/1988م).
-ابن حجر العسقلاني،أحمد بن علي (ت852ه/1448م).
4-تقريب التهذيب،تحقيق:محمد عوامة،ط1،دار الرشيد،سوريا،(1407ه/1986 م).
-الذهبي،محمد بن أحمد بن عثمان(ت748ه/11347م).
5-الكاشف في معرفة من له رواية في كتب الستة،تحقيق:محمد عوامة،ط1،دار
القبلة للثقافية الإسلامية،جدة،(1413ه/1992م).
– ابن زنجويه،حميد بن مخلد الأزدي الخراساني(ت251ه/864م).
6-كتاب الأموال،تحقيق:أبو محمد الأسيوطي،ط1،دار الكتب العلمية، بيروت، (1427ه /2006م).
– الطبري،محمد بن جرير بن يزيد (ت310ه/922م).
7-تاريخ الرسل والملوك،تحقيق:محمد أبو الفضل إبراهيم،ط2،دار المعارف، القاهرة، (1388ه /1968م).
-ابن عبد الحكم ،عبد الرحمن بن عبد الله(ت257ه).
8-فتوح مصر والمغرب،تحقيق:عبد المنعم عامر،الهيئة العامة لقصور الثقافة،القاهرة، 1381ه /1961م.
– أبو عبيد ،القاسم بن سلام( ت224ه/838م).
9-كتاب الأموال ،تحقيق:محمد خليل هراس،ط1،دار الكتب العلمية،بيروت،
(1406ه /1986م).
– المزي، يوسف بن الزكي(ت742ه/1341م).
10- تهذيب الكمال في أسماء الرجال،تحقيق:بشار عواد معروف،ط1، مؤسسة الرسالة، بيروت،(1401ه/1980م).
– ابن منظور،محمد بن مكرم بن علي(ت711ه/1311م).
11-لسان العرب،ط1،دار صادر،(د.ت).
– ياقوت الحموي،ابن عبد الله الرومي البغدادي(ت626ه/1265م).
12-معجم البلدان،ط3،دار صادر،بيروت،(1428ه/2007م).
-اليعقوبي،أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب(ت بعد292ه/904م).
13-تاريخ اليعقوبي،تحقيق:محمد صادق بحر العلوم،ط4،المكتبة الحيدرية،النجف الاشرف، (1393ه/1973 م).