وزارة التعليم العالي والبحث العلمي
جامعة كربلاء كلية التربية للعلوم الإنسانية  
          ماجستير التاريخ الاسلامي





مقالة
                   زيارة الرحالة بيدرو تكسيرا إلى كربلاء 
إعداد الطالب
علاء محمد غانم







1446 هـ                                                                                                                                                      2025 م 
 
بيدرو تكسيرا ١٠١٣هـ – ١٦٠٤م : وصل تكسيرا كربلاء يوم الجمعة (24 /9 / 1604) ونزل في أحد الخانات المعدّة للزوّار التي كان يتبرّع ببنائها المحسنون يقول تكسيرا عن كربلاء: (إنها كانت تحتوي على أربعة آلاف بيت وسكانها خليط من العرب والإيرانيين والأتراك وكانت مهمة الأتراك الإشراف على المناطق المحيطة بكربلاء لكنهم انسحبوا في ذلك الوقت إلى بغداد بسبب الحرب مع الإيرانيين، كما غادر كربلاء الإيرانيون بسبب هذه الحرب أيضاً لأنهم لم يعودوا يشعرون بالطمأنينة والأمان.
أسواق كربلاء كانت مبنية بشكل متقن بالطابوق، ومشحونة بالحاجات والسلع التجارية لكثرة تردد الناس عليها من المدن والقرى القريبة والأسعار فيها رخيصة وتتوفر المأكولات والحبوب بكثرة مثل الحنطة والرز والشعير والفواكه والخضروات واللحوم، لطف الهواء فيها وإن الجو فيها أحسن منه في جميع الأماكن التي زارها عدداً من الآبار العامة التي تحتوي على الماء العذب الجيد جداً وكثير من الأشجار، وبعض أنواع الفاكهة الأوربية، تسقى من جدول خاص يتفرع من الفرات الذي يبعد عن البلدة مسافة ثمانية فراسخ عدد كبير من الأغنام والماشية التي شاهدها وهي ترعى في الأرض الخصبة، وفي نهاية البلدة من جهة الفرات بركتان كبيرتان من الماء مربعتا الشكل مواقع الأمكنة والمخيمات التي كانت تنصب للزوار في مواسم الزيارات الكبيرة، وجد في الخان الذي كان يقيم فيه أربعين (سـگمانيا) مع ضابطهم الخاص، ، غير إن قوات البادية التي يهمنا أمرها أكثر من هذا كانت لا تخرج عن كونها حلفين بدويين يمر من مناطقهما المسافرون من الخليج إلى حلب بعدة مراحل من طريقهم فكان المير ناصر ــ أي ناصر بن مهنا ــ في عام (1013هـ/1604م) ملك القسم الجنوبي الممتد من النجف إلى الفلوجة وكانت بلدة النجف معترفة بسلطة حاكم البادية هذا، كما كانت كربلاء، وهي أوسع وأكثر حركة وليست أقل من أختها تعصبا عاصمته ومركز ديرته، وكان يلاقي المسافرين من بغداد إلى الفلوجة على بضعة أميال من العاصمة، وكلاؤه الذين يقبضون الأتاوة ((الخاوة)) له، وقد اعترف ناصر وهو أحد أفراد سلالة من الشيوخ ــ موالي أو عنزة ــ في ذلك العهد بولائه للسلطان ومن المحتمل أن شيئاً من الهدايا التي كان يرسل بها بين حين وآخر للباشا يذكره بهذا العبد الحقير ! غير أن أوتقراطيته في البادية وجمعه للخاوة وإرهابه للزوار كانت تقص لنا قصة أخرى، وكانت الحاميات التركية الصغيرة تقيم بحسب العادة في العتبات المقدسة، غير أن مكثهم هناك لم يكن إلا بسماح من الشيخ وفي (1604) كانت عاقبة هذه الحامية في كربلاء وخيمة على ما قيل، فخرج فجراً على طريق الحسينية متوجهاً إلى بغداد، وفي الليل بات في خان حصين واسع الأرجاء معد للزوار وفي اليوم الثاني وجد خاناً كبيراً وهذا الخان يقع على الفرات فوق أنقاض مدينة قديمة كانت تسمى المسيب.
 
تحليل النص للرحالة تكسيرا: يصف الرحالة البرتغالي أسواق كربلاء بأنها مبنية بإتقان من الطابوق، ومليئة بالسلع التجارية، مما يعكس كثرة الزوار القادمين من المدن والقرى المجاورة. بعد أن يتحدث عن الإمام الحسين وكثرة الزوار المسلمين الذين يأتون من مختلف أنحاء العالم لزيارته، يلفت انتباهه السقاة الذين يقدمون الماء للناس ابتغاءً للأجر وإحياءً لذكرى الإمام الذي استشهد عطشاً في هذه البقعة. يُروى أن السقاة كانوا يتجولون حاملين قرباً مملوءة بالماء، ويستخدمون طاسات نحاسية مزخرفة. كما يشير إلى وفرة الأرزاق ورخص الأسعار، حيث تتوفر الحبوب والمواد الغذائية بكثرة مثل الحنطة والأرز والشعير، بالإضافة إلى الخضروات والفواكه واللحوم. أعجب (تكسيرا) بمناخ كربلاء، واعتبره أفضل من المناخ في المدن العراقية الأخرى التي زارها. وقد وجد في المدينة المقدسة العديد من الآبار العامة التي تحتوي على ماء عذب جداً، بالإضافة إلى كثرة الأشجار، بعضها يشبه الفواكه الأوروبية. كانت الأراضي تُروى من جدول خاص يتفرع من نهر الفرات الذي يبعد عن المدينة بمسافة ثمانية فراسخ، كما لاحظ وجود عدد كبير من الأغنام والماشية ترعى في المناطق المحيطة بالمدينة.
 
   وفي نهاية البلدة من جهة الفرات بركتان كبيرتان من الماء مربعتا الشكل مواقع الأمكنة والمخيمات التي كانت تنصب للزوار في مواسم الزيارات الكبيرة، لم يكن يعكر صفو هذه المدينة سوى وجود عناصر الجيش العثماني وذيوله وبعض الأعراب الذين كانوا يثيرون الشغب والفوضى ويبثون الرعب في قلوب الأهالي وإلى ذلك يشير تكسيرا بأنه هم من الجيش المحلي التابع للحكومة العثمانية، وقد كان الناس يخشونهم لأنهم كانوا متعوّدين على التجاوز على الناس في كل فرصة أو مناسبة، ويقبضون الأتاوة ((الخاوة)) له، وكانوا من دون وجدان أو ضبط كما يصفهم، مما يزرع الرعب في قلوب السكان. وقد أشار تكسيرا إلى أنه “وجد في الخان الذي كان يقيم فيه أربعين (سـگمانيا) مع ضابطهم الخاص، والسـگمانيون هم من الجيش المحلي التابع للحكومة العثمانية .
 
   كما أن وصف تكسيرا للوضع الأمني المتدهور في كربلاء في ذلك الوقت، تحت سيطرة ناصر المهنا وعصابته، لكن قوات البادية التي تهمنا أكثر من ذلك كانت تتكون من حلفين بدويين يمر عبر مناطقهما المسافرون من الخليج إلى حلب على عدة مراحل. وكان المير ناصر، أي ناصر بن مهنا، في عام (1013هـ/1604م) ‘ملك’ القسم الجنوبي الممتد من النجف إلى الفلوجة، وكانت بلدة النجف تعترف بسلطة حاكم البادية، كما كانت كربلاء، التي كانت أكثر حيوية وحركة، ولم تكن أقل تعصباً من أختها، حيث كان يلتقي المسافرون من بغداد إلى الفلوجة.
 
   وربما كانت هذه الأوضاع الأمنية المزرية والفوضى هي التي جعلت تكسيرا يسارع بالخروج منها بعد ثمانية أيام فقد كان من الممكن أن يبقى أكثر من ذلك في المدينة التي لم يجد (ألطف جواً) منها في كل المدن التي زارها فخرج فجراً على طريق الحسينية متوجهاً إلى بغداد، وفي الليل بات في خان حصين واسع الأرجاء معد للزوار وفي اليوم الثاني وجد خاناً كبيراً وهذا الخان يقع على الفرات فوق أنقاض مدينة قديمة كانت تسمى (المسيب).
الرحالة فيليب الكرملي ١0٣٩هـ – ١٦٢٥م: بلاد فارس والهند. يذكر الكرملي أنه أثناء زيارته العراق كان الصراع على أشده بين إيران والدولة العثمانية، وكانت كردستان العراقية مسرحاً للعمليات العسكرية قادها (السردار خسرو) التركي، في حين قاد زينل خان الجيش الإيراني، قد أنسحب الإيرانيين من همذان وذكر أن (السردار) داصر بغداد لكنه لم يتمكن من اجتياز سورها المنيع، وفي هذه الأثناء قتل أمير أمراء الأناضول (داود باشا). يُشير الرحالة إلى أن الحلة تحولت إلى مسرح حربي، وأن أهل كربلاء كانوا يتمنون خذلان العثمانيين الذين كانوا يسومونهم العذاب ويفرضون عليهم الضرائب. ويسوقونهم إلى حروبهم بالقوة زار (الكرملي) أثناء وجوده في العراق أطلال مدينة بابل، ومنها توجه إلى (كربلاء) ووصف أهل هذه المدينة المقدسة بالطيبة والشجاعة، وقال إنهم بكوا عندما سمعوا سقوط مسجد مكة – وعم الحزن أرجاء أهلها يبكون متصورين قرب قيام الساعة. وصف هذا الرحالة أهل كربلاء بشدة التمسك بأهداب الدين الإسلامي وقال إنهم استعدوا لشهر رمضان بأن بعثوا أوانيهم إلى المبيض لتبيضها، وشرعوا بتجهيز بيوتهم بما يلزم من سكر ورز وطحين وحبوب ثم صعد المؤذن قبل صلاة العشاء للترحيب بشهر رمضان قبل حلوله بأيام وقرأوا آيات قرآنية وذكر أنهم يتفاءلون لدى مشاهدتهم الحيات خلال السفر لأنهم يعتقدون أن أسم الحية مشتق من الحياة والبقاء وما شابه()
مقارنة مع نص فيليب الكرملي : يبدو انا هناك تشابه بين الرحالتين وخاصة بموضوع الصراع العثماني والإيراني التي كانت العراق مسرح الصراع بينهم وخاصة الحلة القريبة من كربلاء وهذا يعزز رواية تكسيرا ان الامن مفقود وان هناك اضطرابات امنية وان حالة من الكره للعثمانيين واتباعهم بسبب سياسة التعسف والقمع وفرض اتاوات غير محقة واتفقوا على ان اهل كربلاء طيبين وكرماء ويبتغون الاجر والثواب ويسقون الزوار ويضيف الكرملي بانهم شديدي التمسك بالدين الإسلامي وبالصلاة والصيام واهتمامهم بشهر رمضان وانهم تاثروا بموضوع سقوط مسجد في مكة ويقول تكسيرا كلمة قريبة منها وهي ان اهل كربلاء متعصبين والمعنى الصحيح لها انهم متمسكين بالدين الإسلامي الحنيف والتقاليد الإسلامية كما قال الرحالة الكرملي.

شارك هذا الموضوع: