سقوط النظام السوري وتأثيره على العراق.
تكمن الأهمية السياسية لموقع الدولة فيما يمنحه الموقع من ظروف معينة تستطيع الدولة أن تستثمرها لصالح قوتها على وفق القدرات البشرية المتاحة لها، وهو يعطي الدولة شخصية خاصة ويوجه سياستها نحو اتجاهات معينة، لأنه لا يؤثر في قوة الدولة فقط ، وإنما في الكيفية التي تكون عليها مصالحها الحيوية وفي الدور الذي تمارسه في الوسط الدولي، وأن دولاً ذات مساحة صغيرة قد تركت بفضل قوتها الجغرافية أثرا لم تتركه دول أكبر سعة منها تعد سوريا مركز اهتمام عالمي منذ القدم لكونها أقدم عواصم العالم، والتي جعلها محل تنافس استراتيجي كبير بالنسبة للغرب، إلا أن الاهتمام المتزايد بسوريا ينبثق أساسا من الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط والتي تقتضي تعظيم المصلحة الأمريكية بالسيطرة على منابع الطاقة وعلى النفط وعلى وجه الخصوص كما استندت الولايات المتحدة في استراتيجيتها نحو الشرق الأوسط وتحديدا سوريا على العامل الجغرافيا – السياسة والاستراتيجية الاقتصادية حسبما تفترضه نظرية سيكمان” ، بكير ، 2022) حيث يعتبر العامل الجيوستراتيجي أهم دوافع الاهتمام الأمريكي بسوريا كإحدى دول الشرق الأوسط.(١)
ان سقوط نظام بشار الأسد في سوريا يحمل آثارًا كبيرة على العراق والعراقيين، حيث تتراوح التحديات والفرص التي قد تنشأ من هذه التطورات بين إيجابية وسلبية، مما يعكس التداخل الوثيق بين البلدين في عدة مجالات سياسية وأمنية.
من أبرز التأثيرات المحتملة سيكون على مستوى الأمن والسياسة في العراق فتح الباب أمام جماعات إرهابية لاستغلال الوضع، مما يشكل تهديدًا للأمن العراقي، خاصة في المناطق الحدودية المشتركة بين البلدين. في المقابل نجح العراق في تعزيز استقراره الداخلي وتجنب النزاعات الإقليمية، فقد تؤدي تطورات الأوضاع في سوريا إلى استقرار أكبر في العراق. ولكن هذا يتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية لضمان تجنب تدهور الأوضاع.
من جهة أخرى، أن الأقليات في سوريا، مثل الكورد، قد يكونون الأكثر تضررًا في حال تزايد الطائفية أو هيمنة نظام شمولي في سوريا. ولكن إذا انتصرت الديمقراطية في سوريا، فقد يكون لذلك تأثير إيجابي على العراق، حيث قد تجد العملية السياسية العراقية نفسها مدفوعة للطريق الديمقراطي، ما قد يعزز من استقرار المجتمع العراقي ويشجع على تطور سياسي أكثر انفتاحًا.
ويعود العلاقة التاريخية بين العراق وسوريا منذ وقت طويل تأثر بشكل كبير بالفكر البعثي،مما ساهم في تعقيد الوضع بين البلدين. العلاقات السياسية بينهما كانت دائمًا مرهونة بتطورات إقليمية، مثل تحالفات سوريا مع إيران أثناء الحرب العراقية الإيرانية، والتي انعكست على العلاقات الثنائية. ولذا فإن مستقبل العلاقة بين العراق وسوريا، بعد سقوط الأسد، سيظل محل اهتمام ودراسة دائمة.(٢)
على الرغم من أن العراق تمكن من تجنب تدخل المباشر في الصراع السوري، إلا أن بعض القوى العراقية قد تسعى للتدخل دفاعًا عن المصالح الشيعية أو لمحاربة الجماعات الإرهابية في سوريا. هذا التدخل قد يؤدي إلى تصعيد الوضع في العراق نفسه، حيث يمكن أن يفاقم التوترات الطائفية ويزيد من تعقيد المشهد السياسي والأمني في البلد.(٣)
_______________________________________________
١-مروان فجلان المسألة السورية واستقطاباها الإقليمية والدولية، دراسة في معادلات القوة والصراع في سوريا، المركز العربي للأبحاث والدراسة السياسية، مارس 2015، ص 11.
٢-حسان محمد شفيق ، ” مقومات بناء الدولة في العراق والإمكانات والتحديات ( ” مجلة العلوم السياسية ، كلية العلوم السياسية ، جامعة بغداد .كانون الثاني / حزيران ۲۰۰۷، ص1۲۸
٣-https://2u.pw/H81EMS